رأى موقع "ميدل إيست مونيتور" الأمريكي أن نقص المساعدات الخليجية لمصر يعمق أزمات اﻻقتصاد المصري المتداعي ويزيد من جراحه.
وأوضح الموقع بأن المساعدات تراجعت لأن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية لم تكن داعمة للسيسي بقدر ما كانت تسعى للتخلص من نظام اﻹخوان المسلمين وهو ما انعكس فيما بعد على حجم المساعدات، ما أكد تصريحات سابقة لمسؤولين خليجيين بأن دعمهم لمصر لن يستمر طويلا.
وأفاد الموقع أن المساعدات الخليجية بدأت مع إعلان المملكة العربية السعودية تقديم حزمة مساعدات للقاهرة فور عزل المؤسسة العسكرية الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو 2013.
وأشار إلى أن الرياض قدمت ما إجمالي قيمته 5 مليار دولار مقسمة بين وديعة بنكية بقيمة 2 مليار دولار وشحنات نفطية كبيرة تصل قيمتها إلى 2 مليار دولار وكذا سيولة نقدية تقدر بمليار دولار.
وبين الموقع في تقرير له اليوم الأربعاء (31|12) أن الإمارات انضمت إلى السعودية في منح مصر مساعدات تصل قيمتها إلى مليار دولار ووديعة مصرفية قيمتها 2 مليار دولار فضلا عن 4,9 مليار دولار للبدء في مشروع خدمي، قبل أن تأتي الكويت هي الأخرى لتمنح مصر مساعدات تصل إلى 4 مليار دولار.
وذكر التقرير ما جاء في تقرير "بنك أوف أمريكا" الذي قال إن إجمالي المساعدات التي تعهدت بها الدول الخليجية الثلاث لمصر بلغت 20,8 مليار دولار خلال العام المالي الماضي، غير أن القاهرة لم تحصل سوى على 18 مليار دولار فقط من قيمة هذه المساعدات.
وأضاف الموقع أن تقرير البنك أيضاً توقع أن ترتفع المساعدات الخليجية لمصر في أعقاب الانتخابات الرئاسية بغرض المساهمة في استقرار الاقتصاد المصري وإخراجه من عنق الزجاجة، موضحا بأن مصر بحاجة إلى 12 مليار دولار خلال العام المالي للمحافظة على احتياطها من النقد الأجنبي في البنك المركزي.
ونقل الموقع عن عمر الشنيطي، المدير التنفيذي لمجموعة " مالتي بلاس" Multi Plus الاستثمارية قوله إن: "الدعم المالي المقدم من الخليج لمصر لم يتوقف، لكنه انخفض بدرجة كبيرة".
وتابع الشنيطي أن " تلك المساعدات جاءت بصفة أساسية لأغراض سياسية. فالدول الخليجية، باستثناء قطر قدمت مساعدات لمصر للتخلص من نظام جماعة الإخوان المسلمين الذي حكم مصر لعام واحد. ومع ذلك، لم تقدم أي من الرياض وأبو ظبي والكويت أية مساعدات للقاهرة إبان فترة حكم مرسي. ويتضح جليا في واقع الأمر أن تدفق تلك الأموال الخليجية على مصر لم يكن ليستمر."
من جهته، عمرو عدلي، الباحث في مركز كارنجي للشرق الأوسط نقل عنه الموقع الأمريكي قوله إن " الانخفاض في المساعدات الخليجية لمصر انعكس بالفعل في ظاهرتين: نقص الأموال الممنوحة للقاهرة والوعود المتعلقة بتقديم الدعم والتي لم يتم الوفاء بها".
وأضاف: "الدول المانحة لا يمكنها أن تضمن النقل المناسب للأموال التي تقدمها".
ونوّه الموقع أن التراجع في المساعدات الخليجية لم يكن أمرا مفاجئا للسلطات المصرية، حيث صرحت الإمارات على لسان وزير خارجيتها منصور بن زايد ال نهيان في أكتوبر من العام 2013 بأن "الدعم العربي لمصر لن يستمر طويلا".
وتتباين أراء الخبراء الاقتصاديين حول تأثير التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية على الدعم الخليجي للمشروعات في مصر، فوفقا لـ الشنيطي، سيؤثر هذا التراجع تأثيرا عكسيا على الدول الخليجية ومن ثم المشروعات الاستثمارية التي تسهم بها في مصر.
غير أن عدلي ذهب إلى أنه من المبكر جدا الحديث عن تداعيت الأزمة النفطية على الاقتصاد المصري، مفسرا ذلك بأن فائض رؤوس الأموال الخليجية ضخم جدا (يتراوح ما بين 2 و3 تريليون دولار) بما يحول دون تأثره سلبا بالانخفاض في أسعار النفط.
وحث عمر الشنيطي الحكومة المصرية بضرورة العدول عن فكرة إطلاق المشروعات الوطنية العملاقة التي تمتص السيولة النقدية من السوق، لكنها تحقق عائدات على المدى الطويل، مؤكدا أن تلك ستكون خطوة أساسية على الطريق.
كما طالب الحكومة أيضا بإدراك الحقيقة القائلة بأن الاستثمارات الأجنبية والسياحة تعتمد اعتمادا كليا على الاستقرار الأمني، داعيا إياها إلى الإسراع في إبرام الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي للحصول على التمويل والعملة الصعبة اللازمة لحماية الجنيه المصري وكسب الثقة الدولية.