كشف موقع "بزنس إنسايدر" الأمريكي، المتخصص، عن الدور التي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد فوضى "الربيع العربي" في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبح بمقدور الإمارات "فرد عضلات" قوتها العسكرية، "وما كانت ذات مرة أمةً لها وجود محدود على الساحة الدولية، باتت تكتسب اليوم الأسلحة المتطورة، وتأسس لخدمة عسكرية عالمية، وتوسع أسطولها من الطائرات المقاتلة والمركبات الثقيلة"، على حد وصفه الموقع الأمريكي.
وتابع الموقع الإخباري المتخصص تقريره، بالقول "وقد أثبتت هذه الدولة، التي فيها أقل من 10 مليون مواطن فقط، أنها على استعداد في كثير من الأحيان لاستخدام قوتها العسكرية في جميع أنحاء المنطقة"، وجاءت أكبر إشارة إلى هذا في شهر أغسطس، عندما تعاونت دولة الإمارات العربية المتحدة مع مصر في قصف الميليشيات الإسلامية المتنافسة من أجل السيطرة على العاصمة الليبية.
وأوضح التقرير، "مساهمت دولة الإمارات بـ 12 طائرة خلال الحملة الدولية التي ساعدت في الإطاحة بالديكتاتور الليبي، معمر القذافي، في عام 2011. وأيضًا في نفس ذلك العام، ساهمت هذه الدولة بقواتها في القوة متعددة الجنسيات التي سحقت الانتفاضة السلمية في البحرين، وهي تشارك الآن في عمليات التحالف الدولي العسكرية ضد “الدولة الإسلامية”.
وأشار إلى دولة الإمارات العربية المتحدة جاءت في المرتبة 15 من حيث أعلى المنفقين العسكريين في العالم لعام 2013، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وقد تضاعف الإنفاق العسكري الإماراتي تقريبًا في السنوات العشر الأخيرة، وبعد المملكة العربية السعودية، تتمتع هذه الدولة بثاني أكبر ميزانية دفاع بين دول الخليج الغنية بالنفط، وهي الميزانية التي تبلغ أكثر من 14 مليار دولار، كما إنها على الطريق لتصبح ثالث أكبر مستورد للدفاع في العالم في عام 2015.
وتعد شبكة المدن الإمارتية، التي تشمل إمارتي دبي وأبو ظبي، بحسب تقرير الموقع، القوة العسكرية الصاعدة في الشرق الأوسط الآن. وقد دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة توسعها العسكري بسياسة خارجية حازمة ومستقلة.
وأضاف الترير "فلا مصر، ولا دولة الإمارات العربية المتحدة، أبلغتا الولايات المتحدة بالضربات الجوية المعادية للإسلاميين في ليبيا، وهي الهجمات التي قالت وكالة فرانس برس للأنباء إنها: “تشير إلى خطوة نحو قيام الدول العربية الإقليمية، التي سبق وخاضت الحروب بالوكالة في ليبيا وسوريا والعراق في صراع على السلطة والنفوذ، بالأعمال بطريقة مباشرة”.
وفي الوقت نفسه، تعمل الولايات المتحدة مع دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها حليفًا في الحرب ضد داعش. وهي واحدة من خمس دول عربية مساهمة في الجهود العسكرية ضد الجماعة، وهي تستضيف المقاتلات الأسترالية على أراضيها. كما إن الولايات المتحدة لديها أيضًا طائرات في قاعدة الظفرة الجوية، خارج أبي ظبي".
مضيفا في هذا الصدد أن "الإمارات تشارك أيضًا في جهود المخابرات لمواجهة توسع داعش. وفي الأسبوع الماضي، حذر وزير خارجية البلاد، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، من وجود صلة محتملة بين داعش وتنظيم الشباب التابع لتنظيم القاعدة في منطقة القرن الإفريقي".
