06:28 . النفط يتجه لخسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني... المزيد |
04:18 . حكومة رأس الخيمة تتيح الإقامة الذهبية للمعلمين بالمدارس الخاصة... المزيد |
11:23 . منتخبنا الوطني يحقق فوزاً سهلاً على قيرغيزستان في تصفيات آسيا للمونديال... المزيد |
11:22 . "نيويورك تايمز": ماسك التقى بسفير إيران لدى الأمم المتحدة... المزيد |
11:21 . رئيس الدولة وملك الأردن يبحثان الجهود العربية المبذولة لإنهاء الحرب على غزة ولبنان... المزيد |
11:20 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الهندي الشراكة الاستراتيجية وقضايا دولية... المزيد |
11:20 . وزيرا الدفاع السعودي والبريطاني يبحثان التعاون الدفاعي وتحديات المنطقة... المزيد |
11:19 . العفو الدولية: أسلحة فرنسية مصدّرة للإمارات تُستخدم في حرب السودان... المزيد |
12:52 . تمخضت إيران فأنجبت فأراً.. الجزر الثلاث المحتلة "إماراتية" بمئات الوثائق والمراجع... المزيد |
09:12 . التعادل السلبي يخيم على مواجهة غينيا الاستوائية والجزائر بتصفيات أمم أفريقيا... المزيد |
09:05 . قتلى ومصابون في قصف إسرائيلي على دمشق... المزيد |
08:36 . 19 مليون مسافر خلال سبعة أعوام عبر “طيران الإمارات” و”فلاي دبي”... المزيد |
08:04 . "رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لـ"تطهير عرقي"... المزيد |
07:57 . أرباح "طاقة" تتراجع 59% خلال تسعة أشهر... المزيد |
07:24 . حاكم الشارقة يصدر مجموعة قرارات للتكليف بمهام سلطة القضاء بالإمارة... المزيد |
03:14 . أبوظبي تعلن اعتقال 58 مشتبهاً وضبط 32 كيلوغرام ذهب في الكونغو... المزيد |
لكن الملكية السعودية قائمةٌ على نظام سُلّطةٍ مركزي، لا يُعيق فقط أية محاولاتٍ حقيقية للنقاش، بل أيضاً يعرقل الجهود الحقيقية الرامية إلى خلق اقتصادٍ متنوع معتمد على رأس المال البشري.
فلتنظر إلى نظام التعليم السعودي. في ظل اقتصادٍ منفتح على العالم، ينبغي على جميع الأنظمة التعليمية أن تزوّد خريجيها بمهاراتٍ أساسية. في أيرلندا على سبيل المثال: حددت مؤسسةٌ تُدعى "مجموعة الخبراء لتحديد المهارات المستقبلية الضرورية"، والتي تُقدم خدمات استشارية للحكومة هناك، مجموعةً واسعةً من القدرات التي ينبغي أن تحظى بها القوى العاملة لضمان توظيفها في الاقتصادات الحديثة.
هذه هي المهارات الأساسية الضرورية للالتحاق بسوق التوظيف، وتشمل القدرة على القراءة والكتابة، والحساب، واستخدام تقنيات الاتصالات والمعلومات الأساسية، ثم تأتي المهارات الاجتماعية مثل القدرة على التواصل. وأخيراً، هناك المهارات الفكرية والمفاهيمية، مثل البحث، والتحليل، وحل المشكلات، والتخطيط، والتفكير النقدي، والقدرات الإبداعية.
لكنَّ نظام التعليم السعودي يوفّر لطلابه بالكاد المهارات الأساسية، كالقدرة على القراءة والكتابة بالعربية، والحساب، بالرغم من موازنته الفلكية، التي بلغت أكثر من 53 مليار دولار في عام 2017.
ويعد هذا الرقم الضخم مثيراً للسخرية نظراً لنتائجه الضعيفة الجلية في انتشار البطالة بين خريجي نظام التعليم السعودي. وهو ما ذكره كاتب رأي لدى موقع "ميدل إيست بوست" في 2012:
"ربما كانت المشكلة الأكثر خبثاً هو أنَّ هؤلاء الخريجين يميلون إلى رؤية العالم من منظور مجال دراستهم، لأنَّهم تلقوا تعليمهم في مجالٍ محددٍ ضيق. ويمكن اعتبار أنَّهم تلقوا "تعليماً جيداً" إذا ما نظرنا إلى الشهادات الرسمية التي يحملونها حالياً، لكن مستوى تعليمهم يعتبر رديئاً للغاية، لأنَّ معرفتهم بالعالم والبشرية أقل مما كان سينتجه أي مجالٍ دراسي آخر. وتعد الوظائف الوحيدة المؤهلين لشغلها هي تلك الوظائف الاصطناعية، التي أتاحتها الحكومة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ووجد تقريرٌ لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنَّ "نسبة الشباب السعوديين المتوقع حصولهم على شهادة ماجستير أو ما يعادلها من الشهادات الأخرى خلال حياتهم هي من أدنى المستويات بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاقتصادات الشريكة لها، وفقاً للبيانات المتاحة. ووضع التقرير السعودية في المرتبة الـ37 بين 38 عضواً في المنظمة والدول الشريكة لها.
