قال موقع “ميديا-بارت” الاستقصائي الفرنسي إنه بالإضافة إلى الحرب في اليمن، يتضح اليوم أن القرار السياسي الكبير الذي اتخذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمتعلق بـ”عزل دولة قطر”، هو “خطأ إستراتيجي وقح”.
واعتبر الموقع الإخباري الفرنسي في تقريره أنّ من حسنات الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر منذ عام، أنه دفع الحكومة القطرية إلى إطلاق خطة زراعية واسعة تتمثل في إنشاء مزارع في منطقة الصحراء، حيث أصبحت قطر قادرة اليوم على إنتاج نصف احتياجاتها من الحليب ومشتقاته واللحوم والأسماك، وذلك بعد أن كانت تنتج فقط 1 في المائة من احتياجاتها من الغذاء قبل بدء الحصار. وهي اليوم تهدف إلى تحقيق 90 في المائة من الاكتفاء الذاتي ابتداء من عام 2019.
وأوضح “ميديا-بارت” أنه رغم أنّ هذه التغييرات مكلفة بالطبع، إلا أنّ قطر تمتلك ثروة غازية ضخمة تسمح لها بالمضي قدما فيها، حيث من المتوقع أن ترتفع صادرتها من الغاز من 77 مليون طن في الوقت الراهن إلى 100 مليون طن، في الفترة مابين عامي 2022 و2024، ما من شأنه أن يضمن للبلدان المستهلكة التي تريد تغيير محطاتها لتوليد الطاقة القديمة من الفحم أو النفط إمدادات وافرة وحافزا إضافيا على تجاهل دعوات أو مكالمات دول الحصار.
وتابع الموقع الفرنسي القول إن قطر، وحتى لا تجد نفسها معزولة ومهددة أكثر، شرعت في سياسة شراء الأسلحة بهدف حماية ترابها الوطني من أي عدوان محتمل، حيث قامت بتعزيز ترسانتها العسكرية الدفاعية بست وثلاثين طائرة F15 الأمريكية و24 طائرة بريطانية من طراز تيفون و12 طائرة رافال فرنسية، مع احتمال تعزيزها بـ36 إضافية، دون احتساب معدات عسكرية أخرى.
كما اعتبر “ميديا-بارت” أنّ الأمر الأكثر إثارة أيضا هو انخراط دولة قطر في جملة من الإصلاحات الاجتماعية، مع أنها متقدمة على جيرانها في هذا المجال بخطوات كبيرة، لكن ذلك لم يثنها عن سنّ العديد من القوانين الجديدة التي من المفترض أن تحسن ظروف العمل وتخفيف شروط الحصول على الجنسية القطرية، وهي خطوات لاقت إشادة كبيرة من منظمة هيومن رايتس ووتش.
لكن “ميديا-بارت” أوضحت، في المقابل، أن الأمور ليست وردية بالكامل، معتبرة أن هناك آثار سلبية للحصار على قطر، أبرزها من الناحية الانسانية تفريق العائلات، ومن الناحية السياسية تعطل مجلس التعاون الخليجي الذي تم إنشاؤه كاستجابة لصعود إيران. وأيـضا ترك “حصار قطر جراحاً يصعب علاجها”، حسبما نقل الموقع الفرنسي عن علي فتح الله نجاد الباحث المساعد في معهد بروكينكز بالدوحة، والذي اعتبر أن هذا الحصار حتى و إن انتهى فإنه “سيظل يخيم مثل (سيف ديموقليس) على رؤوس الدول الأخرى التي ستقول لنفسها: إذا حدث ذلك في قطر، فقد يحدث لنا”.
وعلاوة على ذلك، رأى “ميديا-بارت” أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أدرك اليوم وبعد مرور عام على الحصار أنه لا يمكنه أن يثق بشكل تام في حليفه الأمريكي دونالد ترامب، الذي يريدُ أن تنتهي الأزمة الخليجية قبل نهاية شهر أغسطس القادم، لأنها “تهدد السياسة الأمريكية في المنطقة، والتي تهدف إلى تشكيل جبهة موحدة لدول الخليج ضد إيران والتقدم في خطة ترامب للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين” كما ينقل الموقع الفرنسي عن دبلوماسي أوروبي.