تكتسب تونس رمزية خاصة كونها شهدت ميلاد الربيع العربي، غير أنه يبدو أن شهادة وفاة ذلك الربيع الأبيض كتبت هناك أيضًا، وذلك في بداية فصل شتاء ساخن يلقي بظلاله على المنطقة بشيء من القلق والغموض تجاه عمليات تغيير متسارعة وتحالفات جديدة.  

ورغم بعد المسافة بين تونس والخليج، إلا أن بعض دوله مثل السعودية والإمارات أخذت على عاتقها وأد ثورات الربيع العربي في مهدها، وشنت حربًا مفتوحة في جميع دوله وعلى جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، وهو ما شاهده العالم في تورط الرياض وأبوظبي بدعم الانقلاب العسكري بمصر، وإعادة نظام بن علي في تونس.

الإمارات كان لها دور خاص في تونس، وراهنت على قوى الثورة المضادة هناك، التي يمثلها حزب "نداء تونس" الذي يقوده "الباجي قائد السبسي" أحد أبرز الوجوه السياسية في نظام "بن علي" والذي فاز في انتخابات الرئاسة أمس (22|12).

موقع "ميدل إيست آي" خصص تقريرًا عن مشوار السبسي السياسي، وأشار فيه إلى التقاء أهدافه مع سعي الإمارات التي استقبلته مع عدد من قيادات حزبه أكثر من مرة في أبوظبي، وتلقيه مبالغ مالية وهدايا (سيارات مصفحة) عن طريق السفارة الإماراتية في تونس.

موقع "وبدو" الإخباري التونسي الصادر باللغة الفرنسية أكد أن "هدية" الإمارات للسبسي تخالف قانون الانتخابات وتبطل ترشح السبسي من الأساس، وفقًا للمادتين 19 و20 من قانون تنظيم الحياة السياسية، الذي نص على حظر التمويل المباشر وغير المباشر من أي جهة أجنبية.

الموقع قرأ محاولات الإمارات التدخل في الشأن التونسي على أنها محاولة لوأد الثورة التونسية، للمساعدة في القضاء على الجماعات الإسلامية بليبيا، وتمكين اللواء خليفة حفتر من إنجاح انقلابه هناك، وينبع هذا من إدراكها أن نجاح الثورة في تونس والإسلاميين في ليبيا يشكل خطرًا على الانقلاب في مصر، الذي تدعمه وتسعى لتثبيته يومًا بعد آخر.

وأضاف الموقع أن رهانات أبوظبي لا تقتصر على تأليب الجهات العربية ذات المصلحة فحسب، بل إنه يوجد لها اتصالات أخرى مع جهات غربية أهمها في الملف التونسي، هي فرنسا التي تنظر بعين التوجس إلى حركة النهضة التي حلت في المركز الثاني بالانتخابات التشريعية، وخاصة أن النهضة ترفض سياسات فرنسا في إفريقيا وتحديدًا في مالي.