ولا تكمن المشكلة حتى في كون عدد الخريجين محدوداً. إذ كان محمد الحسن، نائب الشؤون التعليمية والأكاديمية في جامعة الملك سعود، قد سأل منذ عقدٍ تقريباً وقال: "لماذا لا يُحرِز اساتذتنا أي تقدمٍ لافت رغم أنَّهم تخرجوا من جامعات ييل، وهارفارد، وستانفورد؟ لا يوجد لدينا نظامٌ لتوظيف الأساتذة الجامعيين، ولا ننفق المال على الأبحاث. ليست هذه هي البيئة الملائمة لتشجيع الإبداع".
ولم يتغيّر الكثير منذ ذلك الحين.
تتسم طبيعة المهارات التحليلية بأنّها قابلةٌ للانتقال من شخصٍ لآخر، دون التقيد بمجالات التخصص مثل القانون أو الاقتصاد. وتسمح هذه المهارات بالتدقيق في كل مجالٍ اجتماعي، ما يؤدي إلى ظهور مواطنين قادرين على التفكير بشكلٍ مستقل بعيداً عن الدعاية الحكومية. لكنَّ العائلة الحاكمة السعودية تخشى ظهور مثل هؤلاء المواطنين - وقد صُمّمم النظام التعليمي بحرصٍ لإعاقة تطور هذه القدرات.
وبدلاً من هذا، يهدف نظام التعليم السعودي إلى تحقيق نتائج محددة، إذ يُنفذ مهمة السيطرة على عقول المواطنين عبر التركيز المُفرِط على تعاليم الطاعة غير المشروطة للحكام - وهو ما يعرف بفقه طاعة ولي الأمر. إنَّه نظامٌ منهجيٌ لغسيل أدمغة المواطنين طوال 12 عاماً، متعمداً خلق مواطنين غير قادرين على تغيير آرائهم والخروج عما يسمى بـ"الإجماع الوطني" على الطاعة غير المشروطة للملك.
ورغم أنَّ "الإجماع الوطني" خرافةٌ، ما زال قطاعٌ عريض من السعوديين عاجزين عن رؤية هذا للأسباب المذكورة هنا. ولا يزال يُروّج لهذه الفكرة عبر المنصات الحكومية التي تشمل خطب صلاة يوم الجمعة، والبرامج التلفزيونية الدينية.
ولايمكن أن يؤدي ضعف الرقابة وتركّز السلطة في يد جماعةٍ محددة إلى أية نتيجة سوى إعاقة التنمية الاقتصادية الحقيقية. فلتُفكّر في قطاع الصناعات التكنولوجية وأهمية الإبداع المستمر لتطوير منتجاتٍ وأسواقٍ جديدة. إنَّه ببساطةٍ أمرٌ لا يمكن تحقيقه في السياق السعودي، الذي يقوّض عجزه المؤسّسي أية آمالٍ لتنويع الاقتصاد.
أحد أسباب فشل هذه الحكومة هو نقص الرقابة المفروضة عليه. على سبيل المثال، عام 2014، أعلنت السعودية عما سُمِّيَ بمشروع الملك عبدالله لإصلاح قطاع التعليم العام، و"هي خطةٌ مدتها أربع سنوات وتبلغ تكلفتها أكثر من 80 مليار ريال سعودي (21.33 مليار دولار) لتطوير قطاع التعليم بالبلاد".
تُوفِّيَ الملك عبدالله بعدها في يناير/كانون الثاني عام 2015، وصعد حاكمٌ جديد إلى عرش المملكة. أعلن الملك سلمان منذ ذلك الحين عن استراتيجياتٍ جديدة، تلغي في معظمها الخطط القديمة. لكن يمكن للمرء أن يطرح تساؤلاً وهو: ماذا حدث لخطط إصلاح التعليم، التي أُعلن عنها قبل عامٍ واحد فقط من تنصيب الملك الجديد؟ أو ما مصير الموازنة الضخمة التي خُصِّصَت لها؟
أعلن الأمير خالد الفيصل، الذي كان وزيراً للتعليم حينها، عن المشروع في مؤتمرٍ صحفي عام 2014، على الرغم من أنَّ المشروع كان ممولاً بالفعل بمليارات الدولارات في الموازنات الحكومية المتعاقبة منذ عام 2008 وحتى 2015.
