أصدرت نقابات الصحافيين والمهندسين والمحامين المصريين بيانا مشتركاً بشأن معامل التحاليل الطبية، بسبب احتكار شركات متعددة الجنسيات لجزء كبير من القطاع الصحي في مصر، ودور الإمارات في خلق كيان احتكاري، يتحكم في أسعار الخدمات الطبية.

وأوقفت النقابات الثلاث تعاملها مع عدد من معامل التحاليل في مصر، وأعلنت في بيانها إنهاء تعاملها مع سلاسل معامل التحاليل المختبر وألفا والبرج، بسبب رفع أسعار التحاليل على أعضاء النقابات الثلاثة، إضافة إلى رفع الأسعار على المواطنين غير المنتمين للنقابات إلى 6 أضعاف.

وقال خالد البلشي، نقيب الصحافيين المصريين، إن القرار جاء ردا على ممارسات احتكارية في مجال الخدمة الصحية، وقال إن بعض السلاسل الطبية تبيع الخدمة للمواطنين بأكثر من 5 لـ 10 أضعاف تكلفتها، وتحاول فرض شروطها على مختلف الجهات، وترفض أي تفاوض اجتماعي لتحسين أسعار الخدمة أو شروط تقديمها بما يؤسس لاستفرادها بنا جميعًا.

وتابع في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك: أعتقد أنه صارت هناك ضرورة لدخول قوى المجتمع المختلفة في مفاوضات حقيقية من أجل الوصول لأسعار مناسبة دون مغالاة، وكذلك من أجل الحفاظ على منافسة حقيقية بالسوق تحمي كل مقدمي الخدمة وتضع شروطا عادلة للتنافس وتقديمها في أفضل صورة وبتكلفة عادلة بما يحمي حقوق المواطنين ويحافظ على التنوع وتطوير الخدمات.

وتابع: لا بد من العمل معاً لتقليل مخاطر هذه الممارسات فالصمت عليها سيعظم الخسائر من عام لآخر بأكثر مما نتوقع جميعاً، ضد الممارسات الاحتكارية في سوق الخدمة الصحية ومع تأسيس جماعات ضغط وتفاوض مجتمعي لحماية حقوقنا جميعًا، ربما هذا نوع من المعارك يتوجب علينا خوضه من أجل حماية حقوقنا جميعا من تغول أي طرف.

رفض مصري لاستحواذ شركات إماراتية

وكانت نقابة الأطباء المصرية قد أعلنت رفضها لاستحواذ شركات إماراتية على القطاع الصحي في مصر، خاصة معامل التحاليل والأشعة، الأمر الذي خلق كيان احتكاري، يتحكم في أسعار الخدمات الطبية.

وأشارت النقابة إلى شركة أبراج كابيتال متعددة الجنسيات، ولا أحد يعلم لمن تعود عوائد استثمارها، وتساءلت عن سبب استحواذ الشركة على المؤسسات الطبية المقامة بالفعل، ولم تحاول إنشاء مستشفى أو مؤسسة طبية جديدة لها.

وتابعت: هذه الشركة تستحوذ على نصف معامل التحاليل في مصر، ولا نعلم الهدف من هذا الاستحواذ، لكن الأطباء يستشعرون الخطر من هذا الفعل.

وطالبت النقابة مؤسسة الرئاسة بإصدار تشريع لحماية المجال الطبي من الاحتكار، حتى لا يصبح عائقا أمام التأمين الطبي الخاص بالمواطن.

واقتحمت شركات إماراتية خلال السنوات الماضية، قطاع الرعاية الصحية في مصر، واستحوذت على نسب كبيرة من هذا القطاع، وما زالت توسعات تلك الشركات مستمرة في الاستحواذ، إلى جانب السعي لتأسيس كيانات جديدة، في محاولة للسيطرة على حصص مؤثرة بالسوق.

فقد سيطرت شركة "أبراج كابيتال" على سلسلتين من أكبر سلاسل معامل التحاليل وهما البرج الذي تضم 926 فرعا و55 معملا بيولوجيا، ومعامل «المختبر» التي تضم 826 فرعا في كافة المدن والمراكز المصرية، قبل أن تتنازل عن حصتها لشركة أخرى، عبر سلسلة من عمليات توزيع وتبادل الأسهم، في شركات مسجلة في ملاذات ضريبية آمنة.

وبدأت سيطرة الشركة الإماراتية على معامل التحاليل في مصر منذ عام 2008، عندما استحوذت مجموعة أبراج كابيتال ضمن شركة التشخيص المتكاملة على معمل البرج، وفي عام 2012 استحوذت على معمل المختبر عبر نفس الشركة.

كما استحوذت الشركة نفسها على العديد من الشركات والمنشآت الصحية، الأمر الذي حولها من مجرد مستثمر إلى محتكر لهذا القطاع، الذي يخدم الملايين من المواطنين، وشملت عملية الاستحواذ شراء 12 مستشفى خاصا أبرزها القاهرة التخصصي وبدراوي والقاهرة وكليوباترا والنيل والكاتب، بجانب شركة آمون للأدوية.

