ما بين المؤيد والمعارض، يترقب الشارع الكويتي قرارات مجلس الوزراء بعد انقضاء عطلة عيد الفطر المبارك التي جاءت عقب سحب جنسيتي النائب السابق عبد الله البرغش بسبب التزوير، ومالك قناة وصحيفة «عالم اليوم» أحمد جبر الشمري بسبب تقويض نظام الحكم، وإغلاق عدد من فروع جمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية إحياء التراث (السلف).
ولعل الحفاظ على هيبة الدولة واستقرار الكويت ومصلحتها العليا كانت السبب الرئيس أو المعلن على الأقل الذي دفع بالحكومة لإصدار قرار بسحب الجنسية وإغلاق فروع مشبوهة لجمعيات خيرية، وهو الأمر الذي وصفته المعارضة بـ«إعلان أحكام عرفية بطريقة أخرى»، إذ رأت أن التلويح بورقة الجنسية «تهديد خطر لأصل مفهوم المواطنة».
وتؤكد السلطات الكويتية أن قرارها «يأتي في إطار ما أعطته من تعليمات ومن توجيهات سابقة قبل أسابيع بالتشديد على تطبيق قانون الجنسية واتخاذ الوسائل التي تضمن الأمن وتواجه أي مظاهر للخروج عن الشرعية»، غير أن قوى المعارضة تعتبر أن القرار يأتي في إطار ما تصفه بـ«حملة منظمة ضدها وتستند إلى تزامنه مع أنباء عن قرار لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإغلاق العشرات من مكاتب وفروع منظمات غير حكومية».
وبالنظر إلى الاضطرابات التي استعرت في الكويت وزادت حدتها منذ 2006 وأدت إلى استقالة نحو 10 حكومات وحل ست برلمانات، فإن ما حصل قبيل عطلة العيد من إجراءات والتلويح بإجراءات أخرى أكثر صرامة لم يكن «قمة جبل الجليد» في الصراع المستمر بين الحكومة والمعارضة، بل حلقة جديدة من الصراع بين الحكومة والمعارضة، ستتضح معالمها خلال الأيام المقبلة.
وقال الأمين العام للمنتدى الديمقراطي الكويتي المعارض بندر الخيران إن التهديد بسحب الجنسية الكويتية لن يمنعهم من مواصلة نشاطاتهم، مضيفاً: «نحن غير خائفين لأننا لم نرتكب أي جرائم، وسنستمر في المطالبة بحقوقنا والدعوة إلى الإصلاحات»، على حد تعبيره. بدوره، قال رئيس جمعية تنمية الديمقراطية الكويتية ناصر العبدلي إن «هناك مبالغة من الحكومة، والقضية ليست قضية قانون بل هي سياسية، ومن حيث المبدأ لا يجوز أن تترك هذه القضية للحكومة منفردة لأن الحكومة غير محايدة»، على حد وصفه.
تأييد القرار
في المقابل، أكد نواب ومسؤولون في الحكومة أن مشروع مرسوم سحب الجنسية الذي أقرته الحكومة وشمل البرغش الذي اكتسب الجنسية بصفة أصلية بالتأسيس والشمري الذي استحقها بالتجنس وأسرهم «جاء طبقاً لبنود في قانون الجنسية تسمح بذلك حيث استند القرار إلى بنود تسمح بسحب الجنسية في حالات مثل الإضرار بالمصلحة العليا للدولة والأمن الخارجي أو الترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام أو الحصول على الجنسية بناء على غش أو أعمال تزوير».
وأكد النائب عبد الله التميمي أن الكويت «تعيش ديمقراطية غير مسبوقة في المنطقة، وهناك دستور يفصل بين الحاكم والمحكوم»، لافتا إلى أن القضاء الكويتي «لا يتدخل في موضوع الجنسية لأنها من الأمور السيادية». وأضاف: «مجلس الوزراء عمل بمقتضى النظام والجنسية من الأمور السيادية ولا تخضع للرقابة، وعندما يخل الشخص بشروط منحة الجنسية تسحب منه».
تعديل القانون
لكن النائب المستقيل عبد الكريم الكندري أوضح أنه وبعد قرارات سحب الجنسية التي اتخذها مجلس الوزراء «أصبح من الواجب تعديل المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم عشرون لسنة 1981 بشأن إنشاء الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية لتمتد ولاية القضاء إلى الطلبات التي يقدمها الأفراد والهيئات لإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة في شأن مسائل الجنسية»، معتبراً أن «هذا التعديل التشريعي جاهز ولقد انتهت منه اللجنة التشريعية في مجلس الأمة قبل تقديمه الاستقالة ولا يبقى سوى التصويت عليه لكي يستعيد القضاء ولايته على هذه القرارات».
«سحب سياسي»
«المانشيت» الأخير لصحيفة «عالم اليوم» قبل إغلاقها لخص وجهة نظر المعارضة التي رأت في الخطوة الحكومية «إجراءً سياسياً لا قانونياً». وأعلن النائب السابق وعضو ائتلاف المعارضة فلاح الصواغ أن سحب الجنسية «تخبط غير مسبوق يدخل البلاد في مرحلة سياسية خطرة».