واصلت الصحف المصرية حملتها على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وزعمت إحداها، مقربة من رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أن نجل الملك، ولي ولي عهده، الأمير محمد "إخواني"، وادعت أن السعودية تتبع سياسة تقوم على احتواء الإخوان المسلمين بصفتهم أكبر فصيل سني بالمنطقة، في مواجهة النفوذ الإيراني.
جاء ذلك في جريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها الإعلامي إبراهيم عيسى، وهو أحد أبرز الأذرع الإعلامية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وفق مراقبين، وورد اسمه على لسان مدير مكتبه، اللواء عباس كامل، ضمن تسريباته، التي أذاعتها فضائية "مكملين"، باعتباره أحد من يعتمد عليهم السيسي في الدعاية لنظامه، وترويج سياساته.
وتحت عنوان: "تطبيع إجباري بين المملكة السعودية والإخوان"، تساءلت الصحيفة، في عددها الصادر السبت(27|2): "هل أصبحت العلاقة الإخوانية - السعودية جزءا من استراتيجية كبرى لاحتواء الإخوان؟".
ووصفت الصحيفة الملك سلمان بأنه "سلفي المنشأ، وهابي العقيدة، مؤمن بالمنهج السلفي التقليدي العلمي، وله كتاب يحوي جميع خطبه السلفية، التي لا تخلو من الحديث عن العقيدة، وعن عدم وجود مجاز في القرآن، وغيرها من المواضيع الأخرى التي يتميز بها دعاة المملكة".
وأضافت الصحيفة: "وعلى خلاف سلفه الراحل الملك عبدالله، لا خلاف أيديولوجي بين الملك سلمان وبين الإخوان، بل إنه توسط بينهم وبين مصر بعد 30 يونيو، وإن لم تفلح محاولاته للصلح بين الطرفين".
ورأت "المقال" أن "سلمان يعتبر أن أولويات المملكة في الوقت الحالي تستوجب احتواء الإخوان المسلمين، بصفتهم أكبر فصيل سني بالمنطقة، ضمن التحالف السني الكبير، الذي يهدف لتشكيله بقيادة السعودية ومصر وتركيا".
وتابعت الصحيفة، "أما ابنه، محمد بن سلمان، وولي ولي عهده، فيقال في الأوساط السياسية السعودية إنه كان عضوا في خلية إخوانية بالرياض، وهم من يطلق عليهم "التيار السروري"، حيث تتلمذ على أيديهم، وتأتي أغلب تحركاته من خلال هذه الخلفية الفكرية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "دون مقدمات وجدنا القيادي الإخواني في تونس راشد الغنوشي، والقيادي الإخواني في الأردن همام سعيد، والقيادي الإخواني في اليمن عبدالمجيد الزنداني، زاروا المملكة قبل وقت ليس ببعيد، وهذا كله دليل على حسابات استراتيجية تبنتها الرياض".
واستطردت الصحيفة، على لسان الكاتب، عامر بدوي: "أعتقد أن ما يجري في السعودية، وقيادات الإخوان، هو جزء من تطبيع إجباري، وجزء من استراتيجية كبرى لاحتواء إيران، بمعنى استخدام الجماعة لمواجهة النفوذ الإيراني".
وشددت الصحيفة على أن السياسة السعودية الحالية ترى أن الخطر الإيراني هو أكثر بكثير من الخطر الإخواني، وأنه من الممكن استخدام أحدهما لضرب الآخر، إذ نجحت المملكة في وضع خط أحمر لنشاطات الإخوان في منطقة الخليج، أي استخدامهم كحلفاء بالخارج، واعتبارهم منظمة متطرفة في الداخل الخليجي، وفق الصحيفة.
وأضافت "المقال": "بطبيعة الحال العلاقة بين الإخوان والمملكة تاريخية، منذ تأسيس الأولى نهاية القرن العشرين، إذ تعددت العطايا والدعم السعودي للبنا منذ اللحظات الأولى له في عالم الدعوة والسياسة بالمحروسة، عبر الوسيط الأشهر محب الدين الخطيب، إلى جانب إعجاب الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، بفكر جماعة البنا، حين التقاه في الحج".
واختتمت الصحيفة بالقول: "في عهد السيسي، حاولت السعودية لعب دور الوسيط أكثر من مرة، وهناك جناح كبير داخل الأسرة الحاكمة الآن في المملكة يرى أنه لا بد من عودة الجماعة من جديد للواجهة، من أجل حل مشكلات مصر، ومن أجل استخدام التنظيم في سوريا، وفي الملف اللبناني مع حزب الله".
وأشارت في الأخير، إلى أن المملكة تقوم الآن بتقديم دعم مباشر للجماعة الإسلامية، التي أسسها فتحي يكن، وهي عضو بالتنظيم الدولي للإخوان، من أجل مواجهته، عقب الاتفاق النووي مع إيران، بحسب تعبيرها.
ويسود الإعلام المصري في المرحلة الراهنة حملة على المملكة العربية السعودية، ونشر موقع إخباري مصري مقرب من السيسي، قبل أيام، رسما كاريكاتوريا مسيئا للسعودية وللملك سلمان بن عبد العزيز.
ويظهر في الرسم الكارتوني الذي نشره موقع "أم الدنيا"، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يتلقى صاروخا في ظهره مكتوب عليه (عاصفة الحزم)، فيما يصور الرسم الكارتوني الملك وهو يصرخ ويبكي من صاروخ عاصفة الحزم الذي قصم ظهره، كما أراد رسام الكاريكاتير أن يوحي.
يأتي ذلك وسط تباعد مصري - سعودي في المجال الاقتصادي، ووفق مصادر مطلعة في المجلس التنسيقي المصري - السعودي، حيث تم رفض مؤخرا عدد كبير من المشروعات التي قدمتها الحكومة المصرية لمستثمرين سعوديين وشركات، فيما تبحث الجمعية المصرية السعودية لرجال الأعمال عن بدائل لإنقاذ الاستثمارات والمشروعات المتوقفة والمجمدة والتابعة لمستثمرين سعوديين.
ورأى مراقبون أن وقف السعودية منحتها للجيش اللبناني قد يتكرر في التعامل مع نظام السيسي الذي يسير على نقيض مصالح المملكة في المنطقة وبصورة علنية وفجة ويتقارب فيها مع إيران بل إن النظام استقبل وفدا من حزب الله اللبناني الإرهابي تزامنا مع تجميد الرياض منحتها لبيروت المختطفة من جانب الحزب الموالي لإيران.