كشفت الأمطار التي شهدتها عدد من مناطق الدولة خلال الأيام الماضية وما تسببت به من أضرار مادية وغرق للشوارع والمنازل وإجلاء عشرات الأسر من منازلهم، عن ضعف كبير في البنية التحتية بتلك المناطق، الأمر الذي أثار تساؤلات عن أسباب هذه الأضرار رغم الإعلان الكبير عن استعدادات اتخذتها السلطات لمواجهة فصل الشتاء، كما طرح تساؤلا حول مدى الرقابة التي تتم على مشاريع البنية التحتية وفق المواصفات والمقاييس المطلوبة والتي كشفت مياه الأمطار الكثير من عبوبها واخطاءها، رغم التحذيرات السابقة حول المنخفض الجوي.
أضرار المنخفض على السكان والممتلكات
وخلال موجة الأمطار الأخيرة كانت كل من إمارة الفجيرة ومدينة العين، ومنطقتا كلباء وخورفكان التابعتين لإمارة الشارقة أكثر المناطق تضرراً، حيث تسببت مياه الأمطار في محاصرة عشرات الأسر وإجلاءها لاحقاً، بعد غرق منازل ومركبات في كلباء الفجيرة، من دون تسجيل أضرار بشرية، رغم التحذيرات التي كان وجهها المركز الوطني للأرصاد الجوية، بتعرض الدولة لمنخفض جوي، قد يؤدي إلى تقلبات جوية.
ففي المنطقة الشرقية استمر هطول الأمطار فيها مدة نجاوزت 10 ساعات ما أدى إلى تجمع كميات كبيرة من المياه في الشوارع الرئيسة، وغرق منازل ومركبات عدة في الساحل الشرقي، وشهدت الطرق تكدساً ملحوظاً للسيارات، إضافة إلى حدوث انهيارات صخرية في طرق جبلية، مثل شارع «يبسه»، ما دفع شرطة الفجيرة إلى إغلاق الطريق لما يمثله من خطورة على مستخدميه.
وأعلنت هيئة الهلال الأحمر، أنها تكفلت بإيواء 188 شخصاً من المتأثرين بالأمطار في العين والفجيرة، حيث تم إجلاء 140 من المتضررين في مدينة العين و48 شخصاً في منطقة كلباء.
فيما كانت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث أعلنت أنه تم إيواء وإسكان 167 مواطناً من سكان مدينة كلباء في أحد فنادق إمارة الفجيرة.. إضافة إلى إجلاء وتسكين 28 أسرة تضم 558 شخصاً في إمارة الفجيرة، علاوة على إيواء 24 أسرة من بعض مناطق العين في أحد فنادق المدينة.
وفي إمارة دبي التي تشكل الواجهة السياحية للدولة، رصدت تجمعات مائية في عدد من المناطق، مثل المسارب المؤدية إلى مخرج المركز المالي ودبي مول، وعلى معبر الخليج التجاري في الطريق من دبي باتجاه أبوظبي وعرقلة الحركة المرورية في هذه المناطق وتعطل السيارات، كما وأدى سقوط الأمطار بشدة إلى انعدام الرؤية أحياناً، ما أدى إلى وقوع عدد من الحوادث التي عرقلت الحركة المرورية، لاسيما عند المداخل والمخارج، ومن بينها مخرج دبي مول والمركز المالي.
الاستعدادات الرسمية
هذه الأضرار التي لحقت بالمواطنين وممتلكاتهم وما جرى من إجلاء عشرات الأسر من منازلها، جاءت رغم التأكيدات الرسمية المتتالية عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة، حيث كانت أعلنت في بيان لها، بأنها اتخذت كافة الاستعداد والجاهزية الاستباقية لفرق الطوارئ والأزمات والكوارث المحلية، في حين كانت هيئة الهلال الأحمر أعلنت أنها شكلت منذ 3 أيام، غرفة للطوارئ بالأمانة العامة وفروعها على مستوى الدولة للتعامل مع المنخفض الجوي.
كما أكدت بلدية دبي أنها كانت اتخذت كل الاستعدادات اللوجستية للتعامل مع موسم الأمطار الحالي، من توفير طواقم العمل م نمهندسين ومفتشين ومعدات وعمل صيانة وقائية شامله لجميع مضخات الأنفاق والجسور على مستوى الإمارة، فيما كانت بلدية الكلباء أكدت أنها كانت على أتم الاستعداد لمواجهة المنخفض الجوي، إلا أن كمية الأمطار التي هطلت كانت كبيرة جداً وفاقت القدرة على التعامل معها.
إجراءات لمحاسبة التقصير والإهمال
وتثار التساؤلات هنا عن الجهة المسؤولة عما كشفته الأمطار من عيوب هندسية في مباني السكان أو المباني والمراكز التجارية، أو في مشاريع البنية التحتية الناجمة عن إهمال المقاولين ، وضرورة محاسبتهم على تقصيرهم وعوار أعمالهم، ومتابعة من تضررت منازلهم وممتلكاتهم بحيث يتم تقييم تلك الأضرار وأسبابها من قبل الجهات المختصة لا سيما البلديات ومهندسيها، للوقوف على مواطن الخلل وتحديد مسؤوليات الأطراف وفقاً للعقود والاتفاقات الخاصة ليتحمل كل طرف مسؤوليته، ولا يتم تحميل المواطنين أعباء وكلف مالية في حال ثبت وجود إهمال من المقاولين أو في تجهيزات البنى التحتية.
لذا، لا بد من إجراءات عاجلة تتخذها السلطات المختصة عبر محاسبة المقصرين ممن لم يقوموا بأعمالهم على أكمل وجه، من بعض المقاولين والاستشاريين حتى لا تتكرر العيوب التي كشفت عنها موجة الإمطار والتي تأتي أياما معدودة خلال العام ، فكيف سيكون الحال لو كان هطول الأمطار متكررا خلال العام، ما يستدعي معالجة سريعة وصارمة تجاه أ تقصير أو إهمال أو تلاعب في مشاريع البنى التحتية في الدولة.