قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه وبعد يومين من المعارك الدامية، أصبحت مدينة عدن الساحلية بجنوبي اليمن تحت سيطرة الانفصاليين الجنوبيين، الأمر الذي يشير إلى تشتت التحالف المدعوم من قِبل السعودية والذي شُكِّل لقتال مليشيات الحوثي، المدعومة إيرانياً، في اليمن.
وأوضحت الصحيفة أن الانفصاليين سيطروا، بعد ظهر الثلاثاء، على المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي الذي يضم حكومة عبد ربه منصور هادي، الرئيس اليمني المعترف به دولياً، في وقت أشارت بعض الأنباء الواردة من هناك إلى أن رئيس الوزراء اليمني في حكومة هادي يستعد للفرار إلى السعودية؛ للانضمام إلى الرئيس الذي يقيم هناك.
الاقتتال الحالي في اليمن هو آخر سيناريو في الصراع الأهلي، المستمر في أفقر بلد بالشرق الأوسط منذ ثلاث سنوات، وذلك في أعقاب اقتحام الحوثيين الشماليين، وبدعم من إيران، صنعاء وعدة مدن يمنية أخرى؛ الأمر الذي دفع السعودية إلى تشكيل قوة عسكرية من عدة دول لمواجهة المتمردين الحوثيين.
وبعد حرب مدمرة شنتها السعودية، يبدو أن تحالفها في اليمن يتلاشى مع سيطرة الانفصاليين الجنوبيين على مدينة عدن الجنوبية، بدعم من الإمارات، الحليف الأبرز في التحالف العربي بقيادة السعودية، وفق ترجمة "الخليج أونلاين".
وبحسب الصحيفة، يحاول الانفصاليون اليمنيون، الذين شكَّلوا المجلس الانتقالي الجنوبي، إحياء دولة جنوبي اليمن المستقلة التي كانت قائمة قبل توحيد اليمن عام 1990، حيث استولى الانفصاليون على آخر معقل لقوة الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي، مستخدمين الدبابات والمدفعية.
سكان جنوبي اليمن أيدوا الخطوة التي قام بها المجلس الانتقالي، وسريعاً ما انتشر عَلم الجنوب اليمني وانتشرت صور العَلم مرفوعاً على أعلى سارية في قاعدة تابعة لقوات الرئيس هادي، في حين شهدت عدن احتفالات كبيرة لسكانها وأضاءت سماءَ المدينة الألعابُ النارية، محتفلين باستعادة دولتهم الجنوبية.
وسبق للمجلس الانتقالي الجنوبي أن طالب هادي بإقالة حكومة أحمد عبيد بن دغر، متهمين إياه بالفساد وسوء الإدارة. وفي يوم الأحد الماضي، وبعد انتهاء المهلة التي حددها الجنوبيون، اندلع القتال الذي أدى إلى مقتل 16 شخصاً واصابة أكثر من 185 آخرين بجروح.
وأشارت تقارير إخبارية إلى أن بن دغر وحكومته أجروا محادثات مع الانفصاليين الجنوبيين؛ من أجل أن يوفروا لهم ملاذاً آمناً للخروج من عدن، في حين قال مصدر حكومي إن رئيس الوزراء لا يعتزم مغادرة المدينة.
ولا يُعرف ما إذا كان الانفصاليون سيواصلون حملتهم ضد المتمردين الحوثيين بصنعاء ومناطق سيطرتهم الأخرى، في وقت أعلن فيه عيدروس الزبيدي زعيم الانفصاليين، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يقوم بمهماته ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، إلا أنه عاد واستدرك: "إلا أننا سنركز على إقامة دولة جنوبية جديدة"، بحسب ما صرح به لقناة "فرانس 24" مساء الثلاثاء.
وأوضح الزبيدي أن "لشعب الجنوب الحق في إقامة دولته عندما يكون المجتمع الدولي مستعداً لذلك"، داعياً التحالف العربي بقيادة السعودية إلى اتخاذ الإجراءات كافة لاستعادة الاستقرار والأمن في عدن.
سيطرة الانفصاليين الجنوبيين على عدن تأتي في وقت يعيش فيه اليمن أسوأ أزمة إنسانية بحبس وكالات الإغاثة الدولية، كما قُتل نحو 10 آلاف مدني، معظمهم في الغارات التي شنَّها التحالف العربي بقيادة السعودية.