أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية عبر سفاراتها وقنصلياتها بالخارج تعميما تحت موضوع "أخذ الحيطة والحذر"، طالبت فيه مواطني الدولة بضرورة إخفاء هويتهم الإماراتية وضرورة أخذ الحيطة والحذر في ممارسة حياتهم الاعتيادية.
"الإمارات 71" حصلت على نسخة من التعميم الصادر عن الملحقية الثقافية بسفارة الدولة في لندن، تضمن "إرشادات" للإماراتيين بالخارج بضرورة الالتزام بها تفاديا "لأي خطر وذلك نظرا للأوضاع الراهنة في المنطقة"، وذلك بحسب التعميم الرسمي الذي تلقاه إماراتيون في بريطانيا.
وبرر التعميم هذا المطلب، بالحفاظ على سلامة الإماراتيين الشخصية ومرافقيهم، وذلك بالابتعاد عن "أي تظاهرات أو مجموعات أو الاختلاط بها" وذلك وفق التعميم.
و "أوجب" التعميم على الإماراتيين بالخارج، "عدم لبس الزي الرسمي أو جزء منه"، إضافة إلى "عدم استخدام اسم الدولة أو ما يرمز للدولة أو أحد منها على لوحات السيارات"، كما شددت السفارات على "عدم استخدام أو تعليق علم الدولة أو صور الشيوخ على السيارات أو المساكن".
ويرى مراقبون أن هذه التعميم يحمل عدة تفسيرات دفعت الخارجية الإماراتية إلى إصدار هذا التعميم الذي يعني "تخلي الإماراتيين" عن أحد أبرز ملامح هويتهم التي يفخرون بها وتمثل جزءا مهما من شخصيتهم أمام العالم، وفق المراقبين.
فقد رأى المراقبون، أن هذا التعميم يعبر عن "سياسة تخويف" للإماراتيين بالخارج لثنيهم عن المشاركة بأية فعاليات شعبية مدنية على غرار الوقفات السلمية التي نظمها إماراتيون الشهر في فبراير الماضي ومارس الجاري في كل من لندن واسطنبول وغيرها، للمطالبة بالإفراج عن الشقيقات الثلاث المعتقلات منذ نحو شهر ونصف في مكان مجهول، ونجاح هذه الوقفات بتسليط الضوء حقوقيا وإعلاميا على هذه القضية التي تؤرق الشارع الإماراتي، وهو ما أزعج الحكومة فدفعت باتجاه إصدار هذا التعميم.
في حين يرى مراقبون آخرون، أن الدافع وراء هذا التعميم هو "تجنيب الإماراتيين أية أعمال عدائية أو إرهابية قد تقدم عليها تنظيمات إرهابية"، وذلك نظرا لمجاهرة الدولة في التحالف الدولي ضد "داعش" ومساهمتها العسكرية الفاعلة في هذا التحالف.
وتساءل إماراتيون تلقوا هذه التعميمات عما أسموه "الحالة الأمنية" التي فرضت عليهم بالخارج وتدفعهم لإنكار هوياتهم الوطنية، معتبرين أن هذه الإجراءات تخالف تماما ما كان عليه الحال قبل بضع سنوات عندما كان الإماراتيون يسارعون لإظهار هوياتهم بزيهم الوطني وتعبيرهم عن حبهم لبلادهم برفع أعلام الدولة وصور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان.
ويستذكر بعض هؤلاء الإماراتيين السنوات السابقة التي كانت كل جنسيات وشعوب العالم العربي والإسلامي والدولي تبادر للتعرف على الإماراتيين وتعبر عن "تفاخرها" بمعرفة الإماراتيين، متسائلين عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انقلاب الصورة وحرص الخارجية الإماراتية على إخفاء هوية الشعب الإماراتي في الخارج.
ويرى جزء من الإماراتيين في الخارج أن السياسة الخارجية التي تتبعها الحكومة في ملفات عديدة بصورة "غير مناسبة" هي التي سوف تجبر الإماراتيين على إنكار وجودهم، متسائلين عن طبيعة الدور الذي تلعبه الحكومة في تلك الملفات بعد أن كانت سياسة الدولة تقوم على مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين وقيامها بدور الوسيط النزيه والمحايد الذي يحظى بقبول وتقدير واعتراف دولي وإقليمي.
ويرى فريق آخر من المراقبين، أن دعوات التنبيه الإماراتية لمواطنيها بالخارج لا يرتبط فقط بمكافحة "داعش" وإنما بما وصفوه "تدخل الدولة" في معظم الدول العربية التي شهدت ثورات عربية وقفت فيها "ضد رغبة الشعوب العربية في نيل حقوقهم وحرياتهم" وهو ما أدى إلى خلق سخط واسع لدى البعض، ما رفع احتمالية تعرض المصالح الإماراتية والشعب الإماراتي للاستهداف.
وتجاهر الدولة بوقوفها إلى جانب نظام عبد الفتاح السيسي الذي قتل من شعبه الآلاف واعتقل عشرات الآلاف، كما لا تنكر دورها في تحجيم "الديمقراطية التونسية" وكذلك الدفع باتجاه استهداف الإسلاميين في ليبيا.
واستذكر إماراتيون ما قاله الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله لقناة روتانا خليجية في نوفمبر الماضي عندما أقر أن السياسة التي تتبعها الدولة أغضبت الملايين في الشارع العربي، وأن الثمن الذي قد تدفعه مقابل ذلك كبيرا، وهو ما أكده الإماراتيون بالخارج جراء تعميمات كهذه تضطرهم لتقييد حرياتهم في الحركة والتنقل وتمنعهم من التعبير عن ذاتهم وكينونتهم الوطنية، وهو استهداف بحد ذاته تسبب به مقاربات الحكومة في تعاملها مع الأوضاع الراهنة التي تعيشها المنطقة، حسب تأكيد المراقبين.