زعمت صحيفة الديلي ميل البريطانية، أن أحد أبرز الشخصيات الاستخباراتية في العالم العربي، إضافة إلى مرسال أحد الأمراء العرب إلى الكرملين، حضرا اجتماع سيشل الذي يُحقق بشأنه روبرت مولر، المحقق الخاص المعني بالتحقيق في التدخُّل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وعن هوية هذه الشخصيات ادعت الصحيفة، أنه الرئيس الفعلي لجهاز الاستخبارات الإماراتي حمد المزروعي، والفلسطيني محمد دحلان الذي يعتبر المبعوث الشخصي لمحمد بن زايد إلى الكرملين، ومستشاره الذي يُتقن اللغة الروسية.
وقالت الصحيفة إنها تيقَّنت من هوية الشخصين اللذين حضرا الاجتماع مؤخراً، عن طريق مصدر مُقرَّب من محمد بن زايد وبرلماني كويتي مُطَّلع على معلوماتٍ سرية عن الإمارات.
إذ قال المصدر المُقرَّب من محمد بن زايد: "حمد يُشرف على كل هذه الأمور. وهذان الرجلان يشرفان على العمليات السرية الكبرى".
دور المزرعي ودحلان
وقالت مصادر مُقرَّبة من القيادة الإماراتية للصحيفة البريطانية، إنَّ المزروعي يُعد بمثابة الساعد اليمنى لمحمد بن زايد والرئيس غير الرسمي للاستخبارات، مما يُتيح له الاطلاع على تقنيات المراقبة المتقدمة في البلاد.
وقالت المصادر إنَّه يُمثِّل مركز خطة إماراتية للتأثير على ديمقراطيات غربية ودول الخليج المجاورة.
إذ زُعِم أنَّ هناك رسائل نصية مُسرَّبة تُظهر المزروعي وهو يُهدِّد بنشر صور عارية لساسة كويتيين، سعياً للتأثير في الانتخابات البرلمانية في البلاد.
ونشر عبدالله الصالح، أحد الناشطين السعوديين المُعارضين الذي يعيش في العاصمة البريطانية لندن نسخةً من الرسائل النصية في تغريدةٍ على موقع تويتر، قال فيها: "سرَّب حمد المزروعي هذه الصورة إلى شبكات التواصل الاجتماعي، للابتزاز والتأثير في الانتخابات الكويتية".
ورفع جمال ريان، المذيع الإخباري القطري في قناة الجزيرة الحكومية القطرية دعوى قضائية على المزروعي، متهماً إياه بأنَّه هدده بنشر مقاطع جنسية مفبركة له.
وكتب ريان على موقع تويتر قائلاً: "هذا الساقط أخلاقياً حمد المزروعي قدوة محمد بن زايد في هتك الأعراض، سلَّط عليَّ جيشاً من الساقطين على تويتر وواتساب منتصف الليالي سباً وشتماً وهتكاً للأعراض، أمطرني بسيلٍ من الصور الاباحية المفبركة لي، هل هذه هي الأخلاق التي يريدها محمد بن زايد لشعب الإمارات؟ "لن أضيع حقي أبد الدهر""، على حد تعبير ريان.
أمَّا دحلان، فهو زعيمٌ سابق في حركة فتح في قطاع غزة نُفِي في عام 2011 وهرب إلى الإمارات وسط مزاعم بأنه ربما يكون قاتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وهناك، أصبح مستشاراً أمنياً لمحمد بن زايد وبدأ العمل مبعوثاً غير رسمي للإمارات إلى الكرملين، وساعد في تنسيق الشؤون العسكرية للإمارات من أجل التعاون مع المصالح الروسية، وفقاً لما ذكره المصدر الإماراتي.
وقال المصدر: "ندخل الآن العام التاسع الذي يقضيه دحلان هناك. لقد صار أقرب وأقرب إلى محمد بن زايد، وزاد نفوذه في دولة الإمارات".
