كان لإسدال الستار عن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي جرت الشهر الجاري أن فتحت بابا واسعا من النقاشات والآراء والمواقف من جانب إصلاحيي الإمارات وناشطيها الحقوقيين، وهم الذين دفعوا ثمنا باهظا من حرياتهم جراء المطالبة بتطوير هذا المجلس بموجب عريضة مارس 2011. الكاتب والإعلامي الإماراتي أحمد الشيبة النعيمي تحدث في مقابلة مع قناة الحوار في برنامح "قضية وحوار" حول الانتخابات بعنوان،" انتخابات المجلس الوطني الاتحادي الدلالات والأبعاد". أما الناشط الحقوقي الإماراتي المستشار محمد بن صقر الزعابي فقد نشر مقالا في عدد من المواقع الإخبارية العربية بعنوان "مجلس وطني".
مقال "مجلس وطني"
انتقد المستشار القانوني محمد بن صقر إهمال تطوير المجلس الوطني رغم تطور الدولة في مجالات شتى ورغم الوعود المتكررة بالتمكين وتعميق المشاركة السياسية وفق أحدث الوعود لمسؤولي الدولة في تصريحات نشرتها الصحف الإماراتية اليوم تضمنت ادعاءات بتعميق المشاركة الشعبية، وقال الزعابي "تطورت الدولة وترسخت أركانها ولكن مجلسها بقي كما هو، بل قد نقول أسوأ لأن مساحات الرأي التي كانت متاحة في السابق عندما كان الأعضاء يعينون بالكامل لم تعد متاحة، لأن المشاركة صارت مقيدة بمن توافق الأجهزة الأمنية على إدراجهم في قوائم من يحق لهم الترشح والانتخاب، وأصبح حتى التعبير عن الرأي المخالف له ثمن ولو بعد حين".
واعتبر الناشط الحقوقي البارز أن "المجلس الوطني في "وطني" هو شكل يتفاخر به من يريد أن يخدع الناس بأننا نشارك وأن صوت المواطن مسموع لكنه في الحقيقة خداع مكشوف لأننا ما زلنا نتحدث عمن يحق له المشاركة وهو حق أصيل لا يجوز أن يحرم منه أي إنسان، فمتى نتحدث عن صلاحيات هذا المجلس وماذا يستطيع أن يقدم ؟!"، على حد تساؤلاته.
ويرى "بن صقر" أن المجلس، "هو مجلس للفضفضة ليس أكثر، بلا لون ولا طعم ولا رائحة، ليس له من الصلاحيات شيء في رقابة أو تشريع"، وهو رأي يؤكده واقع المجلس و التقارير الدولية وخاصة تقرير الخارجية الأمريكية الصادر عام 2015 حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم.
وأنهى المستشار القضائي، قائلا، "عندما قام الاتحاد كان شعب الإمارات يتأمل أن يصبح مجلسهم ذا قيمة تقوي من اتحادهم في دولة مؤسسات يشارك فيها جميع أبناء الوطن فإذا بنا بعد كل هذا الانتظار نستبعد غالبية أبناء الوطن من المشاركة في مجلس مشوه بلا صلاحيات، فمتى نعالج الخلل ومتى سنصحح المسار؟! ".
المجلس الوطني على قناة الحوار
أما الأكاديمي أحمد الشيبة النعيمي فقد أكد أن الأصل في المجلس الوطني أن يكون ذا سلطة تشريعية إلا إنه لا يعدو كونه سلطة استشارية، مضيفا، "المجلس لا يتمتع بسلطة وصلاحية اقتراح القوانين، فالحكومة تصيغ القوانين والمجلس فقط يراجعها ويصادق عليها وقد يعطي آراء غير ملزمة ولا يمتلك القدرة على رد القرارات".
