قال الخبير الإسرائيلي لشؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، بروفيسور آيال زيسر، إن المملكة العربية السعودية باتخاذها قرار بدء عملية "عاصفة الحزم" قد قامت بما لم تتجرأ إسرائيل على القيام به منذ زمن في حدودها الشمالية مع لبنان؛ أي منع إيران من إقامة قاعدة بالقرب منها.
و قال زيسر، في تحليل نشر بصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، إن تشكيل التحالف بقيادة السعودية ومصر من أجل وقف التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، والحيلولة دون تحوّل اليمن لقاعدة إيرانية في مواجهة القاهرة والرياض، يدل على استيقاظ عربي شامل لم يشهد له مثيل منذ سنوات طويلة.
ويرى زيسر أن هناك أسباباً كثيرة من بينها اثنان رئيسيان دفعا المملكة إلى اتخاذ هذا القرار. والأول هو شعورها بالتهديد الإيراني القريب، الذي دفعها إلى التحرك قبل فوات الأوان، لاستمرار تعزيز قوتها بجانب حدودها. وهو ما لم تفعله إسرائيل عندما بدأت إيران بدعم "حزب الله" اللبناني، وبإقامة قواعد عسكرية وخط هجوم ضد إسرائيل من الحدود الشمالية، وهو ما يعتبر تهديداً دائماً ومستمراً.
أما السبب الثاني بحسب زيسر فهو خيبة الأمل من الولايات المتحدة، وشعور السعودية وحليفاتها بأن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر إيران مصدراً للمتاعب في الشرق الأوسط، بل ترى فيها حليفاً لقتال تنظيم "الدولة" والقاعدة في اليمن وأماكن أخرى.
وفي ظل الجهود المبذولة لبلورة الاتفاق النووي فإن المملكة العربية السعودية أدركت أن أمريكا مستعدة للتسليم بالدور الإيراني في العراق وسوريا، وأن مشكلة اليمن الأساسية حالياً هي تنظيم "الدولة" وتنظيم "القاعدة"، وليس جماعة الحوثي والانقلاب على النظام المنتخب. وهذا يناقض قناعات الدول العربية وحليفاتها؛ إذ يرون أن التهديد الأساسي في اليمن هو جماعة الحوثي وخطورة تحويل اليمن لدولة أخرى موالية لإيران.
ويضيف الخبير أن جو التجدد في العالم العربي هو ثمرة تولي الملك سلمان، المعروف باهتمامه ونشاطه، إلى جانب تكليفه لابنه الشاب الأمير محمد بن سلمان بمهام مفتاحية في سدة الحكم بالسعودية، مما أدى لنشوب رياح جديدة لم يعرفها العرب من قبل. ويعتبر أن هذا التغيير ينبئ بشرق أوسط جديد فيه الحكام العرب يجرؤون على أخذ زمام المبادرة والوقوف بوجه التحدي الإيراني والفوضى العارمة بالمنطقة.
من ناحية أخرى يرى زيسر أن المملكة وحليفاتها يدركون التحديات التي تكمن في القتال البري في اليمن، وذلك لسببين؛ الأول هو أن الطبيعة الجغرافية الجبلية لليمن تجعل القتال البري يحمل مفاجآت وتحديات كثيرة. إلى جانب كون جماعة الحوثي تخوض الحرب كحرب عصابات وليست جيشاً نظامياً كالجيش السعودي والمصري وباقي الجيوش المشاركة.
وفي هذا السياق يضيف بأن السعودية ومصر تدركان حدود قوتهما؛ لذلك ستكون العملية في اليمن عملية محدودة تعتمد بالأساس على الضربات الجوية. وهي معدّة بالأساس لقطع الصلة المباشرة من الجو والبحر بين إيران والجماعات الموالية لها في اليمن، ولإضعاف مقاتلي الحوثي وحلفائهم ولتقديم الدعم المعنوي للقوى المعتدلة في اليمن التي تحمل على عاتقها مسؤولية استعادة أزمة الحكم هناك.