نشر مركز الخليج للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤخراً دراسة له بعنوان "الشيعة في الخليج: الانتشار والنفوذ"، سلط فيها الأضواء على تواجد المكون الشيعي بامتداده الجغرافي وحجمه الديمغرافي في دول الخليج، والتأثيرات والنفوذ التي يسعى شيعة الخليج لتحقيقها أو فرضها على المنطقة.
وأصّل المركز بدايات الشعور الذاتي لشيعة الخليج، بقيام الثورة الإيرانية عام 1979 ونشأة ما أطلق عليه "حكم ولاية الفقيه" وإقامة جمهورية إسلامية، وما ترافق معها من مبدأ "تصدير الثورة"، ليصبح شيعة الخليج أنصارا لهذه الثورة أنصارها. وليتمكن الشيعة في الخليج من بسط نفوذهم وفرض تأثيرهم فقد أوجودا قدما سياسيا مؤثرا يدعمه نفوذ إقتصادى قوى.
الشيعة في الامارات
ينقل مركز الخليج عن تقرير "الحرية الدينية في العالم"، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006، نسبة الشيعة إلى إجمالي السكان، بنحو 15 في المائة من إجمالي عدد سكان الدولة ، في حين أن مصادر أخرى تقول إن نسبة الشيعة لا تزيد عن 10 في المائة.
ويتركز الشيعة في إمارة دبي والشارقة وأبوظبي، ولهم وجود محدود في بقية الإمارات الأخرى.
ويغلب على المجتمع الشيعي في الإمارات مذهب الإمامية، وتتنوع أصولهم القومية إلى عرب، أو "العجم"، وأبرزهم اللاريون والأشكنانيون؛ وهنود.
وفضلاً عن المواطنين الشيعة، يقيم في الإمارات أيضاً عدد كبير من الإيرانيين الشيعة، يقدر بنحو نصف مليون، يتركز معظمهم في دبي.
وتعتبر كافة جوامع الشيعة وحسينياتهم ومآتمهم ملكاً خاصاً، ولا تتلقى أي تمويل من الحكومة، ولا يتم تعيين الأئمة لمساجد الشيعة من قبل هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
يشرف على سير عمل الجهات الدينية الشيعية في الإمارات مجلس يشرف على متطلباتهم الدينية هو مجلس الأوقاف الجعفرية الخيرية الذي تأسس بمرسوم أميري من حاكم دبي الشيخ مكتوم بن راشد ال مكتوم.
كما استفاد الشيعة عام1996 من صدور قانون يعترف بالمذهب الشيعي في الدولة ولأصحابه الحق في ممارسة شعائرهم، لتنشط المؤسسات الشيعية على أرض الإمارات وتتمدد بعد صدور هذا القانون، وفق دراسة مركز الخليج.
أما النشاط السياسي لشيعة الإمارات فهم مثل باقي المواطنين، فلا يوجد للشيعة أحزاب أو جمعيات سياسية، إذ لا يسمح القانون في دولة الإمارات بتشكيل الأحزاب، أو إقامة التجمعات السياسية.
و لم يترشح أي شيعي إلى مقاعد المجلس الوطني الاتحادي التي خضعت للانتخاب الجزئي، وغير المباشر في ديسمبر ٢٠٠٦، ولا في انتخابات 2011.
شيعة البحرين
ينقل مركز الخليج أن حجم سكان الشيعة في البحرين يتراوح 70% من إجمالي السكان، وفقا لتقارير دولية رسمية. ونحو 30% من شيعة البحرين هم من أصول فارسية.
و تتميز شيعة البحرين تحديداً بالكثرة العددية، والدعم الخارجي: من إيران و المنظمات الشيعية في العراق ولبنان والكويت وغيرها. إضافة إلى التغلغل في مفاصل الدولة في القطاعين العام والخاص. إلى جانب وحدة القيادة السياسية: المتمثلة أساسا في جمعية الوفاق، و وحدة المرجعية الدينية: والمتمثلة في المجلس العلمائي أساسا والكثير من الحوزات العلمية. كما يتمتعون بالنفوذ المالي وقطاع التجارة والإنشاءات وتجارة الذهب. ولديهم الإعلام القوي والتواصل المميز مع المنظمات الحقوقية.
الشيعة في الكويت
وفقاً لتقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي تصدره الخارجية الأمريكية، فيشكل الشيعة نسبة 30% من عدد السكان المواطنين، النسبة الكبرى منهم من القادمين من إيران.
