تناول الكاتب السعودي جمال خاشقجي، في مقالة له بصحيفة "واشنطن بوست"، ما وصفه بالفشل السعودي في اليمن، مؤكداً أن الرياض دمرت اليمن، وعليها الاستفادة من درس العام 1965.
يقول خاشقجي: "عندما اندلعت الحرب في اليمن في مارس 2015، فإنه مثله مثل بقية السعوديين كان مؤيداً لها؛ للوقوف بوجه السياسات التوسعية الإيرانية، التي بات نفوذها يمتد على كامل منطقة شمال السعودية، وصار واضحاً أن الهلال الشيعي يمتد من إيران إلى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان".
ويتابع: "لقد أيدت الحرب على المتمردين الحوثيين لأنني رأيتهم نقيض الربيع العربي الذي أيدته أنا، ولأنها وقفت بوجه حكومة بلادي، فلقد اجتاح الحوثي اليمن، وانقلب على السلطة في الأشهر التي سبقت الحرب السعودية، كما أنه رفض ترتيبات تقاسم السلطة التي كان من المفترض أن تنقل اليمن إلى الديمقراطية بعد ثلاثة عقود من الحكم الديكتاتوري. وبحلول مارس 2015 أجبر المتمردون الرئيس اليمني وحكومته على الفرار من البلد"، بحسب "الخليج أونلاين".
خاشقجي عبر عن قلقه من فشل السعودية في وقف التقدم الإيراني على الرغم من الإنفاق الهائل على الحرب، قائلاً: "هناك تقديرات موثوقة تقول إن التكلفة اليومية لحرب اليمن تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم، وهو ما أدى إلى استنزاف الخزينة السعودية".
وأوضح أن "السعودية استنزفت في هذه الحرب ثلث ميزانيتها، التي انخفضت إلى 400 مليار دولار. أنظمة صواريخ باتريوت الأمريكية الصنع تبلغ كلفتها نحو 3 ملايين دولار، وهي منظومة حيوية للسعودية لحماية بنيتها التحتية، ومن ضمنها محطات التحلية على البحر الأحمر".
الأكثر سوءاً- بحسب الكاتب- من تلك العواقب الاقتصادية التي تدفعها السعودية من جراء حرب اليمن هو أن اليمن على وشك أكبر كارثة إنسانية، تفوق حتى كارثة الجفاف الذي ضرب أفريقيا في تسعينيات القرن الماضي، كما أن نحو 17 مليون يمني من مجموع السكان البالغ 28 مليون نسمة سيعانون الجوع.
ويرى خاشقجي أن السعودية مسؤولة عن هذا الوضع المتردي في اليمن، كما أن سمعتها تضررت بشدة، وأضعفت مصداقيتها.
ويؤكد الكاتب أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إعلان وقف الحرب في اليمن، فلقد حاولت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً، إلا أنها فشلت، ومن ثم على السعودية أن تستأنف محادثات السلام تماماً كما فعلت في العام 1965 لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن، موضحاً أن "السعودية قادرة على أن تقوم بذات الدور من خلال الانتقال من مشارك نشط في الحرب إلى ضامن للسلام".
وذكر أن الملك فيصل تمكن، رغم انحيازه في حرب اليمن الأهلية عام 1965، من سحب وقيادة مفاوضات السلام وإنهاء الحرب بنجاح، عندما دعا جميع أطراف الصراع في اليمن إلى قصره، ورسم خريطة طريق للسلام.
وطالب خاشقجي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن ينظر إلى الماضي ويتعلم منه من أجل وضع خطة للسلام وتقديم مبادرة كبيرة، كما أن على المجتمع الدولي أن يضغط على الحوثيين ومن خلفهم إيران من أجل الانضمام إلى تسوية عادلة.
وتابع أنه "إذا أراد الحوثيون أن تعترف بهم السعودية كطرف يمني شرعي فعليهم بالمثل أن يعترفوا ببقية الفصائل اليمنية، وأن توافق كل الأطراف على ترتيب تقاسم السلطة بما يضمن بقاء اليمن دولة موحدة"، كما يقول خاشقجي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، التقى محمد بن سلمان قادة في حزب الإصلاح اليمني، الذي يعتبر فرعاً لجماعة الإخوان المسلمين، التي وضعتها السعودية بشكل غير عادل على لائحة الإرهاب، وهذا اللقاء يعتبر خطوة شجاعة وجريئة.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "على السعودية أن تشعر بالأمان مع حكومة يمنية تضم حلفاء السعودية وأيضاً منافسيها، وهو بالضبط ما فعلته السعودية عام 1965، وهي اليوم قادرة على أن تفعله بالضبط مرة أخرى".