قال الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان إنه لا يمكن أن يصدق أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لم يكن لديه علم مسبق بحادثة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول، "إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير" على حد قوله.
وتابع فريدمان في مقالله نُشر اليوم الأربعاء في صحيفة "نيويورك تايمز" أن "بن سلمان أراد أن يُظهر للعالم حكومته وإصلاحاته بشكل شفاف وشمولي، ولكنه في الوقت ذاته يقوم بقتل صحفي سعودي معارض داخل مبنى القنصلية بإسطنبول، من خلال إرسال فريق أمني مكون من 15 عنصراً ، قاموا بقتل الرجل وتقطيعه بالمنشار، وهو أمر مثير للاشمئزاز".
وأضاف: "بصفتي مواطناً أمريكياً، وليس كصحفي، أنا محبط من مشاهدة رئيس بلدي ووزير الخارجية وهم يشتركون مع مسؤولين سعوديين من أجل إعداد قصة ومخرج"، معتبراً أن "تداعيات ذلك ستكون خطيرة على المدى الطويل، ولكن لا أعتقد أنهم سيتمكنون من الإفلات من ذلك".
وتساءل فريدمان "كيف يمكن لأمريكا أن تفكر في تحقيق التوازن بين قيمنا ومصالحنا المستقبلية؟"، ليجيب أن "أفضل إجابة عن هذا السؤال بالنسبة لي هي العودة إلى أساسيات ومبادىء الأمة الأمريكية".
ويرى الكاتب الأمريكي أن علاقة أمريكا بالسعودية، وخاصة بعد 11 سبتمبر، لم تعد علاقة نفط ومصالح مبيعات أسلحة، ولا مجرد وقوف السعودية بوجه إيران، إنه مشروع إصلاح ديني إسلامي يمكن أن يأتي من السعودية، موطن أقدس الأماكن الإسلامية؛ مكة والمدينة.
تابع قائلاً: "أتاح لي عملي الصحفي في بداياته أن أكون في العاصمة اللبنانية بيروت لتغطية الحرب الأهلية هناك في العام 1979، وحدث في ذلك التاريخ حدثان مهمان؛ الأول قيام الثورة الإسلامية في إيران، والثاني حادثة اقتحام الحرم المكي من قبل جهيمان العتيبي الذي كان يقود مجموعة من المؤمنين بأفكاره، حيث رفض حكم آل سعود وهاجمهم واتهمهم بالكفر".
وأوضح أنه "في أعقاب هذه الحادثة خيم الخوف على العائلة الحاكمة في السعودية، لذا ومن أجل تعزيز سيطرتها الدينية وحماية نفسها، بدأت بفرض نمط متشدد من الإسلام، وقامت بتصديره للخارج من خلال إنشاء المدارس والمساجد التي تتبع الإسلام السلفي المتشدد، فكان أن بنت المساجد والمدارس من إندونيسيا إلى لندن ومن المغرب إلى كابول، وقامت بتمويلها من أموال النفط".
ويرى الكاتب أن ذلك "كان له أثر سيئ على التعليم وحقوق المرأة في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، كما أن النسخة المتطرفة من الإسلام أدت دوراً كبيراً في صعود السلفية الجهادية التي ألهمت خاطفي 11 سبتمبر وصولاً إلى ظهور تنظيم داعش".
ويدافع فريدمان عن دعايته لولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيقول: "ما فعله بن سلمان جعلني أكثر تفاؤلاً في رغبته بالدخول في حرب أفكار ضد الإسلام المتشدد، لقد قال لي لا تكتب أننا نعيد تفسير الإسلام، ولكن اكتب أننا نستعيد الإسلام كما كان في جذوره الأولى، مؤكدا أن الإسلام في جذوره كان متسامحاً مع الأديان الأخرى ومنفتحاً على الأفكار الجديدة".
ولفت الكاتب إلى أنه كان يرى بن سلمان "يستبدل الإسلام الأصولي المتشدد، الذي كان مصدراً أساسياً لشرعية نظام آل سعود، بنظام علماني وطني، يمكنه أن يقف بوجه إيران وأن يناهض قطر"، لافتاً إلى أن "الكثير من الشباب السعودي الذين تحدثت معهم كانوا يعتقدون أن التغيير الذي يقوم به بن سلمان هو تغيير حقيقي، ولم يكن يتوقع أحد أن يكون كل ذلك من أجل السيطرة والاستيلاء على السلطة وكسب الدعم الغربي".
ويقول فريدمان إنه الآن تلطخت يد حكومة محمد بن سلمان بدماء جمال خاشقجي، ثم يتساءل: "هل يجب علينا أن نتغاضى عن ذلك كما يفعل الرئيس ترامب؟"، ليجيب: "لا يجب علينا في الواقع، ولا يمكننا ذلك".
ويؤكد فريدمان أنه "يجب توجيه التهمة لمحمد بن سلمان في قتل خاشقجي، كما أن على أمريكا أن تتأكد أن عملية الإصلاح الاجتماعي في السعودية يجب أن تتواصل لأن في ذلك مصلحة أمريكية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "عندما يكون حليفك مريضاً وغبياً مثلما هو الحال مع السعوديين، لن يكون هنا حل سهل ولكن يبدو أن الخطوة ستكون بضرورة أن يعين ترامب سفيراً أمريكياً في السعودية"، على حد تعبيره.