ويمارس الشيعة في الكويت شعائرهم بحرية. ومقارنة بألف مسجد للسنة، يملك الشيعة 26 مسجداً و140 حسينية، بحسب المصادر الشيعية نفسها.
ولكن يعتبر الشيعة رقماً مهماً فى المشاركة السياسية بالكويت بالرغم من تعدد الائتلافات والحركات التى تمثلهم إلا أن لهم وجود سياسي قوي ومؤثر فى المشهد السياسي والانتخابي.
يوجد في الكويت عددا من الجمعيات الشيعية، ومنها التحالف الإسلامي الوطني، الذي تشكل عام 1998 و يؤمن بنظرية ولاية الفقيه. كما توجد "هيئة خدام المهدي" من أبرز مؤسسيها ياسر الحبيب المعروف بسبه للصحابة. كما يوجد تجمع علماء المسلمين الشيعة في الكويت و حركة التوافق الوطني الإسلامية و تجمع العدالة والسلام تجمع الميثاق الوطني، وغيرهم.
الشيعة في السعودية
لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد الشيعة في السعودية.. فتقرير "المسألة الشيعية في المملكة العربية السعودية"، الصادر عن المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (ICG) في بروكسل عام 2005، يقدر عددهم بمليوني نسمة تقريباً، يمثلون نسبة 10-15 في المائة من إجمالي السكان.
ويتركز الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة، الغنية بالنفط، ويشكلون أغلبية السكان فيها، وخاصة في القطيف والأحساء. كما ينتشر الشيعة الزيديون في مناطق عدة في الجنوب (عسير وجيزان ونجران) والغرب (جدة وينبع)، ولا توجد تقديرات لعددهم.
ويغلب على شيعة السعودية، وخصوصاً في المنطقة الشرقية، المذهب الإمامي، الذين يؤمنون بأئمة الشيعة الإثنى عشر.
ويرجع شيعة المملكة إلى أصول وجذور عربية. ولا يتبع شيعة الإمامية في السعودية، مرجعية دينية واحدة؛ فمنهم من يقلد آية الله علي خامنئي، ومنهم من يقلد آية الله علي السيستاني في العراق..
وللشيعة محكمة خاصة بهم تسمى "محكمة الأوقاف والوصايا"، وتتبع وزارة العدل.
يمارس الشيعة بالسعودية العديد من الأنشطة والمجالات الدينية والدعوية والتربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. أما النشاط السياسي فحسب طبيعة النظام السياسي في السعودية حيث لا أحزاب ولا جمعيات تمارس العمل السياسي. ومع ذلك، فإنهم يقومون ببعض الاحتجاجات والمطالب السياسية، كما حدث عام 1979 بما سمي ب"انتفاضة محرم" على يد الشيعة واستمرت نحو 5 أيام. ومنذ عام 20110، يقوم شيعة السعودية باحتجاجات متفرقة. وبعد انطلاق عاصفة الحزم التي تقودها السعودية في اليمن ضد تغول الحوثيين الشيعة على الدولة اليمنية والشعب اليمني، فإن المخاوف تتزايد من افتعال شيعة السعودية إشكاليات امنية مع الإعلان بتاريخ (6|4) عن قيام أفراد من الشيعة بإطلاق النار على مجموعة رجال شرطة في منطقة العوامية شرق السعودية ما أدى لمقتل رجل أمن وإصابة 5 آخرين.
وإلى جانب كل ذلك، يتولى بعض الشيعة مراكز هامة في السعودية، و لهم مركز معارضة في لندن وواشنطن تصدر عنه مجلة الجزيرة العربية.
الشيعة في قطر
ويتحدث مركز الخليج للدراسات والبحوث الإسراتيجية عن الشيعة في قطر، قائلا أن نسبتهم تصل إلى 10%. ويتحدر الشيعة في قطر من أصل عربي، وهم "البحارنة" الذين تكون أصولهم بحرينية، أو من الأحساء والقطيف في السعودية، والعجم الذين هم من أصول إيرانية، ويوجد في قطر أيضاً شيعة يحملون الجنسية الإيرانية.
