أكد محللون اقتصاديون أن التسريبات الأخيرة المنسوبة لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وبعض كبار معاونيه، ويتحدث فيها عن السعودية ودول الخليج بألفاظ وصفت بأنها تقلل من قيمة واحترام هذه الدول وتنال من سيادتها، ستكون عاملاً جديداً لتخوف المستثمرين السعوديين من دخول السوق المصرية، كونها تضيف المزيد من الضبابية على المشهد الاقتصادي المصري المتأثر بالأوضاع السياسية المضطربة في البلاد.
وفيما استبعد المحللون أن تتأثر المعونات الرسمية التي تقدمها السعودية لمصر بسبب التسريبات، أكدوا أن رجال الأعمال ستكون لهم حساباتهم الخاصة في هذا الأمر.
وأكد المحلل المالي، فضل البوعينين، أن هناك تخوفا من رجال الأعمال السعوديين بعد التسريبات الأخيرة، إلا أنه يرى أن العلاقة الاقتصادية طالما قامت على الأنظمة والقوانين، فهي ستكون ملزمة للطرفين.
وشدّد البوعينين على أن الوضع يختلف عند الحديث عن استثمارات رجال الأعمال الخاصة، مقارنة بالدعم الرسمي، وقال "في أي دولة غير مستقرة تكون تدفقات الاستثمارات الاقتصادية فيها ضعيفة، وعندما تستقر سترتفع تلك الاستثمارات، لهذا المستثمر يركز كثيرا على هدف الأمان لاستثماراته بمعزل عن الموقف الحكومي".
وحسب إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار المصري الحكومية، بلغت الاستثمارات السعودية في مصر عام 2013 نحو 23.2 مليار دولار.
وأوضح البوعينين أن الاستثمار في مصر مجد في حالة استقرار الأوضاع بها أكثر من اليونان مثلا، ويرى أن ما حدث لا يرقى في النواحي الاقتصادية إلى مستوى الأزمة".
وأضاف "في زمن المخلوع حسني مبارك كانت الاستثمارات السعودية في مصر في أوجها، واستمرت في عهد مرسي"، ويتابع "المناخ الاستثماري الأجنبي يعتمد على الأمان الاستثماري في الدولة المستهدفة".
وأكد أنه لا يمكن أن تمس السعودية بحجم المعونات التي قد تقدمها لمصر مستقبلا، بسبب هذا التسريب، قائلاً "العلاقات الاقتصادية بين الدول لا تقوم على المشاعر الفردية أو مجرد ردود الأفعال، بل تعتمد على العلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح".
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي ورئيس المركز السعودي للاستشارات والبحوث الاقتصادية، ناصر القرعاوي، ، أن انتقال السلطة في السعودية للملك سلمان بن عبدالعزيز لن يغير شيئاً من واقع دعم السعودية الرسمي لمصر، ولكنه شدّد على أن وضع الاستثمار الخاص سيكون مختلفا، لأن رجل الأعمال سيستثمر برغبته، ولا تستطيع الدولة أن تجبره على شيء.
وتابع "حتى ولو كانت الأوضاع السياسية بين السعودية ومصر جيدة، فالوضع الاقتصادي سيكون مرهوناً بالجانب الأمني، فمصر لا تزال على صفيح ساخن حتى قبل هذه التسريبات، فالمستثمر الأجنبي حتى ولو كان سعوديا لن ينجرف وراء الفرص المتاحة له، وهو يرى أن هناك إشكاليات في حماية استثماراته، فما حدث من مشاكل سابقة بين المستثمرين والحكومة المصرية يتسبب في قلق السعوديين".