ذكر مصدر دبلوماسي رفيع أن الحرب اليمنية تقترب من (المشهد الأخير) وأن ساعة الصفر لنهاية هذه الحرب أصبحت قريبة جدا أكثر من أي وقت مضى، وأن التحركات الدبلوماسية المتسارعة في المنطقة العربية تتجه نحو إغلاق ملف الحرب اليمنية.
وقال المصدر الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريحات لصحيفة «القدس العربي» اللندنية، «إن الحرب اليمنية أضحت على عتبة الفصل الأخير، وأن دول التحالف، كما الانقلابيون الحوثيون والرئيس السابق علي صالح، لم يعودوا قادرين على الاستمرار في العمليات العسكرية في اليمن».
وأوضح أن «طول أمد الحرب اليمنية، أصاب جميع الأطراف المتصارعة فيها بحالة إنهاك شديدة، وفي مقدمتها قوات التحالف العربي والانقلابيون الحوثيون وصالح».
مؤكدا أن التصدع الكبير الذي قوّض مؤخرا العلاقات الخليجية المكونة الأساسية لدول التحالف، دفعت بقوة نحو ضرورة إنهاء الملف اليمني في أسرع وقت ممكن، لأن كلفته أصبحت باهضة على الجميع، وأن الانقلابيين (الحوثيين/ صالح) تشجعوا أكثر في التمادي وضرب المصالح السعودية.
وذكر أن «تشتت الأهداف والغايات من هذه الحرب وخروج أطرافها عن السيطرة في اليمن أصبحت مؤثرة بشكل كبير على مسار الحرب وأن الجميع أصبحوا يتطلعون إلى الوقف العاجل لها، والى الخروج منها بأقل الخسائر، وهو ما دفع بدول التحالف العربي، وفي مقدمتها السعودية والإمارات العربية إلى التسابق على التقارب مع طهران من أجل الضغط على المتمردين الحوثيين للرضوخ لـ»مشروع حل» من المقرر أن يطرح قريبا للنقاش عبر المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة بين أطراف الصراع في اليمن.
وقال «إن الحرب اليمنية بدت في ظاهرها بين القوات الحكومية اليمنيين والانقلابيين، غير أن فصولها الأخيرة الراهنة كشفت أن الأطراف اليمنية المتحاربة لم يكونوا إلا أدوات بيد القوى الخارجية، لتأدية مشاهد حرب بالوكالة، ساحتها اليمن، وأن القوى المؤثرة والفاعلة في هذه الحرب هي من تتباحث لوضع اللمسات الأخيرة لمشهدها الأخير، بينما أصبح دور الأطراف اليمنية مجرد (كومبارس)» على حد تعبيره.
وأوضح أن جميع الأطراف اليمنية في هذا الصراع أصبحوا منهكين وخاسرين في هذه الحرب، التي لم يكونوا يتوقعوا أن تستمر كل هذه الفترة التي تجاوزت السنتين والنصف، وأن كل طرف خسر بشكل أو بآخر.
وأورد على سبيل المثال «علي صالح خسر مكامن القوة لديه وهي قوات الحرس الجمهوري، التي استطاع الحوثيون تجييرها لخدمة مصالحهم، فيما خسر الحوثيون الشارع اليمني الذي أصبح ناقما عليهم لكثرة انتهاكاتهم للحقوق والحريات ولإفراطهم في الانتقام، وخسرت الحكومة اليمنية سمعتها في مناطق سيطرتها لفشلها الذريع في إدارة شؤون الدولة هناك، كما خسرت المقاومة الشعبية قدراتها العسكرية إثر فقدانها للعديد من قادتها الميدانيين وإحجام قوات التحالف عن دعمها عسكريا بالشكل المطلوب، لأبعاد سياسية».
وأشار إلى أن ما تبقى من الوقت حاليا ما هو الا محاولة من جميع الأطراف لاستنفاد طاقتهم القصوى لإبراز ما بقي في جعبهم من مكامن قوة للدخول في المفاوضات المقبلة بمستوى قوي لرفع سقفهم التفاوضي.
وكان المبعوث الخالص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ قام بجولة مكوكية في دول المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية، ابتدأها بسلطنة عمان ثم السعودية فإيران وانتهاء بدولة الإمارات العربية، وذلك لتسويق هذا المشروع لحل الأزمة اليمنية، والذي لم تتضح معالمه بعد، وان كانت ردود الأفعال إزاءه من قبل الأطراف اليمنية غير مبشّرة، ولكن العديد من المعطيات الراهنة تؤكد أنه في حال اتفقت الأطراف الخارجية واللاعبين الاقليميين على مضمونه فإنه لن يسع الأطراف اليمنية الا القبول به بكل ما فيه من علل وأطروحات لم تكن مقبولة من قبل.
ويعتقد العديد من اليمنيين أن إطالة أمد الحرب في اليمن كانت بغرض إيصال الجميع إلى قناعة بالقبول بأي حل يطرح على طاولة المفاوضات نظرا للكلفة البشرية الكبيرة التي خسرها اليمن وللفاتورة الانسانية الباهضة التي دفعها اليمنيون طوال أكثر من سنتين ونصف من حرب استنزاف أكلت الأخضر واليابس وأوصلت البلاد إلى حافة الإنهيار الكامل وتسببت له كارثة انسانية غير مسبوقة.