وأشار التقرير، إلى دخول الإمارات ومصر، والمملكة العربية السعودية، والكويت، أيضًا في محادثات لتشكيل ائتلاف “لا يهدف إلى التدخل في العراق أو سوريا، ولكن إلى التصرف بشكل منفصل لمعالجة بؤر التوتر الأخرى للمتطرفين”، بحسب وكالة أسوشيتد برس. وتشمل النزاعات الناشئة التي ذكرها مسؤولون عسكريون مصريون مجهولون، كل من ليبيا، واليمن، حيث سيطرت الميليشيا الشيعية الموالية لإيران على العاصمة.
ويشير التقرير إلى نقطة أن "إيران تساعد فعلًا في تفسير سبب قيام الإمارات بتوسعة قوة جيشها بهذه السرعة. حيث يعتقد معظم الناس بأن دولة الإمارات العربية المتحدة هي قوة اقتصادية، وذلك لأن دبي تعتبر مركزًا تجاريًا عالميًا ولأن لدى الإمارات احتياطيات من النفط والغاز جنبًا إلى جنب مع بعض من أنشط الموانئ في الشرق الأوسط؛ ولكن هذه الدولة أيضًا هي قريبة جدًا من إيران، وبين الدولتين عدد من النزاعات الحدودية المعلقة بالفعل".
وأشار التقرير إلى إن شراء الإمارات لسفن جديدة ولطائرات F-16 مقاتلة من الولايات المتحدة، والتي تضم بعضًا من الإصدارات الأكثر تقدمًا من الطائرات المستخدمة في أي مكان في العالم، واهتمامها بشراء مقاتلات F-35 من الجيل الخامس، قد يعطيها التفوق العسكري النوعي على جارتها الأكبر من ذلك بكثير من الناحية الجيوسياسية.
ويضيف، "ومن الممكن أيضًا أن تستخدم الإمارات العربية المتحدة هذا التراكم في قوتها العسكرية لعرض مزيد من السلطة، والتنافس بشكل أكبر للحصول على مزيد من الهيبة في المجتمع العالمي الأوسع. وقد يفسر هذا أيضًا لماذا تقوم أبو ظبي بمحاولة استكشاف الفضاء. حيث إنه، وفي يوليو، أعلنت البلاد أنها ستنشأ وكالة فضاء بحلول عام 2021، وتخطط لإرسال مسبار إلى المريخ".
كما يتطرق التقرير إلى خيار أن الإمارات "قد تفكر بطريقة أقرب إلى الوطن أيضًا. حيث أثبت الربيع العربي أنه ليس هناك أي قادة في المنطقة في مأمن تمامًا من الاضطرابات الداخلية، وأثبت أن المناخ السياسي والأمني في الشرق الأوسط من شأنه أن يتغير بطرق لا يستطيع أحد تقريبًا التنبؤ بها".
منوها إلى استخدام دولة الإمارات درجة من القمع الداخلي لترسيخ وضعها في هذه المنطقة غير المستقرة، وقامت باعتقال العشرات من النشطاء الإسلاميين، ونفي الأصوات العلمانية المعارضة، مثل ناشط الربيع العربي، إياد البغدادي".
ويرى الحكام المحافظون في البلاد، بحسب ما جاء في التقرير، أن "الإسلاميين يشكلون تهديدًا لنظام الدولة القائم في الشرق الأوسط، وهو ما يفسر رغبة دولة الإمارات العربية المتحدة بتنفيذ ضربات جوية ضد المتشددين في ليبيا وسوريا، وعداءها تجاه الأحزاب الإسلامية في الداخل.
وعلى الجبهة الداخلية أيضًا، اقترحت دولة الإمارات العربية المتحدة التجنيد الإلزامي في شهر يونيو الماضي للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18-30 عامًا".
ويختم التقرير بالقول أن "دولة الإمارات العربية المتحدة هي أوتوقراطية في الوقت الذي لا تبدو فيه أي من أنظمة الحكم في الشرق الأوسط آمنة تمامًا. إنها بلد مزدهر إلى حد ما في المنطقة، حيث يمكن أن تنشأ التهديدات دون سابق إنذار. ومن خلال العسكرة السريعة، والسياسة الأمنية الحازمة، تسعى هذه الدولة للحفاظ على تفوقها في هذه البيئة التي تتغير بطريقة غير متوقعة".