ولا يشكل الشيعة أغلبية في أي منطقة سكانية، إلا أنهم يكثرون في مناطق الهلال، والمطار، والروضة، والدفنة. ومعظم شيعة قطر يتبعون لمرجعية آية الله العظمى علي السيستاني في العراق. في عام 2005 أنشئ لهم شعبة في إحدى محاكم قطر للمذهب الجعفري، تبت بقضايا الزواج والطلاق والميراث وغيرها.
بالرغم من أن العضوية في مجلس الشورى والمجلس البلدي ليس على أساس الطائفة، إلا أنه يوجد عضو شيعي واحد في مجلس الشورى الذي يعينه أمير الدولة، ويوجد عضو آخر في المجلس البلدي المركزي الذي ينتخب أعضاؤه بالكامل. ولا يختلف الوضع الاقتصادي لشيعة قطر عن وضع السنة، فكلا الطائفتين استفادت من توزيع الثروة، ويوجد في قطر العديد من الحسينيات والمساجد التي تتبع للشيعة.
الشيعة في عمان
تشير بعض المصادر غير الرسمية إلى أن الإباضيين يشكلون نحو 45 % من إجمالي السكان، بينما يشكل السنة 50% من السكان، أما 5% المتبقية، فهي مؤلفة من الشيعة والهندوس. وللشيعة مساجدهم ومؤسساتهم الخيرية وإدارة خاصة بالأوقاف الجعفرية.
و ينقسم الشيعة في عمان إلى ثلاث جماعات كبيرة: الشيعة اللوانية تتسم هذه الجماعة بتعدادها الكبير، وهم من أثرى طبقات المجتمع العماني، ويتولون كثيرًا من المناصب الحكومية. والجماعة الثانية: الشيعة البحرينيون، إلى جانب المجموعة الثالثة: الشيعة العجم.
على الرغم من قلة عدد الشيعة في عمان إلا أنهم يأتون على رأس الهرم الاقتصادي، فكثير منهم يمتلك مشروعات صناعية وتجارية واقتصادية كبيرة، ويساهم الشيعة في كثير من المشروعات القومية العملاقة.
ويعد الشيعة إحدى القوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمع العماني، ويتمتع زعماء المجتمع الشيعي بنفوذ كبير في سوق العمل والاقتصاد والصناعة.
الشيعة في اليمن
يمثل الشيعة أقلية في اليمن، ويغلب عليهم المذهب الزيدي، وبحسب تقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006 ، لا تزيد نسبتهم عن 30 في المائة من إجمالي سكان اليمن، الذي يبلغ 20 مليون تقريباً.
وبحسب "الموسوعة البريطانية لعام 2004" يتركز الزيديون في مناطق شمال البلاد، مثل صنعاء وصعدة وحجّة وذمار. وللزيدية مساجدهم ومراكزهم العلمية في العاصمة صنعاء، وفي محافظة صعدة حيث مناطق انتشارهم، ويمارسون أنشطة إعلامية وثقافية واقتصادية واجتماعية.
ورغم أن الزيدية هي مذهب الأقلية في اليمن، إلا أن بعض أتباعها وزارات الأوقاف والعدل. ولعلماء الزيدية، حضور واسع في مؤسسات القضاء ودار الإفتاء.
وفي المعترك السياسي، فقد دخله الزيدية سنة 1990 عندما سمح بإنشاء الأحزاب وتأسيس الجمعيات وإصدار المطبوعات، فأسس الشيعة عددا من الأحزاب والجمعيات السياسية.
الحوثيون واليمن والسعودية
فرض الحوثيون أنفسهم على ساحات المذهب والسياسة والمواجهة العسكرية فى اليمن طوال السنوات الأربع الماضية، وخاصة مع سيطرة الحوثيين على مقدرات الدولة بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي والتنكيل بخصومهم السياسيين والانقلاب على الرئيس عبد ربه منصور هادي ثم التوجه إلى عدن، والإفصاح عن علاقات مشبوهة ودعم إيراني، بصورة زادت من التهديدات الإيرانية للخليج واعتبار الحوثيين امتداد للثورة الإيرانية وأن إيران سيطرت على أربع عواصم عربية منها صنعاء، وأن الحوثيين سلاطين البحر الأحمر إلى جانب إجراء مناورات بالأسلحة الثقيلة على الحدود السعودية، قبل أن تباغتهم السعودية بقيادة تحالف دولي من عشر دول عربية وإسلامية لتوجيه ضربات محددة على قدراتهم العسكرية ودفعهم ليكونوا طرفا سياسيا شأنهم شأن أي حزب يمني سياسي آخر.