ونظرا لهذه الطبيعة الراهنة للمجلس، قال الإعلامي الإماراتي، "لذلك جاءت عريضة مارس للمطالبة بمنح المجلس صلاحياته التشريعية كونه لا يزال جهة استشارية غير ملزمة".
وكشف "الشيبة" أن "الانتخابات بالطريقة الراهنة تخالف الدستور"، وخاطب من قرر هذه الطريقة بالقول،" أنت قسمت الشعب، وجعلته طبقات، فعلى أي أساس التفريق بين المواطنين و الدستور ينص على المساواة؟!".
وأكد مدير المركز العالمي للدراسات والتطوير، "شكل الانتخاب الحالي شكل مفروض على المجتمع لم يقبله المجتمع ولم يستشر به"، محذرا من خطورة ذلك قائلا، "نحن أمام تحد كبير لنفهم ما المقصود بالتدرج، كونه يشكل خطرا كبيرا على السلم الاجتماعي في التفريق بين المواطنين".
وحول عملية التدرج فند الباحث الإماراتي ذرائع التدرج بالقول،" نقبل أن يأخذ المجلس صلاحياته بالتدرج، ولكن لا يمكن ذلك في منح جزء من الإماراتيين حق الترشح والتصويت ومنع الجزء الآخر، فالديمقراطية أساسها المواطنة والانتخاب بهذه الطريقة يلغي حقوق المواطنة"، على حد تأكيده وبما يتوافق مع النظريات السياسية والديمقراطية التي تعمل بها كل دول العالم.
وأضاف الشيبة، ليس لدينا أي خارطة طريق للتدرج، ونقف أمام غموض عجيب في عملية التدرج، فالمسؤول عن عملية التدرج تحكمه المزاجية أكثر من المنهجية مع غياب للشفافية "التي يتحدثون عنها"، فالمسؤول عن التدرج يزيد في أعداد الهيئة الانتخابية وفق ما يشتهي، وفق تعبير "الشيبة".
وبالأرقام والمعطيات ناقش الباحث الإماراتي ما أسماه "فشل الإقبال على الانتخابات" بدليل أن نسبة المشاركين في انتخابات 2015 بلغ نحو 35% من أصل 225 ألف مواطن يحق لهم المشاركة في التصويت بينما كانت نسبة المشاركة في انتخابات 2011 نحو 28% ولكن عدد الذين يحق لهم التصويت 130 ألفا فقط.
وانتقد الشيبة تهميش المجلس الوطني بموجب وضعه الدستوري الذي يحد من صلاحياته أو تهميش المجلس نفسه ذاتيا، مؤكدا أن انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات طوال السنوات الأربع السابقة هي الأسوأ والأقسى على الإطلاق ولكن المجلس لم يحقق في حالة انتهاك واحدة. وأضاف، هذا المجلس لم يسأل عن اعتقال ناصر بن غيث الذي مضى على اختفائه قسرا نحو 3 شهور، أليس "بن غيث" مواطنا له حقوق؟" على حد تساؤل الشيبة.
ووصف الناشط الإماراتي، الطريقة الحالية في الانتخابات قائلا، "نظام الانتخابات نظام إقصائي" كونه يستبعد جزءا كبيرا من الإماراتيين من حقوقهم.
وأردف، شارحا سبب وجود هذا النظام الإقصائي بالقول،" ليس من مصلحة الحكومة أن يكون هناك سلطة تسأل عن المال العام مثلا، لذلك يبتكرون "مخلوقا" غريبا لا يشبهه شيئا من قبل، و يتم اختيار أشخاص المجلس بمسمى الانتخاب".
واختتم الشيبة بالقول أن المجلس لا بد أن ينتخبه كل الشعب وأن يكون له الصلاحية التشريعية ولو بشكل متدرج شريطة وضوح عملية التدرج، ولا يكون التدرج وقفا على مصلحة أي جهة، مؤكدا أن الشعب الإماراتي سيكون شريكا كاملا في حال وجود انتخابات حقيقية.