بينما كان نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد يعلن استراتيجية عشرية للقراءة ويخصص صندوقا بقيمة 100 مليون درهم لدعم الاستراتيجية، كان الإماراتيون على موعد مع "فضيحة" من العيار الثقيل ارتكبها القائمون على معرض أبوظبي للكتاب اتجاه فطرة أطفال الإمارات ونشأتهم وحياء الإماراتيين كافة وبما يناقض حقوق الطفل في قانون "وديمة- قانون الطفل" الصادر مؤخرا. فماذا اقترف المعرض من تجاوزات غير مكترث بالطفل والأسرة والاستراتيجية؟
معرض أبوظبي للكتاب
رغم أن هذا المعرض وأمثاله في الدولة يسوق على أنه يعزز توجهات الدولة التي أعلنت عام 2016 عاما للقراءة ضمن عشرات المبادرات والخطط إلا أن معرض أبوظبي استقبل مئات أطفال المدارس بتوزيع 5 كتب مجانية على هؤلاء الأطفال، تضمنت موضوعات لا تناسب أعمارهم ولا عقولهم التي قرر قانون الطفل حماية جنائية لها، ولا تتوافق مع قيم وأخلاق العائلة الإماراتية أو المقيمة العربية والمسلمة على حد سواء. فمن قصص الحب إلى الاغتصاب إلى "سوالف كانو" الذي اعترف أن كتابه تضمن ما أسماه "جرأة"، في حين اعتبرها إماراتيون وقاحة تتجاوز الكثير أخلاقيا واجتماعيا.
ردود الفعل الغاضبة
يبدو أن من يقف خلف هذا السلوك المستهجن بتوزيع الكتب "غير المؤدبة" على حد وصف الرأي العام الإماراتي الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي نسي تأييد الإماراتيين لما عُرف بـ"فيديو المواطنة" العام الماضي الذي وبخت فيه سيدة إماراتية "عارضتين" عربتين شبه عاريتين في أحد المراكز التجارية كونهما خالفتا الذوق والأخلاق والآداب العامة في الدولة.
كما تناسى ردة فعل الإماراتيين المستنكرة لبرنامج "الملكة" الذي قدمت "أحلام" منه الحلقة الأولى والأخيرة، ودفع ضغط الرأي العام الإماراتي قناة "سما دبي" لإلغاء البرامج.
واليوم، يختبر معرض أبوظبي للكتاب أخلاق الإماراتيين الأصيلة بهذه الكتب التي سارع إلى رفضها شعبيا ومؤسساتيا بلا تردد، بل وبهجمة تعيد الأمور إلى نصابها لمن يحاول التنكر والقفز علىقيم الشعب الإماراتي.
مدرسة المنهل الدولية، سجلت موقفا تاريخيا اجتماعيا وأخلاقيا بإطلاقها تحذيرا مكتوبا لأولياء أمور الطلبة من قبول هذه الكتب التي وصفتها:" لا تتناسب مع فئتهم العمرية ولا تتناسب مع العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية". وحددت المدرسة بالاسم عددا من الكتب على أنها لا تصلح لدخول البيوت ولا معارف أطفالنا، وهي: "الطفلة العروس"، "حبيبتي بكماء"، "الرقص مع الحياة"، فتاة صغيرة أسمها دهشة"، "بدر والقط زيد". فضلا عن كتاب "سوالف كانو" لمحمد الكندي.
المغرد فهد المحمود، وجه عبر حسابه بتويتر تحية لمدرسة المنهل على "تحذيرها من الكتب المشبوهة"، على حد وصفه. أما المغرد سعيد عبد الله، فكتب: "خمس كتب وليس كتابا واحدا؟! إذا وزعت بالمجان، من هي الجهة الموزعة، ومن اعتمد التوزيع؟ وعقب:" في ظل انعدام المحاسبة سيتكرر الخطأ"، على حد تأكيده.
المغردة مريم الحمادي، قالت: المكشلة أن "مضمون الكتب عن الاغتصاب والحب وأشياء مخلة للآداب"، وتابعت: "ما ذنب اليهال(الأطفال) تخربونهم؟ حسبي الله عليكم"، على حد قولها.
حسابات أخرى، وصفت الكتب الموزعة بـ" أخس عن كانو"، قائلة: أشياء ما تنقال أخس عن كانو"، على حد وصفها.
قانون حقوق الطفل
في أبريل الماضي صدر قانون "وديمة- قانون حقوق الطفل، والذي تضمن موادا بعقوبات "صارمة". ونصت المادة الثانية، "تعمل السلطات المختصة والجهات المعنية على الحفاظ على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، ..، وتنشئة الطفل على التمسك بعقيدته الإسلامية والاعتزاز بهويته الوطنية، وحماية المصالح الفضلى للطفل،.. وتنشئته على التحلي بالأخلاق الفاضلة..".
وتضمن القانون:" تكفل الدولة حماية الطفل من جميع الصور الإباحية".
وأشار القانون إلى الحقوق الثقافية للطفل، حيث له الحق في امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع، وله في سبيل ذلك المشاركة في تنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية التي تتفق مع سنه ومع النظام العام والآداب العامة، وتضع السلطات المختصة والجهات المعنية البرامج اللازمة لذلك.
ويحظر القانون نشر أو عرض أو تداول أو حيازة أو إنتاج أية مصنفات مرئية أو مسموعة أو مطبوعة أو ألعاب موجهة للطفل تخاطب غرائزه الجنسية أو تزين له سلوكيات منافية للآداب العامة، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون الأماكن التي يحظر دخول الأطفال إليها، وضوابط دخول غيرها من الأماكن.
وغيرها الكثير من النصوص القانونية، التي توجب مسؤولية الدولة أولا وأخيرا في تنفيذ هذا القانون، إلى جانب حماية جنائية اتجاه من يقترف أي جريمة بما يخالف ما سبق.
ويتساءل إماراتيون، إن كانت الدولة هي المسؤولة عما سبق هل ستبادر بمحاسبة القائمين على هذا الانتهاك لحقوق الطفل، ولاستراتيجية القراءة ولأخلاق وآداب الإماراتيين، أم يظل الاستنكار والرفض شعبيا، وبدون محاسبة، بما يسمح بتكرار الأخطاء، على حد تحذير الناشطين.
وهل تلتزم الدولة بمحاسبة مؤسساتها وهيئاتها الرسمية التي سمحت بهذا التجاوز؟