اعتبرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ما كان يجرؤ على القيام بما قام به، سواء داخل السعودية أو خارجها، لولا الدعم الذي وجده من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره غاريد كوشنر، رغم معارضة مؤسستي الخارجية والدفاع الأمريكيتَين لسياسات ترامب تجاه السعودية ودعمه "اللامحدود" لما يقوم به بن سلمان.
وقالت الصحيفة إن هذا الدعم من طرف الرئيس الأمريكي لمحمد بن سلمان، "ليس بلا ثمن، فهو يريد شركة أرامكو، درة التاج السعودي، التي يعتزم بن سلمان طرحها للاكتتاب العام وعرض ترامب أن يتم ذلك في بورصة نيويورك"، بحسب ترجمة خاصة لـ"الخليج أونلاين".
الصحيفة البريطانية رأت أن ولي العهد السعودي يحاول أيضاً أن يوطد حضوره الخارجي، ففي اليوم الذي أعلن فيه حملة اعتقالات طالت العشرات من الأمراء والوزراء والمسؤولين، أعلن رئيس الوزراء، سعد الحريري، استقالته من الرياض، وفي اليوم التالي تم استدعاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى السعودية، حيث تسعى الرياض إلى زيادة الضغط على عباس من أجل كبح جماح حركة حماس فيما يتعلق بعلاقتها مع إيران، فضلاً عن الصاروخ الحوثي الذي ضرب الرياض.
يسعى بن سلمان إذاً لمد نفوذه، ليس داخل السعودية وحسب، وإنما خارجها أيضاً، "وهذه استراتيجية كبيرة المخاطر بشكل غير عادي، خاصة أنه وجد داعماً كبيراً مثل الرئيس ترامب وصهره غاريد كوشنر"، تشير الصحيفة.
وترى أنه في حال نجح ترامب في إقناع بن سلمان بطرح أسهم أرامكو في نيويورك، فإن بريطانيا ستكون خاسرة وهي التي كانت تعتقد أنها المكان المناسب لهذا الاكتتاب، وهي المحتاجة له، خاصة عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وتتابع: "لقد تعمد بن سلمان وضع يده على ركائز النظام السعودي الأربع؛ وهي: الأسرة الحاكمة، رجال الأعمال، الأجهزة الأمنية، المؤسسة الدينية، ويبدو أنه في طريقه ليكون السلطة العليا".
وتعتقد أن بن سلمان فشل في الملفات الخارجية التي قادها منذ ظهوره على الساحة السياسية عقب تولي والده العرش قبل أكثر من عامين، فحرب اليمن وبعد نحو عامين لم تؤدِّ إلى ما كانت تطمح إليه السعودية؛ بل إن الحوثيين صاروا أكثر قوة، خاصة عقب قصفهم الرياض السبت الماضي، كما فرض بن سلمان وحلفاؤه في الإمارات حصاراً على قطر بدعوى علاقتها مع إيران وغيرها من المطالب، وسريعاً ما استقرت قطر ووطدت علاقتها مع تركيا وإيران، ما يعكس فشل سياسة السعودية تجاه قطر.
وتتطرق الصحيفة في مقالها إلى الدور الذي لعبه ترامب "بدعم حصار قطر وخاصة مع بدايات الأزمة، ومعه أيضاً صهره غاريد كوشنر، ما أغضب المؤسسة الأمريكية، وخاصة وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، وهما اللذان يعتبران قطر حليفاً استراتيجياً في المنطقة".
ولكن، ماذا لو غاب الدعم الذي يحصل عليه بن سلمان من ترامب وصهره؟ في هذه الحالة، تقول الصحيفة: إن "سياسات بن سلمان ستنقلب عليه، تماماً كما حصل في أحداث عام 1979 عندما وقعت حادثة الحرم المكي، بعدها سلمت العائلة الحاكمة مقاليد البلاد إلى السلطة الدينية، التي أسهمت في انتشار الفكر الوهابي المتشدد وتصديره حتى إلى خارج المملكة السعودية".