قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن محاكمة الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة من قِبل السلطات السعودية ومطالبة الادعاء العام بإعدامه، علامتان على محاكمة ذات "دوافع سياسية".
وتابعت الصحيفة أن محاكمة "العودة" تأتي بعد حملة القمع التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، والتي شهدت اعتقال عشرات من رجال الدين البارزين والأمراء ورجال الأعمال.جماعات حقوق الإنسان قالت إن العديد من الاعتقالات، ومنها اعتقال "العودة"، كانت لها دوافع سياسية أكثر من كونها ذات علاقة بأنشطة تعتبر جرائم في السعودية، أو أماكن أخرى بالعالم.
و يقول آدم كوغل، من منظمة "هيومن رايتس ووتش": "إن نظرت إلى هذه الاتهامات فمن الواضح أنها ذات دوافع سياسية، من النادر أن يطالب الادعاء العام السعودي بعقوبة الإعدام في مثل هذه الحالات، لا أعرف كيف يمكن أن نفسر ذلك، ولكنه رسالة واضحة ضد المعارضين والناشطين السعوديين".
وتضيف الصحيفة الأمريكية أن "العودة"، البالغ من العمر 62 عاماً، شخصية بارزة في مجال الدعوة الإسلامية منذ عقود، وعُرف عنه أنه غير مقرب من الحكومة، عكس رجال الدين في السعودية الذين هم عبارة عن أبواق للسلطة هناك.ت
وفي تسعينيات القرن الماضي، كان "العودة" أحد الدعاة الذين قادوا ما عُرف بالصحوة الإسلامية، التي ارتبطت بالإخوان المسلمين، وانتقدت الحكومةَ السعودية لأسباب دينية، وضمن ذلك السماح للقوات الأمريكية بدخول السعودية خلال حرب الخليج 1991و نشاطه ذاك أدى به إلى السجن خمس سنوات، وبعد خروجه من السجن تغيرت الكثير من طروحاته، ولكن بعد اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، دعا "العودة" إلى ضرورة إجراء انتخابات وفصل السلطات، وهي أفكار تخافها السلطات في السعودية؛ لكونها تهدد سيطرتها.وفي الآونة الأخيرة، تجنب "العودة" الخوض في السياسة علناً، واكتفى بالتغريد الدعوي على حسابه بموقع "تويتر"، الذي يتابعه نحو 14 مليون شخص.
منتقدو "العودة" من موالي السلطات في السعودية يرون فيه ذئباً يرتدي ملابس الغنم ويتهمونه بالدعوة للثورة.السعودية، وهي ملكية مطلقة، كثيراً ما كانت ترى في الإسلام السياسي الذي روّج له الإخوان المسلمون، خطراً عليها، وتهديداً لاستقرارها وللسلطة المطلقة للعائلة الحاكمة.
وكانت السعودية قد بدأت الثلاثاء، محاكمة "العودة"، الذي مثل أمام المحكمة الجنائية في الرياض، وهي التي غالباً ما تنظر في قضايا الأمن القومي والإرهاب، وتم توجيه 37 تهمة، من ضمنها إثارة الرأي العام، ومضايقة الحاكم، ودعم نشاطات جماعة الإخوان المسلمين.وبحسب ابنه عبد الله، الذي يقيم خارج السعودية، فإنه سُمح له بمحامٍ للدفاع عنه، وحضر ثلاثة من أبنائه المحاكمة.
وتابع عبد الله في اتصال هاتفي مع "نيويوك تايمز"، أن "الحكومة لديها مشكلة منذ فترة طويلة مع والدي، وخاصة في ظل التغييرات السياسية التي تشهدها المملكة، والذي توقف منذ فترة عن أي نشاط، ولكن يبدو أنهم الآن ينتقمون من كل مشاركاته ونشاطاته وصراحته".وأضاف عبد الله العودة: "محاكمة والدي هي رسالة للسعوديين كي تبقى انتقاداتهم هادئة، كل شخص سوف ينتقد السلطات سيتم إسكاته".