اعتبر الأمير المغربي هشام بن عبد الله بن عم ملك المغرب أنه بعد مرور قرابة سبع سنوات على الربيع العربي تعمل الثورة المضادة بقوة وفي كل مكان، ولكن برغم النجاحات التي تحققها لن تستطيع فرض النظام القديم. ويعتبر أزمة قطر خلقة من مسلسل مغامرات الثورة المضادة التي تقودها الإمارات والسعودية.
وفي مقال له في الجريدة الفرنسية الرقمية المتخصصة في القضايا العربية «أوريون 21» يكتب فيها صحافيون ودبلوماسيون سابقون أن الثورة المضادة لم تنتظر كثيرا بعد اندلاع الربيع العربي خاصة في مصر وليبيا وبعد قيام نظام علوي قريب من روح الشيعة بقمع الأغلبية السنّية في سوريا .
ويشير إلى ضعف الثورة المضادة التي لم تعد تمتلك زمام المبادرة ولكنها قادرة على التسبب في مزيد من الخسارات. ومن رهاناتها لتحقيق مكاسب هو خوف الشعوب من نتائج الثورات بعد الفوضى التي وقعت خاصة في سورية.
وفي تلميح إلى صعوبة تراجع المعسكر الشيعي في تطورات الشرق الأوسط وانعكاساتها على الثورة المضادة خاصة لمصلحة المعسكر السنّي، يستبعد الأمير شن الولايات المتحدة حربا على إيران. ويقول بارتكاب العربية السعودية خطأ عندما ربطت المستقبل بالتصريحات النارية للرئيس دونالد ترامب بدل المصالح العميقة لواشنطن وهي الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران.
ويرى في المعسكر السنّي الذي تقوده العربية السعودية ضعفا في الرؤية الاستراتيجية، ما يجعل الثورة المضادة مآلها الفشل مستقبلا. فقد تخلى هذا المعسكر عن سنّة العراق، وقام بضرب الإخوان المسلمين الذين يشكلون دعامة للسنّة محدثين انقساما.
وفي ظل هذه الأجواء، يبرز الأمير زاوية من جيوبولتيك لم تسترعِ انتباه الكثيرين وهي صعود القومية السعودية والإماراتية مع جيل جديد من الحكام، ويتكهن بمحدودية وفشل هذا التوجه، وهو الذي اكتشفته دول مثل المغرب والجزائر بعد استقلالهما منتصف القرن الماضي.
وانخرطت الثورة المضادة في مسلسل من المغامرات، ولكن هذا لا يفيدها في تحقيق الانتصار في آخر المطاف بل تخسر من مغامرة إلى أخرى.
فقد تورطت في الانقلاب العسكري في مصر، وأسهمت في تشجيع الحرب الأهلية في ليبيا، والحلقة التالية كان التورط في حرب في اليمن، ويعلم التحالف العربي أنه لن يربحها نهائيا، ولهذا يحاول خلط الأوراق عبر السياسة الداخلية من خلال تشجيع انفصال الجنوب. ويصنف الأمير أزمة قطر مغامرة أخرى في مسلسل الثورة المضادة التي تقودها العربية السعودية والإمارات.
ويؤكد أن المغامرات العسكرية الخارجية لم تجعل هذه المجتمعات في مأمن من التغييرات وموجة الديمقراطية بل هي نتاج التضييق على مجتمعاتها داخليا، مستشهدا بما حدث في اليونان والأرجنتين، حيث انتهت المغامرات العسكرية بنهاية الحكم العسكري.
ويركز كثيرا على العربية السعودية التي تقوم بمبادرات منها الترخيص للمرأة بالقيادة وتبني إجراءات ليبرالية، ولكن في آخر المطاف من دون تغيير في أرض الواقع بسبب غضب بعض الشرائح التقليدية المحافظة، كما أنها لم تكسب وفاء القوى الحية التي ترغب في تغيير حقيقي، ويضاف إلى هذا إجراءات التقشف الحالية وأخرى مستقبلا ستكون صعبة في ظل تراجع عائدات البترول، ثم إلغاء التوافق السياسي مثل التوافق داخل العائلة الملِكِية، كل هذا حوّل النظام السعودي إلى متصلب.
في مثل هذه الأجواء وقعت الثورة الإيرانية بين سنتي 1978- 1979.
ويؤكد امتلاك السعودية كل مقومات الشرعية لاعتماد آليات لتغيير وجهتها نحو إرساء زعامة إقليمية لكن شريطة تقويم حقيقي للذات، وهذا يعني وقف تصدير أزماتها إلى الخارج وضرورة التركيز على الإصلاحات الداخلية قبل فوات الآوان، بحسب ما نشرته "القدس العربي".