اعتمدت اللجنة الوطنية للانتخابات وللمرة الأولى نظام التصويت، الذي يُعرف بـ "الصوت الواحد"، للانتخابات المقررة في الثالث من أكتوبر المقبل، لإجراء انتخابات المجلس الوطني الاتحادي.
وأكد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، أن "اللجنة ستعمل على تنفيذ العملية الانتخابية بالشكل الذي يواكب رؤية القيادة الهادفة إلى تعزيز المشاركة السياسية، وتطوير تجربة المجلس الوطني إلى مرحلة أكبر تمثيلاً، وأوضح فاعلية، بما يخدم تطوير برنامج التمكين السياسي، الذي أطلقه الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، عام 2005، لتعزيز دور المجلس الوطني، والوصول بالتجربة البرلمانية إلى مقاصدها في خدمة الوطن والمواطن".
وأوضح قرقاش خلال اجتماع اللجنة في أبوظبي، يوم أمس الأربعاء (29|4)، أن "التعليمات التنفيذية الخاصة بانتخابات المجلس ستضمن الوصول إلى أعلى معايير الشفافية والنزاهة في إدارة العملية الانتخابية"، مشيرا أنه من بين التعديلات "استحداث (لجنة الفرز)، وهي لجنة مركزية تُشكل برئاسة رئيس اللجنة الوطنية، وعضوية من يرى الاستعانة بهم من ذوي الخبرة والاختصاص، إذ تناط بهذه اللجنة المهام التالية: إجراء عملية الفرز باستخدام الطرق الفنية المتبعة في نظام التصويت الإلكتروني، ومن ثم إعلان نتيجة الفائزين في الانتخابات بالنسبة للحاصلين على أعلى الأصوات، بحسب عدد المرشحين المطلوب انتخابه في الإمارة، كما تتولى اللجنة تحديد أعضاء قائمة الاحتياط في كل إمارة مرتبين، بحسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل منهم".
كما نصت التعليمات على أن تُشكل (لجنة الطعون) برئاسة قاض، وعضوية اثنين من ذوي الخبرة والاختصاص، على أن يناط بها فحص جميع الطعون الانتخابية، سواء بالطعن على ترشح أحد المرشحين، أو على نتائج عملية الاقتراع والفرز، وتقديم تقرير بالرأي القانوني فيها إلى اللجنة الوطنية».
نظرة عامة على قانون "الصوت الواحد" وأبرز تحدياته
نظام الصوت الواحد هو نظام انتخابي يعتمد، في الأصل، على الدوائر الضيقة بحيث يتم انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة، وذلك بعد تقسيم الدولة بشكل كلي إلى دوائر بعدد أعضاء المجلس النيابي، بحيث يكون عدد الناخبين في كل دائرة متساوي مع عدد الناخبين في الدوائر الأخرى
وتعرض القانون للكثير من النقد في الدول المطبقة فيه، ومن أبرز تلك النقاط:
نجاح المرشح بعدد قليل جداً من الأصوات بالمقارنة مع من يحق لهم التصويت في الدائرة، فعندما يكون عدد المرشحين في دائرة كبيرًا نوعًا ما يؤدي ذلك إلى تشتت الأصوات، ويعني هذا أن النائب المنتخب لا يمثل حقيقةً المنطقة الانتخابية التي يمثلها.
عند التشدد بالالتزام بعدد الناخبين في كل دائرة، يتم في بعض الأحيان تهميش المناطق ذات الكثافة السكانية القليلة وبالتالي لا يكون بوسعهم إيصال ممثلين لهم إلى البرلمان لأن عددهم القليل يعني أنهم وحتى لو اجمعوا على مرشح واحد فإن عدد الأصوات التي يمكنه الحصول عليها أقل من التي تمكنه من النجاح.
المشكلة التالية تنبع من تمثيل الأقليات في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية كالمدن الرئيسية والتي تنتشر الأقليات فيها ليس في دائرة واحدة ولكن عبر الدوائر الممثلة للمدينة. وبهذه الحال لا يكون لدى الأقليات القدرة على أن يتم انتخاب أعضاء ممثلين لهم في المجلس النيابي وحتى لو زادت نسبتهم الكلية عن 20 في المائة من الناخبين في المدينة. وبالتأكيد لو فرضنا أن أصوات الأقليات قد تجمعت في دائرة انتخابية واحدة فمن المؤكد أنهم سيتمكنوا من فرض مرشحهم وإيصاله إلى البرلمان، ويمكن في بعض الأحيان أن يتمكنوا من إيصال أكثر من ممثل واحد.
هناك مشكلة كبيرة في التمثيل الذي ينتج عن مثل هذا النظام. ففي البلدان التي تملك تراثًا حزبيًا مديدًا، يصبح النظام معيقاً للديمقراطية في الدولة. إذ يتم انتخاب المرشح بأقلية الأصوات لا بأكثرية الأصوات. فعلى سبيل المثال لنأخذ الحالة البريطانية حيث يوجد ثلاثة أحزاب كبيرة تتنافس على مقاعد مجلس العموم البريطاني. فإذا فرضنا أنه في دائرة ما تمكن مرشح حزب العمال من الحصول على 20,000 صوت بينما أخذ مرشح حزب المحافظين 18,000 صوت ومرشح حزب الديمقراطيين الأحرار 15,000 صوت بينما حصل مرشحين الأحزاب الصغيرة والمستقلين على ما مجموعه 15,000 صوت فمن الواضح بأن المرشح الناجح قد نجح بأقل من ثلث الأصوات الكلية للدائرة وبالتالي لا يمكنه الإدعاء بأي شكل بأنه ممثلاً للدائرة.
تأثير نظام الصوت الواحد على العمل السياسي
ينفذ نظام الصوت الواحد على الدولة ولكن تأثيره يبقى في إطار الدوائر إلى أن يتم تجميع الأعضاء المنتخبين إلى البرلمان تحت قبة البرلمان. أي أن الحملات الانتخابية يمكن أن تنفذ على مستوى الدوائر الانتخابية. ويمكن من حيث المبدأ أن يتم انتخاب أي شخص يمكنه أن يجمع أكثر الأصوات في دائرة ما إلى البرلمان بغض النظر إذا كان له امتداد في الدوائر الأخرى أو لم يكن له مثل هذا الامتداد.
هذا يعني أن العمل الحزبي سيكون صعباً ما لم يكن الحزب منتشراً بنفس الكثافة والقوة في جميع الدوائر الانتخابية.
ويساهم نظام الصوت الواحد في تفتيت العملية السياسية وتمزيق المجتمع ما لم يحفظ التوازن وعي سياسي واجتماعي عالٍ. وفي حالة الأردن ونتيجة للتأثير الكبير للعشائر، فقد لعب نظام الصوت الواحد دوراً بارزاً في تزكية النزعات العشائرية وفي تفتيت الأصوات الانتخابية بحيث لا يتم الإجماع على المرشح صاحب البرنامج السياسي أو الانتخابي القوي بل على المرشح العشائري أو المناطقي.
أما الأحزاب فقد همش دورها كثيراً ولم تتمكن أغلبها من تحقيق الشروط الجديدة التي فرضت لتصحيح الوضع الحزبي في الأردن، وهو ما أثر سلبا على نمو وتطوير العمل الحزبي.