وتأسست شركة التشخيص المتكاملة، عبر سلسلة من الاستحواذات، أجرتها مجموعة أبراج كابيتال، في السوق المصري، بدأت عام 2008 بشراء 76.9% من سلسلة معامل البرج وارتفعت إلى 99.3% بحلول 2012، وهو نفس العام الذي استحوذت فيه على 99% من معامل المختبر.

ونتج عن هذين الصفقتين التي بلغت قيمتهما الإجمالية 2 مليار و44 مليون جنيه، سيطرة أبراج على نصف سوق التحاليل الطبية الخاصة في مصر، حسب بيانات الشركة.

وفي عام 2016، تخارجت أبراج كابيتال من شركة التشخيص المتكاملة القابضة، بعد أن ساعدت في خلق كيان شبه احتكاري يتحكم في الأسعار، ومسيطر على نحو 50% من سوق التحاليل الطبية، فضلا عن الأشعة، وخدمات طبية أخرى.

وتسيطر الشركة حالياً على معامل البرج، المختبر، البرج سكان، ميجا لاب، ومركز الجينات الطبية، كما تشمل أنشطتها الطبية شركة وياك للأدوية ومجموعة عيادات غولدن كير.

وبفضل قدراتها المالية، وتوسعاتها في محافظات ومدن مصر، تمكنت الشركة من التفرد ببعض التحاليل الطبية التي تحتاج أجهزة باهظة الثمن مثل بعض أنواع تحاليل الغدد، ما يجعل الأطباء يوجهون مرضاهم لمراكز التحاليل التابعة لها.

وخدمت التشخيص المتكاملة 6.2 مليون مريض في مصر خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي، يمثلون 94% من المرضى الذين تلقوا خدماتها في مختلف الدول.

وتعد مصر حسب بيانات الشركة، أعلى دولة ارتفعت فيها هامش الربحية من إيرادات الشركة قبل مصروفاتها خلال أول 9 أشهر من عام 2024، مقابل الفترة نفسها من عام 2023، إذ زادت النسبة 35 % في مصر.

واستحوذت شركات إماراتية أخرى على معامل مصرية أخرى كان آخرها شركة بريميم هيلث كير جرول، التي نجحت في السيطرة على 5 شركات ومعامل بقيمة 1,4 مليار جنيه، ما أدى إلى احتكار الشركات الإماراتية لسوق التحاليل الطبية في مصر وتحكمها في تحديد أسعار الخدمات المقدمة للمصريين.

كما قامت مجموعة المركز الطبي الجديد الإماراتية، بشراء مركز الإسكندرية للخدمات الطبية، وسعت للاستحواذ على شركة ألاميدا القابضة، التابعة للدكتور فهد خاطر، والتي تمتلك حصصا مؤثرة بمستشفى السلام الدولي في المعادي ومستشفى السلام الدولي في القطامية، ومستشفى دار الفؤاد في السادس من أكتوبر، ومستشفى دار الفؤاد مدينة نصر، إلى جانب معامل يونى لاب للتحاليل الطبية وشركة إلكسير للمناظير.

شكوى في مجلس النواب المصري

من جانبه، تقدم عضو مجلس النواب المصري عبد المنعم إمام، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار، بشأن: "غياب الرقابة على منظومة التحاليل الطبية وتأثيرها على صحة المواطنين".

وقال إمام، في طلبه، إنه استنادا إلى تقارير صحافية وأبحاث ميدانية، بالإضافة إلى الأزمة بين عدد من النقابات المهنية وعدد من مقدمي خدمة التحاليل الطبية، تبين احتكار 3 سلاسل كبرى للسوق، وتتحكم في أسعار التحاليل الطبية وتفرض أسعاراً باهظة على المواطنين دون رقابة فعالة.

وأضاف: "تبين تفاوت الأسعار، حيث هناك اختلاف كبير بين أسعار التحاليل في المعامل الكبرى الممنوحة لأكثر من جهة، بجانب الفجوة الكبيرة في الأسعار بينها وبين المعامل الأقل شهرة؛ مما يثير الشكوك حول عدالة الأسعار وجودة الخدمات المقدمة".

وتابع: "اتضح تسريب بيانات المرضى، حيث تم الكشف عن استغلال بعض المعامل بيانات المرضى بشكل غير قانوني، بما يشكل تهديدا لخصوصية المواطنين".

وطالب إمام، بتوضيح آليات وزارة الصحة للرقابة على المعامل الطبية، وخاصة المعامل الكبرى التي تتوسع بإنشاء فروع لسحب العينات فقط، وإعلان إرشادات واضحة لتحديد أسعار التحاليل الطبية وفتح السوق للمنافسة بشكل أوسع بما يضمن العدالة لجميع المواطنين.

كما طالب بإنشاء نظام رقابي دوري؛ للتأكد من جودة الخدمات الطبية ومنع استغلال بيانات المرضى، متسائلاً: ما خطة وزارة الصحة للتعامل مع المعامل غير المرخصة".