وخلال المؤتمر، حدد الأمير فيصل مبالغ مالية ضخمة لكل بندٍ في المشروع، لكن لم تتضح الكيفية التي توصّلوا بها إلى هذه الأرقام ومن سيُراقب الكيفية التي ستُنفَق بها هذه الأموال؟
وتُعد الكيفية التي أُسنِدَت بها عقود المشروعات والطريقة التي توصّلوا بها إلى هذه الأرقام أمراً مبهماً نظراً لغياب هيئةٍ رقابية مستقلة وفعّالة، وفي ضوء المنهج الحكومي الذي يهدف إلى إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وقد يتوقع المرء الحصول على ردٍ من الأمير فيصل، الذي يشغل حالياً منصب أمير منطقة مكة. لكن ليس لدى أحد القدرة على محاسبته: لقد مُنِحَ ببساطة منصباً جديداً، تاركاً وراءه أسئلةً لم يُجَب عليها.
تلقت وزارة التعليم تحت إدارته تمويلاتٍ هائلةً كان يُفترض أنَّها مخصصةٌ لإصلاح نظام التعليم العام. لكن لم يتحقق الهدف من المشروع مطلقاً: وبتعيينه أميراً لمكة، منحت الحكومة لفيصل حصانةً ضد أية تداعيات محتملة.
وربما يتوقع أحدهم أن تُحقّق الهيئة الوطنية السعودية لمكافحة الفساد (نزاهة) فيما حدث. فمن المفترض أنَّها تتمتع باستقلاليةٍ سياسيةٍ ومالية ولا تخضع إلا لمحاسبة ممثلي الشعب. لكنَّ هذه الهيئة بلا أي نفوذ، تُعيِّن الحكومة أعضاءها ولا يتمتعون بأي صلاحياتٍ واضحة. وليس لديها أية سُلّطةٍ للتحقيق مع المتهمين المحتملين أو أي قضايا، ووجودها لا معنى له دون حصولها على استقلاليةٍ كاملةٍ.
وعلى النقيض من دورها المُعلن، تُوّهِم الهيئة عامة الشعب كي يُصدّقوا أنَّ الحكومة جادة بعض الشيء في مكافحة الفساد. ويجعل هذا الهيئة، كما يبدو، جزءاً من المشكلة نفسها.
ولهذا كان لابد من فرض رقابة على خطة عام 2014. وينبغي أن يحضر الوزراء الذين كانوا جزءً من هذه الإستراتيجية جلسات استماعٍ علنيةً، حيث يمكن استجوابهم من قبل ممثلي الشعب، بدلاً من النواب المُعينين من قبل الحكومة في مجلس الشورى.
وعلى أرض الواقع، لم ينعم المعلمون والطلاب سوى بفوائد قليلة من هذه الخطط، في ظل ما يردده الكثير من السعوديين عن فشل المشروعات التعليمية فشلاً ذريعاً. وعندما غرَّد وزير التعليم السعودي أحمد العيسى معبراً عن امتنانه للدعم الذي توفره الحكومة للتعليم، لم يُقابَل سوى بالسخرية واللعنات.
لطالما لجأت السعودية، نظراً لطبيعة نظامها السياسي، لحلولٍ ترى فيها خياراتٍ سهلة.
فعلى سبيل المثال، يجبر برنامج "نطاقات" التابع لوزارة العمل السعودية القطاع الخاص على توظيف المواطنين السعوديين. وتواجه الشركات الخاصة عواقب وخيمة إذا لم توظّف عدداً كافياً من السعوديين، قد تصل إلى تجميد عمليات الشركة وسحب رخصتها.
وهذا مثالٌ تقليدي تُلقِي فيه الحكومة السعودية بمسؤولية فشلها على المجتمع نفسه. فبطالة الطلّاب السعوديون ترجع مباشرةً لنظام التعليم السعودي غير المؤهَّل: ويُمنَع السعوديون حتى من ارتياد المدارس الدولية الخاصة التي تدرّس مناهجاً غربية بالإضافة للمواد العربية والإسلامية.
لا تشكّل هذه المدارس تهديداً ضد الهُوية العربية والإسلامية إذ، أنَّها تُدرِّس مواداً متّصلة بتلك الهوية بالفعل: ولكنَّ المشكلة، من وجهة نظر السلطات الحكومية، هي مشكلةٌ سياسية، مفادها الخوف من أنَّ تلك المناهج الدراسية ستنمّي فكراً مستقلاً لدى طلّابها.
