يقول ستيفن كوك في مجلة “فورين بوليسي” أن التغير في موقف الرئيس دونالد ترامب من أزمة قطر مرتبط بإيران. وتحت عنوان “ترامب ينهي نزاعاً في الخليج ليبدأ آخر” بدأ كوك الزميل البارز بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية مقالته بالتذكير بما كتبه ترامب من تغريدات في السادس من حزيران (يونيو) 2017 والتي اتهم فيها دولة قطر بدعم الإرهاب.
وكانت هذه بمثابة انقلاب/انتصار لقادة السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر الذي فرضوا حصارا على الدولة الصغيرة قبل يوم من تصريحات الرئيس.
ومع تواصل الأزمة على مدار أشهر وانسداد الأفق لحلها، بدا ترامب راضياً عن استمرارها. وبالتأكيد أجرى الرئيس سلسلة من الاتصالات مع قادة دول الخليج حثهم فيها على إصلاح ذات البين بينهم إلا أن الأزمة لم تكن من أولويات البيت الأبيض. وعاد ترامب للتدخل ولكن عبر تراجعه عن موقفه. وبدلا من مهاجمة القطريين أرسل وزير خارجيته الجديد مايك بومبيو إلى الشرق الأوسط حيث حمله رسالة قرأها لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير: “طفح الكيل”.
وتساءل كوك عن العامل الذي أدى لتغيير موقف ترامب. مجيباً أن إدارة ترامب اكتشفت أن علاقتها مع إيران وصلت إلى حد الصدام ولهذا يريد توحيد دول مجلس التعاون الخليجي. ويرى الكاتب أن تغيير ترامب نبرته من قطر يعني أنه بالتأكيد يريد الخروج من المعاهدة النووية في الأسابيع المقبلة.
ويعلق أن الحصار السعودي- الإماراتي- البحريني- المصري أصبح حقيقة إقليمية حيث استخدمت قطر ثروتها للتحايل عليه، وأنشأت صناعتها الخاصة للألبان وعدلت من مسار طيرانها وعمقت علاقاتها مع تركيا وقبلت شحنات غذائية من إيران، خاصة في الأيام الأولى من الحصار. واستخدم الأمير حقيقة معارضة الدول لقرار الدول الأربع لصالحه. وقامت هذه بعد اكتشافها أن قطر لن تستجيب لمطالبها الـ13 بتجاهل القائمة والعمل على تأكيد عزلة دائمة للدوحة في المنطقة.
واستقر الخلاف إلى أشكال من الحملات التي يقوم بها الذباب الإلكتروني ونشر الأخبار الكاذبة والتسريبات والقرصنات الإلكترونية التي حاول كل طرف أن يحرج الآخر. ووصف الكاتب أن التفاهات لم تتجاوز في بعض الأحيان مستوى المدارس. فقد قامت شركة طيران الاتحاد مثلا بنزع كلمة “قطر” من خريطة رحلاتها، وفي المقابل تم نشر الرسائل الالكترونية لسفير الإمارات في واشنطن.
تسوية الخلاف
السبب وراء دعوة بومبيو الدول المحاصرة تسوية خلافاتها مع قطر منطقي ويتعلق باقتراب 12 مايو حيث سيقرر ترامب إما الخروج او البقاء في الاتفاقية النووية. فمخاوف أمريكا الكبرى هي الكيفية التي سيؤثر فيها الحصار على قدرتها وحلفائها مواجهة إيران. ويعلق الكاتب أن القطريين لديهم رأي خاص من إيران مفاده إنها مشكلة يمكن ادارتها لا دفعها أو مواجهتها، وفي حالة ظهرت حالة من عدم الاستقرار في غربي الخليج فإنها ستكون فرصة أمام إيران لكي تقوم باختلاق المشاكل بمنطقة الجزيرة العربية والقيام بدورها الذي لعبته في العالم العربي، أي استغلال الفوضى وتعزيز تأثيرها.
ويعتقد الكاتب أن الإيرانيين لم يشعروا بالجرأة بسبب أزمة قطر. ومن الممكن ملاحظة هذا حالة قررت واشنطن الخروج من الإتفاقية النووية. ومن هنا فواشنطن ترغب بتشكيل جبهة موحدة للتخفيف من أية تداعيات محتملة. ومن غير المحتمل أن تقوم القوات الإيرانية بالحشد على الشواطيء السعودية لكن هناك احتمالات تخريب (مثل برج الخبر) والقيام بحرب معلومات تهدف إلى تشويش وتخويف دول الخليج. ومن الجيد ان لا تكون هذه الدول في حرب مع بعضها لأنها تعطي الفرصة لإيران وعملائها.
صحيح أن ترامب يحب أن يظهر بمظهر الماكر والمتلوي قبل اتخاذه القرارات المهمة إلا أن هناك كلاماً لا معنى له يطرح بشأن الاتفاقية النووية. فالتحول بشأن قطر هو إشارة اخرى عن تصعيد ترامب مع إيران والاتفاقية معها. وجاء بعد اقتراح بومبيو في بروكسل أن ترامب لن يحافظ على الاتفاقية وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لم يستطع اقناع الرئيس الحفاظ عليها رغم ما شهدته زيارته لواشنطن من احتفاء به. ويقول كوك: “القطريون أصبحوا خارج منطقة الجزاء لأن ترامب مصمم على تحقيق وعده بالخروج من الصفقة مع إيران. وقد يكون بمثابة راحة للبعض وفي ضوء ما يحتمل وقوعه فإن الأمير قد يندم”.