قالت النشرة الأسبوعية “ميدل إيست بريفنج” Middle East Briefing المتخصصة في الدراسات الشرق أوسطية، إن إشارات وجود “نظام إقليمي جديد في منطقة الشرق الأوسط” باتت أكثر وضوحًا، بعد زيارة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض مؤخرًا.
وتحت عنوان: “دور السيسي المرسوم: التحالف السعودي الأمريكي الجديد بالشرق الأوسط“، قالت النشرة إن “مصر تلقت طلبات لتخفيف قبضتها على “الجماعة”، متوقعة مشكلات محتملة في علاقة القاهرة بالرياض”.
وكشف التقرير عن طلب كل من الولايات المتحدة والقيادة الجديدة في الرياض من مصر الانضمام إليهما في إدراج جماعة الإخوان، ضمن مفهومها، وهو ما أصاب الرئيس المصري بالدهشة والذهول، مشيرا لأنه طُلب من مصر صراحة تغيير سياستها المتمثلة في تضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين، وعلاوة على ذلك؛ طُلب من مصر التوصل إلى اتفاق معهم وضمهم للعملية السياسية.
وتوقع -بناء على ذلك- أن تحدث مشكلات محتملة في العلاقات بين القاهرة والرياض، ما سيمثل تهديدًا للسيسي الذي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة ويعتمد في المقام الأول على المساعدات المالية القادمة من دول الخليج للبقاء على قيد الحياة.
وأشار “ميدل إيست بريفنج” إلى أنه “لم تكن الشروط المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين هي العقبة الوحيدة، حيث إنه لتحسين العلاقات مع جماعة الإخوان؛ فإن على مصر التخلي عن مطالبها للدوحة وأنقرة بالتوقف عن مساعدة الجماعة“، أي تحسين العلاقات مع الدوحة وأنقرة.
مبادرة مصرية مضادة مرفوضة
ونوه التقرير -بحسب مصادره- إلى أن مصر عرضت “مبادرة مضادة” تقوم على تشكيل قوة أمنية عسكرية إقليمية أيضًا، ولكن من دون قطر وتركيا، على أمل أن يبطئ ذلك تصور الولايات المتحدة والسعودية البديل، ولكنه أشار إلى “التطورات في الوقت الحقيقي كانت تسير في اتجاه مختلف عن ذلك الذي تمناه الرئيس المصري“.
وشرح ذلك بتأكيد أنه: “خلال أقل من شهرين تغيرت الديناميكية في المنطقة بأكملها بشكل كبير، وبدلًا من المضي قُدمًا في المصالحة المصرية القطرية بشروط القاهرة وعلى حساب جماعة الإخوان، طُلب من القاهرة تفكيك كل قطعة في استراتيجيتها“.
وفي هذا الصدد، نوه المركز إلى أن لقاء الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، بالسيسي في 26 فبراير بعد زيارة قصيرة قام بها الأول إلى الرياض في اليوم الذي سبق لقاء “السيسي” كان هدفها، بحسب “ميدل إيست بريفنج“، محاولة تسليك وتمهيد “الأنابيب المسدودة” بين القاهرة والرياض، مشيرا لأنه كان هناك بالفعل بعض التوتر في العلاقات (بين مصر والسعودية) كما بدا واضحًا من نتائج الاجتماع بين وزيري خارجية البلدين في باريس في 25 فبراير الماضي.
وهنا يشير التقرير إلى اختلاف في رؤية القيادة السعودية الجديدة عن الأمريكية لهذا النظام الإقليمي الجديد، فواشنطن تعطي الأولوية لكبح صعود الجهاديين في الشرق الأوسط، وترى أن للإيرانيين دورًا إيجابيًا في مقاتلة “داعش“، بينما السعودية تعطي أولوية مطلقة للتهديد الإيراني ولا تشعر أن تهديد الجهاديين جدي إلا علي المدى الطويل.
ومن هنا ترى السعودية أهمية المصالحة بين مصر وكل من قطر وتركيا، لتنسيق نهج مشترك للمشاكل الأمنية الإقليمية مع دور مركزي للولايات المتحدة، ولكن هذا يتطلب حل قضيتين صعبتين هما: الخلافات بين قطر ومصر، وسياسة السيسي في الصدام الذي لا هوادة فيه مع الإخوان في مصر.
خطوة سعودية تقلب الموازين في مصر
من ناحية أخرى، وفي تقرير يؤيد نسبيًا ما ذهب إليه تقرير “ميدل إيست بريفنج“، نشرت صحيفة “صباح” التركية باللغة الإنجليزية، أمس الأربعاء، تقريرًا بعنوان: “أردوغان: خطوات سعودية ستغير الإدارة المصرية”، توقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تتخذ المملكة العربية السعودية خطوات من شأنها إحداث تغييرات في الحكومة المصرية، واصفا السعودية بأنها الدولة الأكثر تأثيرا على الشأن المصري.
وأكد أردوغان -خلال رده على أسئلة الصحفيين المرافقين له، أثناء عودته إلى أنقرة من زيارته الرسمية للرياض التي استغرقت أربعة أيام- أن مصر والسعودية وتركيا هي الدول الأكثر أهمية في المنطقة، وجميعها تتحمل المسؤوليات عن السلام والرفاهية بالمنطقة.
ووفقا لأردوغان، تتفق السعودية وتركيا غالبا في القضايا الإقليمية، رغم الخلافات التركية مع مصر، لافتا إلى أنه لا ينبغي أن تلقي هذه الخلافات بظلالها على العلاقات الثنائية بين الدولتين، مؤكدا أنه: “ينبغي تقييم القضية المصرية بشكل منفصل، فالأكثر أهمية لتركيا هو التمتع بعلاقات أفضل مع السعودية“.
ونوه أردوغان إلى أن: “موقف السعودية الرئيس بشأن القضايا الإقليمية يتداخل مع الموقف التركي، وبالرغم من بعض الخلافات حول القضية المصرية، إلا أنها لم تصل إلى الحد الذي بإمكانه التأثير على علاقاتنا، فقد اتفق السعوديون على مطالبنا بإنشاء منطقة حظر جوي ومنطقة آمنة مع سوريا“.
وترجع أكبر الخلافات في السياسة الإقليمية بين السعودية وتركيا إلى موقفهما المختلفة بشأن “الانقلاب” المصري، الذي أطاح فيه السيسي بأول رئيس منتخب ديمقراطيا محمد مرسي في يوليو 2013، على حد قول الصحيفة.