ونتيجة ذلك هوَ وجود قطاع خاص يدفع ثمن فشل الرياض في إيجاد توازنٍ بين حاجة الاقتصاد الحديث لقوى عاملة مؤهلة، وبين مصالحها المركزية السياسية.
ويعني هذا أنَّ العديد من المشاريع التجارية توظّف شباباً سعوديين في وظائف لا معنى لها، حيث يتلقّون أجراً مقابل لا شيء حرفياً. وبعضهم يظهر فقط في مكان عمله في نهاية كل شهر ليقبض راتبه ثم يختفي مجدداً.
وكما قال ولي العهد محمد بن سلمان نفسه، فإنَّ الحكومة السعودية دائماً ما تسيّر أمورها على طريقة "الحلول السريعة".
أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي في أغسطس/آب عام 2017 مشروع منتجع البحر الأحمر، ومن المقرر أن يكون ذلك وجهةً ترفيهية دولية على الساحل الغربيّ من الأرض المقدّسة (نعم، استخدام هذا الوصف مقصود).
ومن هنا، جرى إعلام مجتمعٍ محافظٍ وتقليديّ أنَّ حكومته تنتوي بناء منتجعٍ لا تسري فيه قوانين البلاد، ومن بينها الفصل بين الجنسين والالتزام بالرداء "الإسلامي"- يبعُد بضعة مئاتٍ من الكيلومترات فقط عن أكثر المواقع قداسةً في الإسلام.
في النشرة الترويجية للمنتجع، زُعِم أنَّ المشروع سيخلق 35 ألف فرصة عمل، ويولّد دخلاً سنوياً بقيمة 15 مليار ريال سعودي (4 مليار دولار). لكنَّه لا يأتي على ذكر ما سيُنفَق لتحقيق كُل هذا، وبهذا لا يمكننا معرفة ما إنَّ كان المشروع مربحاً بالمقارنة مع تكلفته أم لا.
وثانياً، هذا المشروع يمثّل مشكلةً أخلاقية وسياسية، إذ أنَّ فيه فرضٌ من الجهات العليا لقيمٍ غريبة عن المجتمع السعودي.
وعليه، فلم يأتِ هذا نتيجةً لتطوّرٍ ثقافيّ طبيعي من داخل المجتمع، بل هوَ قرارٌ ملكيّ يتنكّر، بين ليلةٍ وضحاها، لتعصّبه الديني الصارم والأعمى. وهذا يهين قدراً كبيراً من المجتمع السعودي الذي صدَّق ما قالته له الدعاية الدينية الرسمية على مدار عشرات الأعوام.
لا يمكننا سوى استنتاج أنَّ تحقيق تنوّع اقتصاديّ حقيقي لن يكون ممكناً تحت نهج الحكم السعوديّ الحالي، فما بالك أن يحدث في عصر ما بعد النفط. وهنا فإنَّ فشل الرياض في تليين قبضتها على السلطة هو أمرٌ يتعارض ببساطة مع أهدافها.
يؤدي الفساد لتضخّم تكاليف كل المشروعات التجارية، ويبتلع كُلَّ فوائض ربحها. والوسيلة الوحيدة للتقدّم هي القضاء على المركزية السياسية، واتخاذ إجراءاتٍ ضد الفساد، إذا ما كانت حكومة محمد بن سلمان الجديدة جادّةً في سعيها نحو تغييرٍ حقيقيّ.
لكنَّ التغيير الحقيقي أيضاً لا يمكن تحقيقه دون تعليمٍ جيد المستوى وحرية في الفِكر والتعبير. إذ لا يضيف النظام التعليمي السعودي القائم إلّا لمعدّلات البطالة في البلاد.
وبهذا يجب استبداله بنظامٍ يطوّر الفكر العقلاني، وغيره من المهارات التحليلية والمفاهيمية لدى الطلّاب: وإن لم يحدث هذا، فإنَّ الحكومة ستواجه تحدياتٍ صعبة في الأعوام المقبلة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لحماية حريّة الفكر والتعبير أن تُقدِّم، على المدى الطويل، سياقاً لتغييرٍ ليبراليّ في البلاد. وقد يؤسس هذا إطاراً لتغيّر الأفكار، ولإمكانية ظهورٍ مجتمعٍ متسامح.
من مصلحة السعودية والسعوديين أن يُسمَح بإجراء حوارٍ عام مسبقاً، وألّا يُؤخَذ المجتمع على حين غرة كما يحدث الآن، بحسب "هاف بوست عربي".