أوردت واشنطن بوست أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قرر التدخل شخصيا في الأزمة الجارية بين دولة قطر وجاراتها، وسيصل إلى الكويت غدا لقضاء أسبوع كامل، مضيفة أنها لا تعلم حجم وتفاصيل الضغط الذي ترغب أميركا في ممارسته على الأطراف.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أنه بعد البيانات والتصريحات العلنية والمكالمات الهاتفية الخاصة والوساطة الكويتية التي لم ينتج عنها شيء إيجابي، قرر تيلرسون الذهاب إلى المنطقة لحل الأزمة التي تهدد العمليات الأميركية ضد "الإرهاب" في الشرق الأوسط.
وأشار التقرير إلى أن تيلرسون تعرّض لانتقادات من الكونغرس والبيت الأبيض لعدم استغلاله -بما يكفي- خبرته كرئيس لشركة إكسون موبيل للنفط العملاقة، وفي العلاقات مع العالم الخارجي؛ في هذه الأزمة.
تيلرسون عامل توازن
وعلقت الصحيفة بأن النجاح في الخليج سيعيد -على الأقل- الثقة الكبيرة في تيلرسون، التي بدأ بها عمله كوزير للخارجية، وفي النظر إليه كعامل موازن لرئيس متهور وضعيف الخبرة.
لكن، وحتى كبار المسؤولين الأميركيين الذين يعتبرون تيلرسون أنسب الأشخاص لمهمة وقف التصعيد في الخليج، يحذرون من أن الأمر ليس سهلا. وأشار التقرير إلى أن تهمة "تمويل الإرهاب" التي يبدو أن هذا النزاع في ظاهره يدور حولها، يمكن أن تنطبق على جميع أطراف الأزمة لا على قطر وحدها.
وقالت واشنطن بوست إن مساحة الحركة لأميركا محدودة نظرا إلى عمق الخصومة والعداء والتمسك بالمواقف من جانب أطراف الأزمة، إلى درجة أن أي تنازل من قبل أي من الأطراف يبدو حاليا أمرا مهينا له، بالإضافة إلى المصالح التي لا تستطيع أميركا التخلي عنها في كل الدول المعنية.
محور الاهتمام الأميركي
كما ذكرت الصحيفة أن لأميركا ما يهمها أكثر من أي تهم متبادلة بين أطراف الأزمة، وهو أن النزاع نفسه يهدد الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط. فرغم أن النزاع لم يؤثر مباشرة وحتى اليوم على العمليات في القاعدة الجوية الأميركية الكبيرة بقطر، أو قاعدة الأسطول الأميركي الخامس في البحرين أو النشاطات المشتركة التي تلعب دورا مركزيا في الحروب بسوريا والعراق وأفغانستان، فإنه يهدد بصرف الاهتمام عن هذه المهمات.
وأشارت إلى أن تيلرسون ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس دعوَا الأطراف إلى حل النزاع بأسرع وقت. وبينما اتفقا على أن بإمكان قطر عمل المزيد لوقف تمويل "الإرهاب" من داخل أراضيها، فإنهما يعتقدان أن تمويل "الإرهاب" ينطبق على جميع دول الخليج. وذهب ماتيس في التضامن مع قطر كشريك أمني بعيدا، فقد استضاف وزير دفاعها خالد العطية الشهر الماضي في واشنطن، كما أعلن البنتاغون مرة أخرى أن ماتيس تحدث هاتفيا مع العطية الخميس الماضي حيث أكدا التزامهما باستمرار التعاون وتعميق الشراكة الإستراتيجية بين بلديهما.
وقالت الصحيفة إن جزءا من المشكلة هو الانحياز العلني للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية وشركائها، حيث اتفق ترمب مع الرياض وحلفائها على إلصاق تهمة تمويل "الإرهاب" بقطر منذ زيارته للرياض في مايو الماضي.
وكان تيلرسون قد أشار إلى أن الدول المحاصرة لقطر تستخدم قضية "الإرهاب" الجذابة للغرب كغطاء لتغيير سياسات قطرية أخرى طالما عارضتها هذه الدول.
الخطوة التالية لدول الحصار
ونسب التقرير إلى دبلوماسيين عرب قولهم إن الخطوة التالية لدول الحصار لتشديد حصارهم على قطر هو تجميد الحسابات المصرفية للبنوك القطرية، بالإضافة إلى عقوبات أخرى، واصفين ذلك بأنه خطوة كبيرة في منطقة يتخطى فيها الاقتصاد والمال الحدود في كثير من الأحيان.
ووصفت تهمة "تمويل الإرهاب" التي يركّز عليها ترمب بأنها الأسهل حلا، وذلك من خلال زيادة الرقابة الأميركية، كما يقول مسؤولون في واشنطن.
وحاولت الصحيفة تلخيص نقاط الخلاف الذي قالت إنه استمر سنوات بأنها تدور كلها حول دور الإسلام السياسي والسيطرة الداخلية للحكومات في المنطقة، ووسط ذلك منع نشاط الإخوان المسلمين، موضحة أن الإدارة الأميركية تقر بأن استضافة الدوحة لجماعة الإخوان ودعمها في البلدان الأخرى يثير المشاكل، لكنهم يعتقدون أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاق بشأنها، وذلك ربما بوقف قطر دعمها للإخوان في مصر وليبيا. كما أن الطلب بإغلاق "شبكة الجزيرة الإعلامية" ذي العلاقة بالإسلام السياسي، يمكن معالجته بتغييرات في برامج الشبكة.
واختتم التقرير بالقول: لكن السعودية تقول حتى اليوم إن مطالبها "غير قبلة للتفاوض".