قال تقرير لموقع بريطانيا أنه من غير المُرجَّح، أن تؤدي إقالة دونالد ترامب وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة بشأن الخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومنافِستهم الإقليمية قطر.
وجاء في تقرير موقع The Middle East أن مُحلِّلين خليجيين أشاروا إلى توقيت إقالته؛ إذ جاءت بعد أيامٍ فقط من ظهور رسائل بريد إلكتروني مُسرَّبة، تُظهِر الجهود المدعومة من الإمارات لإقالة تيلرسون؛ بسبب دعمه المُتصوَّر لدولة قطر ورغبته في التوسُّط.
إلا أن ما أعلنه ترامب، الثلاثاء 13 مارس 2018، على موقع حسابه في منصة تويتر لم يُلمح لدور الأزمة الخليجية. وقال إن رغبة تيلرسون في البقاء على مسار الصفقة النووية الإيرانية "المريعة" كان أحد الأسباب لإقالته. ويرى آخرون أنَّ السبب يدور حول التحقيق الجاري في التواطؤ الروسي.
الإقالة تناسب الإمارات
و غرَّد إياد البغدادي، مؤسِّس مؤسسة الكواكبي وزميل مركز الأبحاث النرويجي "سيفيتا"، على "تويتر"، قائلاً: "يظن الجميع أنَّ إقالة تيلرسون تتعلَّق بروسيا، وقد يكون الأمر كذلك، لكنني لا أعتقد أنَّ هذا كل ما في الأمر. إنَّها خطوةٌ مناسبة لصالح الإمارات والمملكة السعودية، وفي وقتٍ مناسبٍ للغاية".
احتفل البعض بهذه الخطوة؛ إذ قال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات والقريب من الأسرة الحاكمة، على "تويتر"، إنَّ تيلرسون "أسوأ وزير خارجية على الإطلاق". وأضاف: "سيتذكَّر التاريخ أنَّه كان لدولةٍ خليجية دورٌ في طرد وزير خارجية قوة عظمى".
لكن رغم كل المفارقات ومحاولات نسب الامتنان والتشاؤم المُرتَقَب، يقول مُحلِّلون إنَّ الخلاف الخليجي ربما لا علاقة له برحيل تيلرسون، ولن يُغيَّر تعيين خلفه، مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، سياسة الولايات المتحدة.
وقال كريستوفر دافيدسون، الباحث السياسي بجامعة دورهام البريطانية: "لا أؤمن بهذا الهراء، الذي يصل إلى درجةِ أنَّ الإماراتيين أو حتى السعوديين تمكَّنوا من التأثير على قرار البيت الأبيض. في الصورة الأكبر للأمور، أزمة الخليج هي مجرد عَرَض جانبي. الأمر يتعلَّق بسياسة القوة الكبرى".
معسكر الدوحة
يضيف موقع The Middle East: "تشعر قطر -على الأرجح- بخسارة تيلرسون، الذي كان يتمتَّع بعلاقاتٍ وثيقة مع الدوحة عندما كان مسؤولاً تنفيذياً في شركة إكسون موبيل للنفط، وكان بمثابة تأثيرٍ مُهدِّئ على خطاب ترامب".
كان تيلرسون هو الذي دفع بالحلول الدبلوماسية عندما اندلع الخلاف الخليجي في يونيو 2017، في حين ظهر ترامب وكأن له الفضل في كونه المُحفِّز على الحل الدبلوماسي.
وقال على "تويتر" بعد خطابه في الرياض، داعياً المنطقة إلى مواجهة الإرهاب: "من الجيد أن نرى زيارة المملكة السعودية مع الملك و50 بلداً آخر تساعد في نجاحها". وأضاف: "كل الإشارات كانت تتجه نحو قطر".
ومع ذلك، وبحلول شهر سبتمبر2017، كان ترامب يتوسَّط في الاتصالات بين قادة قطر والمملكة السعودية.
وقال ديفيد دي روش، المسؤول السابق بوزارة الدفاع (البنتاغون) والبيت الأبيض والأستاذ بجامعة الدفاع الوطني: "لو كنت قطرياً، فسأكون سعيداً بأن يكون تيلرسون في موقع السلطة والمسؤولية، وسأكون غير سعيد برؤية مغادرته؛ لأنَّ الأمر ينطوي على علاقةٍ شخصية. بعيداً عن أي شيءٍ آخر، فأنت تعرف الرجل وتعرف حقيقته وميوله نوعاً ما، وتتحدَّث اللغة والعقلية نفسها. إنَّه شخصيةٌ مألوفة".
وأضاف: "بومبيو أقرب إلى أسلوب ترامب من تيلرسون. من الواضح أنَّ من هم أقرب إلى ترامب -لا أقول إنَّهم تسبَّبوا في هذا المأزق- كان دورهم في ذلك أقل من كونه استرضائياً، على الأقل في الأيام الأولى".
لكن السياسة الأميركية -كما أكَّد- لا تتوقَّف على الشخصيات، ومن المُرجَّح أن تُغيِّر وزارة الخارجية من بومبيو نفسه لا العكس.
وأضاف دي روش: "سياسة الولايات المتحدة كما هي. قد تتغيَّر نسبة من 3 إلى 5 في المائة منها، لسببٍ أيديولوجي، في أندر الحالات. معظم سياستنا مستمرة كما هي بسبب مصالحنا، ومكانتنا، وبسبب الموارد التي نحن مستعدون لاستثمارها في ذلك".