تابعت ستينية سنغالية تطلق على نفسها لقب “سيدة الزمان”، إشغال وإشعال لشبكات التواصل والرأي العام الديني في السنغال بل ومنطقة غرب إفريقيا عموما، بعد ادعائها في رسالة فيديو تابعها الآلاف، أنها “نبية أرسلها الله لإنقاذ البشرية، ولإغاثة العصر”.
وقالت في كلمتها التي كررت خلالها “الله أكبر، الله أكبر”، “إنني سأبلغ الوحي للعالم كلما نزل علي، وأنا التي أعطي لكل فرد في هذا العالم نفسه التي يتنفس بها”.
وعرضت “سجاح إفريقيا” كما لقبها البعض، رسالة ادعائها النبوة في تسجيل فيديو باللغة الفرنسية يجري تداوله على نطاق واسع، وقد تخللته آيات من القرآن الكريم تلتها “سيدة الزمان” بطريقة خاطئة ومكسرة مما وسّع قاعدة مكذبيها الذين ينشطون في تعليقات متدفقة منذ يومين، على دعواها.
ودعا المدونون الذين تابعوا الإعلان “الرئيس السنغالي لاعتقال مدعية النبوة لأن دعواها ستجعل “البلاء ينزل على السنغال بسبب غضب الله”.
وظهرت سيدة الزمان مدعية النبوة خلال عرضها لدعواها في أزياء بيضاء ناصعة مرصعة بمجوهرات مذهبة، وهو الزي الذي اشتهرت به جماعة “لاين” الدينية المشهورة في السنغال بدعوى مؤسسها للنبوة.
وبما أن سيدة الزمان استخدمت في نشاطها الداعي لتصديق نبوتها ابتهالات وشعارات جماعة “لاين” السنغالية القائمة هي الأخرى على دعوى نبوة زعيمها “روح الله عيسى المهدي”، فقد نشرت هذه الحركة أمس بيانا تبرأت فيه من “سيدة الزمان”.
وأكد البيان “براءة مجموعة الـ129 حفيدا للإمام “روح الله عيسى المهدي”، من هذه السيدة التي ملأت شبكات التواصل بدعاواها مستخدمة ابتهالاتنا”.
وأضاف البيان: “هذه سيدة محتالة، ونحن نحذر الأحباب، من المشاركة من قريب أو من بعيد في نشاطاتها الشيطانية، كما أننا نتبرأ منها ومن دعواها”.
وتابع: “إننا نعلن أن جماعة روح الله عيسى المهدي، ظلت تتبع منهجا واحدا خطه لها سيدنا إمام الله عليه السلام يدعو لإخلاص العبادة لله تعالى وفقا لتوصيات نبيه عليه السلام”.
وهدد البيان سيدة الزمان بأنها “إذا لم تكف عن نشاطها المؤذي لجماعة روح الله عيسى المهدي، فإن الجماعة ستلجأ لإجراءات أكثر قساوة لإبعاد الخطر”.
ويؤكد خبراء في الحقل الديني السنغالي أن الذي فتح الباب أمام ادعاء هذه السيدة للنبوة، هو انتشار خطاب قائم على دعوى النبوة تتبناه حركة “لاين” السنغالية التي أسسها السنغالي المتنبي الملقب بـ”سيدنا إمام الله المهدي”.
وظهر هذا المتنبي في السنغال في أقصى غرب إفريقيا في السنة الأولى من عام 1301 هجري، الموافق لعام 1883 ميلادي.
وقد قوى هذه الحركة، نجل مؤسسها المتنبي “سيدنا عيسى روح الله” مدعي العيسوية الذي تولى الخلافة أربعين عاما، توسعت فيها نشاطات هذه الحركة، وكثر أتباعها، متجمعة في الأحياء المحيطة بمسجد يؤوي قبر مؤسسها “سيدنا إمام الله المهدي” المشيد على شاطئ الأطلسي في الناحية الغربية للعاصمة السنغالية داكار.
وانطلقت هذه الحركة التي يناهز عدد أتباعها اليوم نسبة 6% من سكان السنغال، بإعلان الإمام تياو، وهو صياد سنغالي من مجموعة ليبو العرقية، يوم 24 مايو 1883، “أنه بعد بلوغه الأربعين، أصبح نبيا مرسلا من الله”.
وتوفي الإمام المهدي عام 1909، وترك كتابا من ستة أجزاء بعنوان “وصايا”، وخلفه ابنه “عيسى روح الله، ما بين عام 1909 إلى 1949، ثم تتالى أبناؤه وأحفاده على الخلافة إلى اليوم.
وتنظم حركة “لاين” في شهر شعبان من كل عام تظاهرة ضخمة في حي يوف بالعاصمة السنغالية داكار، مخصص لإحياء ذكرى تنبي مؤسس الحركة الإمام لاي.
وقد أبقى المستعمر الفرنسي خلال حكمه الطويل للسنغال، على حركة “لاين” رغم معارضتها له، بسبب ما قيل إنه الخوف من رد فعل أتباعها الكثيرين، وقيل إن السبب في ذلك هو كيده للمسلمين بعد اكتشافه أن هذه الحركة غير متفقة مع معارضيه المتشددين من مشائخ الغالبية السنية التي تسيطر على المجال الديني الإسلامي في السنغال، وبالتالي فإن بقاء هذه الحركة، سيساهم في عدم اتفاق المسلمين في هذا البلد الذي تناهز نسبة المسلمين فيه 98% من السكان.