وتابع: "تحولت مهامه من مجرد تقديم المشورة إلى أداء مهام سرية مثل حضور الاجتماعات بقصر الكرملين نيابة عن محمد بن زايد". وأضاف المصدر أن دحلان عمل على نحو وثيق ومباشر مع كل من برنس ونادر.
تكتم على وجودهما
وكان الاجتماع الذي عُقد مع الملياردير إريك برنس مؤسس شركة بلاكووتر جاء بدعوةٍ من محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، والحاكم الفعلي لدولة الإمارات.
وكان برنس قد تبرَّع بمبلغ 250 ألف دولار لحملة ترامب، وكان معروفاً بأنَّه مُقرَّب من ستيف بانون، الذي صار مستشاراً بارزاً لترامب في البيت الأبيض.
وقال برنس في شهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي إنَّه التقى محمد بن زايد أولاً في منتجع فور سيزونز في الجزر الاستوائية، ثم قُدِّم إلى ديمتريف الرجل الروسي النافذ وصديق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف مؤسس بلاكووتر إنَّ الأمير دعاه لمناقشة "فرص عمل"، وأنَّ "بعض أشقائه" كانوا حاضرين، بالإضافة إلى "حاشيته".
ولم يذكر برنس اسم المزروعي أو دحلان قط، حين أدلى بشهادته عن هذا الاجتماع أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي.
هذه التطورات تأتي بعد أن كشفت وسائل إعلام أميركية عن أنَّ جورج نادر رجل الأعمال اللبناني الأميركي الذي تربطه علاقاتٌ مع إدارة ترامب، والخبير في شؤون الشرق الأوسط كان من الحاضرين في الاجتماع كذلك.
ويتعاون نادر حاليَّاً مع مولر، بعدما أوقفته السلطات عند دخوله الولايات المتحدة في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، واستدعته إلى المحكمة.
ولا شك أنَّ حضور هذين الرجلين يضيف بُعداً جديداً إلى اجتماع سيشل سيئ السمعة، وفقاً للصحيفة البريطانية.
ما هو اجتماع سيشل؟
وكان لقاء ثلاثيا عُقد في جزر سيشل بالمحيط الهندي بين مؤسس شركة "بلاك ووتر" الأمنية إريك برنس، ورئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيرل ديمترييف، وجورج نادر ممثلاً لولي عهد أبو ظبي، وكان يهدف -حسب تسريبات صحفية متعددة- لبحث إقامة قناة اتصال سرية بين ترامب وروسيا.
وكانت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية هي من كشفت، في أبريل من العام الماضي 2017، عن اجتماع سيشل الذي عُقِد في يناير من العام نفسه.
وقيل آنذاك إنَّ الاجتماع كان محاولةً من جانب دولة الإمارات لإنشاء وسيلة سرية للتواصل بين إدارة ترامب التي كانت على مشارف تسلُّم السلطة آنذاك والكرملين.
ومن خلال التسريبات والمعلومات التي نشرتها صحف أميركية -وفي مقدمتها صحيفة الواشنطن بوست- فإن الخيوط الأولى المنشورة حتى الآن لاجتماعات سيشل ظهرت مع زيارة غير معلنة قام بها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى نيويورك.
ففي ديسمبر 2016، أي في الأيام الأخيرة لإدارة أوباما، حيث كان من اللافت أنه وخلافاً للأعراف الدبلوماسية لم يتم إبلاغ إدارة أوباما أو التنسيق معها بشأن الزيارة، خلافاً للبروتوكولات المعمول بها، وهو ما جعل مساعدي أوباما يشعرون بأنهم تعرضوا للتضليل.
جديرٌ بالذكر أنَّ الأمير محمد بن زايد هو واحدٌ من بين 19 ابناً أنجبهم والده الراحل من زيجاته السبع، بحسب الصحيفة البريطانية.