تمارس كل من بريطانيا وفرنسا ضغوطاً على ألمانيا بشأن قرارها حظر تصدير الأسلحة إلى السعودية، في أعقاب جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وحرب اليمن.
وفي السياق، دعا وزير المالية والاقتصاد الفرنسي برونو لومير ألمانيا إلى تقديم تنازلات بخصوص تصدير الأسلحة المصنعة، بإنتاج مشترك إلى دولة ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي ودول حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال لومير، لصحيفة "دي فيلت"، إنه من "غير المجدي إنتاج الأسلحة من خلال تحسين التعاون بين فرنسا وألمانيا إذا لم نتمكن من تصديرها"، مضيفاً أنه "إذا كنت تريد أن تكون منافساً وفعالاً، فأنت بحاجة إلى أن تكون قادراً على التصدير إلى بلدان خارج الاتحاد الأوروبي".
وذكر الوزير الفرنسي أن باريس تفرض شروطاً "صارمة للغاية" في عمليات تصدير الأسلحة وستحتفظ بها، لافتاً إلى أن "على الجميع أن يكون على علم بأننا نعيش في عالم عنيف من الناحية الاقتصادية والدفاعية، وأمام هذا الواقع تكون مهمتك الأولى هي حماية شعبك، وإذا كانوا يريدون حماية شعوبهم فهم بحاجة إلى دفاعات وجيش قوي".
وأوضح أنه "من وجهة نظر اقتصادية، هذا يعني المزيد من الابتكار والمزيد من الاستثمار والحماية، وهذا بالضبط ما نريد أن نبنيه مع ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى"، مشدداً "نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع برلين في هذه المرحلة الحرجة، ويجب على ألمانيا أن تكون على استعداد لتقديم التنازلات".
وكانت الدولتان اتفقتا، في وقت سابق، على التعاون الوثيق في تطوير وإنتاج الأسلحة، وفق ما نصّت "اتفاقية آخن" التي أبرمت مؤخراً، إذ تضمنت الاعتماد على نهج مشترك لصادرات الأسلحة.
وطاولت ألمانيا أيضاً انتقادات من بريطانيا بعد تمديد قرارها بتجميد تصدير الأسلحة إلى السعودية، لأنها أثّرت على المشاريع المشتركة.
وفي هذا الإطار زار وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، الأربعاء الماضي، برلين، حيث بحث مع نظيره الألماني هايكو ماس، مسألة حظر صادرات الأسلحة الألمانية إلى السعودية.
وبدا واضحاً أن هناك عدم انسجام في المواقف بين الجانبين، إذ أعلن الوزير البريطاني، في المؤتمر الصحافي المشترك، عن "التذمر البريطاني" بشأن القرار الألماني، وموضحاً أن بلاده "من الممكن أن تؤدي دوراً مهماً في تطبيق مضمون محادثات السلام في استوكهولم بحكم ما يربطها من علاقات وثيقة بالسعودية".
وتابع: "لا أعتقد أن تغيير علاقتنا التجارية مع السعودية سيساعد في ذلك"، ومحذراً من أن "الحظر يمكن أن يسيء إلى مصداقية الأوروبيين، وقدرة أوروبا على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي، كما جهود إحلال السلام في اليمن".
في المقابل، أكد الوزير ماس أن برلين متمسكة بقرارها المتخذ في أكتوبرالماضي حول وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، بينها عقود جرى إصدار تراخيص بشأنها مقدرة بـ1,5 مليار يورو، وذلك في أعقاب جريمة اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وشددت ألمانيا على أنه "لن يكون هناك تسليم للأسلحة في الوقت الحالي، واستئناف تصدير الأسلحة إلى المملكة سيكون وفق شروط ومرافقاً للتطورات في الصراع الموجود في اليمن".
يشار إلى أن "دير شبيغل" ذكرت أخيراً أن لندن دعت، في رسالة خاصة وجهتها إلى برلين، إلى استثناء مشاريع دفاعية أوروبية كبرى من الحظر، مثل طائرات "يوروفايتر" و"تورنادو".
ولم تحظر برلين رسمياً صفقات الأسلحة مع السعودية، إنما جمدت عمليات التسليم حالياً، وهناك حديث عن نية شركات الأسلحة الألمانية، بينها "فورت" المتخصصة في تقنيات الجمع وتركيب الأسلحة، التقدم بإجراءات قانونية ضد هذا القرار، إذ تقدمت باعتراض لدى الهيئة الاتحادية للاقتصاد والرقابة على الصادرات، كما أن الاتحاد الألماني للصناعات الأمنية والدفاعية هدّد أيضا، خلال ديسمبر الماضي بإجراءات قانونية ضد الحكومة الاتحادية.