بدأ الهبوط الحاد لأسعار النفط في العالم، يعطي نتائج غير اقتصادية حساسة، وسط المجتمع الخليجي الذي تعتمد حكوماته على النفط في ارفاد خزائن الحكومات.
بعد أن فسَّر العديد من المراقبين سبب الانخفاض بمحاولات دول مجلس التعاون، بخاصة السعودية الضغط على إيران، وإلحاق الخسائر بها كي تغير سياستها في المنطقة، ظهر أن الضغط لم يأت بنتيجة بحسب رأي البعض، كما أن التفسير الذي رجّح الضغط على روسيا بتهاوي الأسعار لتوقف دعمها للنظام في سوريا، لم يحدث.
بوادر الخلاف الخليجي حول مسألة النفط، بدأت تطفو على السطح إثر تصريحات لوزير المالية الكويتي التي قال فيها: "إن الكويت ستسجل عجزا في موازنة العام المقبل، وإن الحكومة قد تلجأ للاقتراض من الاحتياطي العام"، ثم تلا تلك التصريحات نشر مقال في صحيفة "العرب" اللندنية الممولة من دولة الإمارات، والذي يهاجم كاتبه سياسة تهبيط أسعار النفط، موضحاً أن الخاسر الأكبر هي الدول الخليجية.
المقال الذي لاقى رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج، اعتبره البعض رفضاً إماراتياً ضمنياً لتلك السياسة بعدالاستياء الكويتي.
وقال الكاتب غنيم الزعبي في مقاله إنه رغم الهبوط الحاد في أسعار النفط "ما زال قاسم سليماني رئيس الحرس الثوري الإيراني يبسط هيمنته على العراق، وما زال حزب الله يسند نظام بشار الأسد لكي لا يقع؛ مستفيدا من الدعم الإيراني".
وأضاف: "ومازال الحوثيون يحتلون صنعاء ويتحكمون باليمن. ولم يتغير موقف روسيا من الحرب الأهلية في سوريا قيد أنملة، فما زالت تدعم بشار بالأسلحة وبالخبراء وبالتصدي لأي محاولة أممية لإسقاطه".
ويرى كاتب المقال أن المستفيد الأكبر كانت أمريكا، حيث كسبت ما يقارب 100 مليار دولار، وانخفضت أسعار الشحن؛ ما وفر أموالا طائلة للشركات في فواتير الشحن، وهذا بدوره زاد من التبادل الاقتصادي بين الولايات وساعد في ازدهار الاقتصاد، وهذا تبعته زيادة في الضرائب التي تجنيها الحكومة الأميركية من تلك الشركات.
وتساءل الزعبي: "ربحت أميركا كثيرا، فهل وقعنا في الفخ؟"، مضيفاً أن الإجابة تحتاج أعتى المحللين، لكن السؤال الأهم: "هل نستطيع الخروج من هذه الحفرة التي حفرناها لأنفسنا؟ لا أعتقد ذلك؛ فقد ذاق العالم طعم النفط الرخيص وتعوَّد عليه، بل واستغلت دول عديدة منها الولايات المتحدة ذلك لملء مخزونها النفطي مستفيدة من رخص أسعاره".
وأوضح: "أخطأ البعض حين راهن على شعوب بعض الدول أنها ستنتفض وتخرج إلى الشارع ضاغطة على حكوماتها بسبب انخفاض أسعار النفط، فشعوب إيران وروسيا لا تعتمد كثيرا على الحكومة في رزقها اليومي بحكم اقتصادها العملاق والمتنوع، عكس الشعوب الخليجية التي ترعاها الحكومة".
وهوت أسعار النفط إلى النصف تقريبا خلال الشهور الست الماضية، إذ طغت زيادة انتاج النفط الصخري الخفيف عالي الجودة في أمريكاالشمالية على الطلب.