حذرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية من طموح السعودية إلى الحصول على سلاح نووي، مؤكدة في افتتاحيتها، أن آخر شيء يمكن أن يحتاجه الشرق الأوسط هو دولة أخرى تمتلك القدرة على تصنيع أسلحة نووية.
وأشارت إلى أن ذلك الأمر يمكن أن يحصل إذا رغبت أمريكا في ذلك.
وكانت السعودية قد أعلنت نيتها دخول مجال الطاقة النووية، وإقامة ما يصل إلى 16 مفاعلاً نووياً لتوليد الطاقة الكهربائية، على مدى 25 عاماً المقبلة.
السعوديون يؤكدون أنهم لا يرغبون في أن يكونوا البلد الثاني في الشرق الأوسط الذي يمتلك أسلحة نووية بعد إسرائيل، في منطقة غير مستقرة أصلاً، وإنما سيتم استخدام هذه المفاعلات للأغراض السلمية؛ في إطار سعي الرياض للتقليل من الاعتماد على النفط.
إلا أن ذلك لا يمنع من أن هناك مخاوف من أن السعودية ربما تفكر في خيار بناء أسلحة نووية من باب التحوط من إيران؛ عدوها اللدود في المنطقة، التي لديها برنامج نووي قوي قبل أن يتم توقيع اتفاقية نووية بين طهران من جهة وأمريكا ودول غربية أخرى من جهة أخرى، عام 2015، أدت إلى تقييد طموحات إيران النووية.
وأوضحت الصحيفة أن جهود إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في نقل التكنولوجيا النووية المدنية المطلوبة، تعثرت بسبب رفض السعودية شرطاً يتضمن الالتزام بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، وأيضاً البلوتونيوم، الذي يمكن أن يستخدم لإنتاج وقود للأسلحة النووية، وهو ذات الشرط الذي سبق للإمارات أن تعهدت به أثناء اتفاقها لإقامة مفاعل نووي عام 2009، والذي يوصف بأنه "المعيار الذهبي" للتعاون النووي المدني، بحسب ترجمة "الخليج أونلاين".
وتجري حالياً مفاوضات جديدة بشأن بناء مفاعلات نووية في السعودية، وبإمكان الرئيس دونالد ترامب أن يقنع السعودية بالقبول بـ"المعيار الذهبي"، حيث يمكن للسعودية شراء الوقود المخصب لهذه المفاعلات من مورِّدين أجانب، وبأسعار منخفضة نسبياً بالقياس إلى حجم التكلفة في السعودية.
إن العلاقة الجيدة بين ترامب والسعودية تسمح له بالضغط على الرياض من أجل القبول بهذا الشرط، خاصة أن واشنطن تتعهد بحماية الرياض من أعدائها.
السؤال الأهم- تقول الصحيفة- هو هل سيطلب الرئيس ترامب من السعوديين القبول بالمعيار الذهبي؛ خاصة أن التفاوض حول هذا الموضوع يوشك أن يبدأ؟
تقول الصحيفة إن الإصرار على أن تقبل السعودية بهذا الشرط ربما يدفعها إلى التفاوض مع دول نووية أخرى، مثل روسيا والصين، التي لا تفرض مثل هذه الشروط ضمن قواعد عدم الانتشار، أو ربما فرنسا أو حتى كوريا الجنوبية، ومن ثم فإن الصناعة النووية الأمريكية ستخسر صفقة تجارية مربحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
ولكن عدم وضع شروط حاسمة وصارمة على السعودية قد يسمح لها بإعادة توظيف التكنولوجيا النووية، وهو ما قد يعني أيضاً إضعاف الجهود الأمريكية في الحد من انتشار الأسلحة النووية.
إن الولايات المتحدة، ومنذ أمد بعيد، رائدة في مجال مبيعات التكنولوجيا النووية، وبالتحديد إلى البلدن التي تحكمها اتفاقيات ثنائية نووية مدنية تتطلب الالتزام بمعايير عدم الانتشار، ولكن المسؤولين السعوديين يصرون على أن من حق بلادهم تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، وهو أيضاً ضمن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهي المعاهدة التي تضمن وصول الدول إلى هذه التكنولوجيا شرط التخلي عن إنتاج أسلحة نووية.
وتقترح نيويورك تايمز- في ظل هذه الحيرة- أن يكون للكونغرس الأمريكي الكلمة الفصل في هذا الاتفاق، وأن يضع شروطاً صارمة إذا لم تقم الإدارة بذلك، تشمل عمليات تفتيش للمرافق النووية السعودية، على غرار ما قبلته إيران.
وترى الصحيفة أن موقف ترامب من تطوير الترسانة النووية الأمريكية، يجعل من مسؤولية الكونغرس مؤثرة في المستقبل النووي، ليس في السعودية فقط، وإنما في قرارات مماثلة يمكن أن تتخذها دول أخرى في المنطقة مثل تركيا ومصر، ومن ثم فإن على المشرعين أن يضعوا شروطاً لا تسمح للدول مستقبلاً بالسعي لامتلاك أسلحة نووية.