تشكل إمارة الشارقة نموذجاً مميزاً في مجال التنمية المجتمعية والتكافل الإجتماعي من خلال ما تقدمة حكومة الإمارة من مبادرات خيرية تستهدف الفئات الأكثر حاجة بين مواطنيها و تلمّس احتياجات فئات المجتمع، وهو ما كشف عنه خطاب حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال افتتاح دورة الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي التاسع للمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة قبل أيام.
هذه المبادرات التي تستهدف توفير العيش الكريم لأبناء الإمارة، وتيسير سبل العمل لهم شعوراً بمسؤولية الإمارة تجاه مواطنيها، ليساهم كل منهم في مسيرة التنمية والنهضة بالوطن، مما يستدعي أن يتم الإستفادة من تجربة إمارة الشارقة في مجال العمل المجتمعي لتشمل مختلف إمارات الدولة لتوفير العيش الكريم للمواطنين وتوجيه موازناتها نحو تنمية المجتمع المحلي، باعتبار أن المواطن هو رأس مال الدولة وعنصر قوتها ونهضتها.
المبادرات التي أطلقها حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي جاءت ضمن نهج اختطه القاسمي وعبر عنه في خطابه خلال افتتاح دورة الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي التاسع للمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، حيث حدد 6 فئات سيتم العمل على مساعدتها وحل مشاكلها وتقديم الخدمات لها من قبل حكومة الإمارة، وهم كبار السن، الأرامل والمطلقات، الأيتام، ذوي الإعاقة، الباحثين عن العمل، والأميين ومن لم يكمل التعليم، وذلك ضمن إحصاءات رسمية إجريت في الإمارة، مع تخصيص 200 مليون درهم احتياطي خارج الميزانية العامة لحكومة الشارقة لعام 2016 لمعالجة مشاكل هذه الفئات.
وحول فئة الأيتام أشار القاسمي إلى أن عددهم في الإمارة بـ1273 يتيما، سواء يتيم الأب أو الأم أو الاثنين معا، مؤكدا أن حكومة الإمارة ستقدم دعما واهتماما خاصا بالأيتام ما دون الـ18 عاما.
كما أكد توفير التأمين الصحي لحالات كبار السن و البالغ عددهم في الإمارة 9000 شخص من الرجال والنساء، مع تسجيل 6 آلاف حالة من فئة «كبار السن» فوق الـ 60 عاماً في التأمين الصحي.، مع العمل على الوصول لهم من خلال العيادات المتنقلة التي تجوب الإمارة لتشخيص الحالات ومعالجتها ومتابعتها، خاصة لفئات كبار السن ممن لا يستطيعون الذهاب للمستشفى نظراً إلى الظروف الصحية أو غيرها، والعمل على توفير تأمين اجتماعي مناسب لهذه الفئة من معيشة ومسكن.
كما أشارالقاسمي إلى وجود اكثر من 8000 حالة تحصل على إعانات شهرية، سواء محلية أو اتحادية، مع العمل على معالجة كثير من الديون المترتبة على هذه الحالات من خلال سداد أكثر من 142 مليون درهم من أصل 340 مليون درهم وذلك بالتعاون مع الديوان الأميري بالشارقة ولجنة معالجة الديون، مع تثمينه لمبادرة مصرف الشارقة الإسلامي على إسقاط ديون عدد من الحالات، وتعاونه لدعم استقرار هذه الأسر، ودفع عدد من الإيجارات لتخفيف الأعباء المالية عن بعض الأسر إلى أن يتم توفير مساكن لهم.
وحول فئة من لم يكملوا تعليمهم ولأهمية التعليم في نهضة المجتمعات وبناءها وازدهارها وحماية أبناءها من التطرف والجهل، جاء اهتمام الإمارة بمعالجة هذه المشكلة حيث أشار القاسمي في خطابه إلى أن عدد من لم يلتحقوا بالتعليم بـ8600 شخص أمي في الإمارة فيما بلغ عدد الأشخاص الذين لم يتمكنوا من استكمال تعليمهم في الإمارة يقدر بـ68 ألف شخص يمثل عدد الرجال منهم 35 ألف والنساء 33 ألف منهم 20 ألف شخص من هؤلاء أبدوا رغبتهم في استكمال تعليمهم، مؤكداً أن العمل جار على إعداد برامج تعليمية وتأهيلية لهم لعودتهم إلى مجال التعليم.
وفيما يتعلق بفئة أئمة المساجد ونظراً لأهمية دورهم في إصلاح المجتمع، وجه الدكتور القاسمي بإنشاء وإقامة مكتبة في كل مسجد بإمارة الشارقة، على أن يتولى إمام المسجد مهام الإشراف عليها، ويُخصص له نظير تلك المهام مقابل مجز يُضاف إلى مخصصه الحالي، بدءاً من أمس دون الانتظار إلى إنجاز المكتبات في المساجد، إضافة إلى التكفل بمسكن كريم لكل إمام مسجد والتكفل بدراسة وتعليم أبناء الأئمة في إمارة الشارقة من مرحلة الابتدائية حتى التخرج في الجامعة.
