قال وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، خلال محاضرة أقيمت في مجلس الشيخ محمد بن زايد، بحضور الأخير، العمليات العسكرية انتهت "بالنسبة إلى القوات الإماراتية في اليمن"، لافتاً إلى أن "الإمارات ترصد الترتيبات السياسية، ودورها الأساسي حالياً تمكين اليمنيين في المناطق المحررة" على حد قوله.
وعمليا، فإن مشاركة القوات الإماراتية في عاصفة الحزم توقف قبل بضعة شهور بالفعل ولكن بصورة غير معلنة عندما سحبت قواتها من تعز ووجهتها إلى عدن حيث عززت قبضتها الأمنية من جهة، وأخذت تحارب تنظيم القاعدة والتجمع اليمني للإصلاح من جهة ثانية وتركت مقاتلة الحوثيين والمخلوع صالح.
وزعم قرقاش أن «نجاح المسار السياسي بات قريباً، وذلك بعد أن نجحت العمليات العسكرية في التأسيس السليم والمتين لخطوط سير هذا المسار، الذي يعد جزءاً من الأهداف المرجوة، إلى جانب عودة الشرعية إلى الأراضي اليمنية، والرد على التدخل الإيراني في الشأن العربي».
ولا يزال الحوثيون المتمردون والمخلوع صالح يتعنتون في المفاوضات مع الحكومة الشرعية في الكويت منذ نحو شهرين دون أي تقدم يذكر، ما يؤكد أن العملية السياسية لا تزال بعيدة للغاية وأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.
وقال قرقاش أن أبرز الأهداف المرجوة من العملية العسكري، "إفشال انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية اليمنية، والسعي إلى عودة المسار السياسي المتفق عليه دولياً"، وبإجماع المراقبين فإن شيئا من هذه الأهداف لم يتحقق، المراقبون وناشطون انتقدوا إعلان أبوظبي الانسحاب من التحالف العربي من طرف واحد ما اعتبروه "تخاذلا" في موقفها و"خذلانا" للرياض، مؤكدين أن قرارا كهذا لا يمكن أن يعبر إلا عن زيادة هوة الخلافات بين السعودية وأبوظبي ورؤيتها اتجاه الحل في اليمن.
كما رأى مراقبون، أن هذا "الفرار" من المعركة على حد وصفهم، إنما هو رد أبوظبي على عدة قرارات للرئيس اليمني هادي في إقالة خالد بحاح وتعيين محسن الأحمر، ورفض تهجير أبناء الشمال من الجنوب، إضافة إلى دخول الدوحة على خط الملف الأمني وكسر احتكار أبوظبي أمنيا هناك.
مراقبون رأوا، أن هذا القرار العلني جاء بعد وضع أبوظبي يدها على عدن وسقطرى وحضرموت، كنوع من تقاسم النفوذ على اليمن من طرفها فقط، كونه لا يوجد أي طرف في التحالف سواها اتخذ مواقف عسكرية وأمنية مختلفة تماما عن أهداف التحالف والمبررات التي ساقتها للشعب الإماراتي لتبرر دخول الحرب من الأساس وهي حماية الأمن القومي العربي. فهل حققت أبوظبي هذا الهدف أم أنها فشلت وذهبت دماء وتضحيات نحو 100 شهيد إماراتي في اليمن بدون نصر عسكري حاسم أو مكاسب سياسية محددة.
وناقض قرقاش نفسه، عندما زعم أن نضج المسار السياسي هو الذي دفع للانسحاب من التحالف، إذ برر القرار في موضع آخر من ذات المحاضرة:"القرار الضرورة جاء بعد تعثر المفاوضات بين أطراف الخلاف، وعدم إيفاء الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، والحوثيين بتعهداتهما، وذلك بعد أن اتفقت جميع الأطراف على علاج الوضع السياسي في اليمن وبناء حكومة وفاق وطني"، على حد تعبيره. فكيف تعثرت المفاوضات واتفقت جميع الأطراف؟
وإزاء تصريحات قرقاش التي اختار لها مجلس محمد بن زايد فضاء تنطلق منه، تساءل مراقبون، إن كانت أبوظبي أعلنت توقفها أو انسحابها من التحالف، فلماذا تبقي على قواتها في اليمن، لماذا لا تسحبهم ما دامت العملية العسكرية حققت أهدافها، وما دامت تقول إنها تقوم الآن بدور إغاثي فقط؟ وفي ميزان أبوظبي العسكري، هل تعتقد أن هذا القرار يعبر عن "نصر" حقيقي يمكن لها أن تفاخر به أم أقل من نصف نصر، على حد تساؤل ناشطين.
وقد كان أحد شروط انضمام أي دولة عربية للقوة العربية المشتركة التي لم يتم إقرارها بعد، أنه لا يجوز انسحاب أي دولة تدخل أي عملية عسكرية من منتصفها، ومقترح القوة العربية المزعومة هو مقترح لعبد الفتاح السيسي ولكن بإيعاز من أبوظبي على ما يؤكده محللون.