قال الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي إن أجواء القمع الحالية بالمملكة تذكره بأفعال وممارسات جهاز مخابرات ألمانيا الشرقية سابقا (شتازي) مضيفا أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كرس من خلال حملة اعتقالات "سلطاته المطلقة مدنيا وعسكريا".
ورأى خاشقجي -في مقال بأسبوعية دير شبيغيل الألمانية الصادرة السبت- أن المناخ السائد الآن في السعودية تعكسه حملة أطلقت على الإنترنت لمطالبة المواطنين بالتجسس على بعضهم البعض، ووضع المعارضين والناقدين في قائمة سوداء.
وذكر الكاتب في مقاله المعنون بـ "ولي العهد القادر على كل شيء" أن هذه "الأساليب الوضيعة، تظهر أن السبب في عدم ظهور أي صوت بالسعودية -إلا أصوات المسبحين بحمد ولي العهد محمد بن سلمان- هو أنه لا أحد بالمملكة الآن يجرؤ على التعليق".
ونوه خاشقجي -وهو أحد المقربين من الأمير الثري الوليد بن طلال الذي اعتقل ضمن الحملة الأخيرة لمحاربة الفساد بالمملكة- بأن اعتقال أمراء من الأسرة الحاكمة ووزراء سابقين ومديرين كبار قبل أيام، سبقتها قبل ثلاثة شهور حملة مماثلة اعتقل فيها أكثر من سبعين من المثقفين وعلماء الدين ورجال الأعمال المرموقين بتهم مزعومة تهدف لقمع كافة أشكال النقد.
وأوضح الإعلامي السعودي أن المعتقلين في الحملة الأولى من غير المعروفين في الخارج، بعكس المسجونين بفندق ريتز كارلتون، ومعظمهم من الداعين للإصلاح والسماح للنساء بقيادة السيارات.
واعتبر أن "التحولات الراهنة في الرياض لا تظهر -حتى الآن على الأقل- أنها ستقود لنظام حكم أكثر عدلا، فلدينا الآن قائد -لم يتول الحكم رسميا- كرس من خلال حملة اعتقالات سلطاته المطلقة مدنيا وعسكريا".
وأشار الكاتب إلى أن أصوات الأجيال السعودية الشابة -المتطلعة لتحول تشارك فيه ويمنحها صوتا- باتت تعبر بشكل متزايد عن انزعاجها الشديد من سياسات ولي العهد.
جنون العظمة
السعودية تشهد حاليا مناخا من جنون العظمة لم يكن موجودا منذ عام 1979 وفق خاشقجي الذي يرى أن ابن سلمان تجاوز السعي لخلافة والده إلى تشبيه نفسه بمؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود "فهو لا يذهب لمؤتمر أو فعالية إلا وحرص على التقدم بمفرده وعلى مسافة من مرافقيه".
ورأى المقال أن ولي العهد قلب البروتوكول الملكي رأسا على عقب، لكنه لم يمس بنظام المحسوبية السائد، وقال إن ابن سلمان عين في مناصب حساسة أربعين أميرا شابا، ليسوا إلا مجرد أتباع يخشونه ولا يجرؤون على نقده بكلمة، لأنهم يعتبرون أن رضاه هو طريقهم لمزيد من السلطة والنفوذ.
واعتبر الكاتب أن السلطة المطلقة طريق خاطئ مهما كان ذكاء الحاكم، وأوضح أن العرب لديهم تجارب سيئة مع قادة افترضوا فيهم الوطنية لكنهم سريعا ما تحولوا لدكتاتوريين مسؤولين عن معاناة شعوبهم وتردي أوضاعهم، وإقحام بلدانهم في حروب انتهت بالهزيمة.
وأشار إلى أن معظم العرب تواقون لنموذج حكم كالذي تقوده المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وليس كالذي يطبقه الرئيس الصيني شي جين بينغ، مضيفا أنه يتمنى أن تواجه بلاده الفساد بحملة صادقة وشاملة وليس إجراءات تستهدف أعدادا قليلة، وتهز ثقة المستثمرين وتضعف الاقتصاد.
أما فيما يخص القضايا الإقليمية، فقد عبر خاشقجي عن أمله في أن تصبح للسعودية القدرة على مواجهة النفوذ الإيراني وإنهائه في سوريا ولبنان واليمن دون الحاجة للحرب.