وتعتبر شريحة أئمة المساجد والمشتغلين في الشأن الديني إحدى الشرائح الاجتماعية التي تتطلب مزيدا من الرعاية وتحسين ظروف حياتهم المعيشية وسد متطلباتهم. كما لا يزال هناك الكثير من الشرائح التي تحتاج توجيهات وقرارات من حكام الإمارات وعلى صعيد الدولة وليس على صعيد جزئي.
كما اعتمد حاكم الشارقة، تعيين 583 من أصحاب الحالات الإنسانية والاجتماعية وذوي الإعاقة، في كل دوائر وهيئات حكومة الشارقة خلال شهر رمضان، مع إعلانه عن تكفله بتوفير المنح الدراسية للطلبة من ذوي الإعاقة الراغبين في إكمال دراستهم الجامعية في مراحل الدبلوم أو البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه في جامعة الشارقة.
ويبلغ عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في الإمارة 2000 شخص، تتنوع إعاقاتهم بين السمعية والبصرية والفكرية والحركية، حيث أكد القاسمي أنه سيتم تأهيل منازلهم ومساعدتهم بما يتناسب وطبيعة إعاقتهم كعمل مصاعد في منازل الأشخاص الذين تقف إعاقتهم حائلا دون تمكنهم من الصعود إلى الطابق الثاني مثلا، وغيرها من المساعدات المختلفة كتوفير وظائف مناسبة لهم.
وفيما يتعلق بتشغيل الشباب وتوفير فرص العمل لهم لما يشكله الشباب من عنصر فاعل في نهضة المجتمعات، وتلافياً لمشكلة البطالة وما تتسبب به من سلبيات إجتماعية ، ركزت مبادرت حاكم الشارقة على إيجاد فرص عمل للشباب، فكان التأكيد على ضرورة تأسيس شركات تختص في مجال الصناعة والتجارة، بحيث يعمل بها متخصصون لدعم الشباب ورواد الأعمال، بما يحقق المستوى المعيشي العالي وزيادة دخل الأفراد، و توجيه دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية لدراسة حالات متوسطي الدخل بشكل أكثر تفصيلاً للوقوف على احتياجاتهم، وذلك بعد أن درست حالات قليلي الدخل.
وكشف تعداد الشارقة عن أن ما يقدر بـ 5665 شخص يبحثون عن عمل، فيما أكد القاسمي توظيف 3300 شخص خلال العام الماضي بعد توفير التدريب اللازم لهم.
و فيما يتعلق بملف الأسرة والحفاظ على تماسكها وحفظ الاستقرار الأسري في المجتمع للحفاظ على الأبناء ومنعهم من سبل الانحراف المجتمعي عبر تأمين العيش الكريم لهم ، جاء اهتمام إمارة الشارقة بفئة الأرامل والمطلقات، حيث كشف تعداد الشارقة أن هناك 3500 أرملة في الإمارة و2383 مطلقة تتراوح أعمارهن بين 35-40 عاما، إضافة إلى وجود 177 امرأة مهجورات من قبل أزواجهم، حيث أكد القاسمي على العمل لمعالجة مشكلتهن مع أزواجهن حفظاً لهن ولحقوقهن.
كما شهدت الإمارة عدة مبادرت إنسانية ومنها ما يتعلق بالإفراج عن 130 نزيلا من مختلف الجنسيات في إدارة المؤسسة العقابية والاصلاحية في شرطة الشارقة بمناسبة عيد الأضحى المبارك وذلك ممن أمضوا نصف مدة محكوميتهم وثبت أهليتهم للتمتع بالعفو وذلك وفق شروط حسن السيرة و السلوك.
كما استعادت إدارة مراكز الشرطة الشاملة بالقيادة العامة لشرطة الشارقة مبلغ 246 مليوناً و732 ألفاً و112 درهماً لأصحابها من دون الحاجة لإحالة القضايا إلى ، وذلك ضمن مبادرة «الصلح خير» التي تهدف إلى تعزيز حل المنازعات المالية عن طريق الصلح بين الأطراف المختلفين، وإتاحة الفرصة للمدعى عليهم في قضايا الشيكات دون رصيد، لتسديد المبالغ المستحقة عليهم مباشرة لدى مراكز الشرطة، قبل إعداد ملفات القضايا وإحالتها إلى النيابة العامة، فيما عدا أصحاب السوابق المتكررة في هذه القضايا.
وتلخص هذه المبادرات الحرص على تعزيز الاستقرار الاجتماعي في الإماراة باعتبار أن الفرد هو اللبنة الأساسية في المجتمع وأن من شأن هذه المبادرات مواجهة مخاطر الآفات المجتمعية التي تأتي نتيجة تفشي الفقر والجهل والبطالة والحرمان في المجتمع، مما يتطلب أن تكون هذه المبادرات نهجاً رسميا يجب تعميمه في مختلف إمارات الدولة بما من شانه حفظ المجتمع وتقوية الدولة واستقرارها.