قالت مجلة "فورين بوليسي" إن الهجوم الذي شنته مليشيات الحوثي في اليمن على ناقلتي نفط سعوديتين قرب مضيق باب المندب، كان رسالة إيرانية واضحة، مفادها أن إيران قادرة على إغلاق المضيق، رغم أنها لا توجد هناك جغرافياً، وإنما من خلال وكلائها الحوثيين.
بالمقابل استغلت السعودية الهجوم من خلال وقف تصدير نفطها عبر المضيق، في محاولة منها لتهويل الخطر الإيراني المتمثل بجماعة الحوثي المدعومة من طهران، وفق المجلة.
وأضافت المجلة: إن "أسعار النفط لم تتأثر بهذا الإغلاق، على الرغم من أن الكويت أعلنت عقب الهجوم أنها تدرس وقف تصدير النفط عبر المضيق".
إيران، بحسب الفورين بوليسي، تسعى إلى إيجاد طريقة للرد على الولايات المتحدة التي قررت فرض عقوبات اقتصادية على طهران، من بينها وقف تصدير النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، والذي سيبدأ في نوفمبر المقبل.
وجددت إيران هذا الشهر تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، إذا تضررت صادراتها النفطية من جراء العقوبات الأمريكية.
ويقول ماثيو ريد، نائب رئيس شركة "فورجين ريبورت" لاستشارات الطاقة: إن "المتشددين في إيران على ما يبدو جادون في تهديداتهم باستهداف المضائق، يريد الإيرانيون الضغط على الرئيس دونالد ترامب بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليهم".
هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بإغلاق مضيق هرمز، فخلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، شهد الخليج العربي ما وصف بـ"حرب الناقلات"، والتي استدرجت إليها الولايات المتحدة.
وتعهدت إيران حينها بإغلاق مضيق هرمز، ومنع مرور ناقلات النفط، ما استدعى رداً عراقياً باستهداف ناقلات النفط الإيرانية ومهاجمة القوارب الإيرانية الصغيرة التي كانت مخصصة لمهاجمة ناقلات النفط.
إن التهديد اليوم بإغلاق مضيق هرمز من إيران يبدو أمراً صعباً، بحسب المجلة، ويتطلب جهداً هائلاً من البحرية الإيرانية والحرس الثوري، كما أنه يستدعي استجابة عاجلة من قبل القوات البحرية الأمريكية الموجودة في الخليج.
ويبدو أن إيران اعتقدت بأن الهجوم الذي نفذه الحوثيون في باب المندب ضد ناقلات نفط سعودية، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، ومن ثم زيادة الضغط السياسي على ترامب، ويقلل من مخاطر العقوبات المتوقعة على النفط الإيراني.
ويضيف ماثيو ريد: إن "ما يجعل هذا الهجوم خاصاً هو التوقيت والخطاب الصادران من إيران، إنهم يريدون أن يقولوا إنهم يستطيعون العمل في البحر الأحمر من خلال وكلائهم في اليمن، وبمثل هذا الهجوم يستطيع الإيرانيون أن يتهربوا من المسؤولية، عكس هرمز".
السعودية على ما يبدو، ولأسباب خاصة بها، حاولت استغلال هذه الحادثة من أجل تسليط الضوء مجدداً على المخاطر التي يمثلها وجود الحوثي، كجماعة إيرانية، في اليمن، تضيف "فورين بوليسي".
ويعتقد ريتشارد مالينسون، من شركة "آسيري أسبكتس" للاستشارات في لندن، أنه لا علامات إلى الآن تشير لسعي الحوثيين لإيقاف الملاحة بالمضيق، كما أنه لا يمكن أن يكون لديهم الموارد اللازمة لذلك، ولكن أعتقد أن السعوديين استغلوا هذا الهجوم لتدويل التهديد وتصوير الحوثيين على أنهم دمى إيرانية.
الهجوم لم يؤدِ إلى ارتفاع أسعار النفط، ولكن كانت هناك صدمة في الأسواق النفطية من جراء هذا الهجوم، ويتوقع مالينسون أن تؤدي الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة واستمرار الصراع إلى ارتفاع أسعار النفط، خاصة في حال بدأت العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني، وفشلت دول أخرى في سدّ العجز الذي سيحصل نتيجة توقف النفط الإيراني، بحسب "الخليج أونلاين".