يضبط المغتربون إجازاتهم على مواعيد الأعياد للسفر لبلدانهم الأم، كونها مناسبات يتجلى فيها التراحم بأبهى صوره، ولكن الحال اختلف هذا العام بسبب كورونا، إذ يختبر المغتربون للعيد الثاني على التوالي معنى العيد بعيدا عن الأهل والوطن، رغم أن معظمهم يعتبر البلد الذي يقيم فيه بلده الثاني.
الجزيرة التقت بعدد من المغتربين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني إضافة للقاءات مباشرة مع المقيمين في العاصمة القطرية الدوحة، للحديث عن مشاعرهم وتأثير كورونا على أسلوب احتفالهم بالعيد.
العيد عبر مواقع التواصل
ورغم أن اللقاءات شملت السويد وأستراليا، ومن دول الخليج قطر والكويت، فإنهم جميعا أجمعوا على أن غلاء تذاكر الطيران والحجر الصحي وخشية فقدان الوظائف كان لها أكبر الأثر على قرارهم بعدم السفر وقضاء عيد الأضحى بأوطان إقامتهم.
ويجسد هذه الحالة فيديو لعائلة فلسطينية (عائلة محمود عفانة)، انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتوزع أفراد الأسرة بين فلسطين والأردن ودول الخليج، ومنها قطر وكندا، كاحتفالية مبتكرة بالعيد، شملت تقديم الورد والشوكولاتة وكعك العيد و"العيدية" أيضا.
لا عيد في السويد
"كنا نسافر ونروي عطشنا لرؤية الأهل والوطن، فلا يوجد أجواء عيد في السويد وخاصة مع كورونا، نقضي أيام العيد برحلات إلى البحر والطبيعة"، تقول وفاء البطش، معلمة فلسطينية سورية، تحمل الجنسية السويدية، وتقيم في مالمو.
وتبين أن الجميع يعاني بسبب كورونا وقلة فرص العمل -باستثناء الفئات التي تدعمها الدولة ككبار السن والمتقاعدين- مما أضاع فرحة العيد والتوقف عن الزيارات للمحافظة على التباعد الاجتماعي للوقاية من كورونا، فلا يوجد في السويد حجر فالشعب واع ومثقف، ويراعي سبل السلامة، بحسب قولها.
كورونا تؤجل العرس
ديالا عقيل جراد (32 عاما) ممرضة أردنية تعمل في قطر، تشعر أن فرحة العيد غير مكتملة خصوصا وأن والديها يتمنيان وجودها معهما، لكن وسائل الاتصال بخاصية الفيديو ساعدها بالتخفيف عنهم.
"كورونا ألغت خططا وضعتها وخطيبي من بداية السنة وأولها الغاء مراسم زفافنا". تستذكر ديالا تجربتها الصعبة بآخر زيارة للأردن في مارس/آذار الماضي قبل أيام قليلة من إصدار القرارات الحكومية بإغلاق المطارات، فبقيت هناك ٣ شهور متواصلة.
تقول ديالا "عندما حجزت تذكرة العودة لقطر بالتزامن مع عيد الفطر، كانت الأسعار وقتها منطقية جدا، والحجر الصحي هنا كان مجانيا والرعاية الفندقية والطبية التي وفرتها لنا قطر كانت فوق العادة".
وتعتبر ديالا أن السفر أصبح صعبا جدا بداية من حجز الرحلة وإجراءات التباعد والتعقيم وإبقاء الكمامة وارتداء القفازات طوال الرحلة، وصولا للمطار والفحوصات وإجراءات الحجر الصحي. فضلا عن أن فقدان الوظائف مصدر قلق لكثير من المغتربين، وتؤكد "مصدر قلق لي شخصيا لأنني كنت أعيل عائلتي خلال فترة منع التجول في الأردن، كون والدي عامل مياومة".
وتمضي ديالا إجازة عيد الأضحى التي تتواصل حتى نهاية الأسبوع الجاري مع عائلة شقيقها وصديقاتها، وتعبر عن سعادتها بعودة الحياة لطبيعتها في قطر مما أعاد لها التفاؤل بأن الجائحة تتلاشى، وتذهب لهذه الأماكن احتفالا برجوعها للعمل ثانية.
الحنين لتفاصيل العيد
مهند علي قعوار (41 عاما)، أردني يعمل مدير مخاطر تشغيلي بأحد البنوك في الكويت، يقول "يحل العيد حاملا البهجة لقلوب الجميع فهو فرصة لالتقاء الأصدقاء والأقارب في جلسات غالبا ما ينشغل عنها الإنسان بسبب مشاغل الحياة اليومية".
ويضيف "عيد المغترب له معنى آخر فهو يأتي محملا بالشوق للأهل والحنين لتفاصيل اعتادوا عيشها بأوطانهم مع عائلاتهم يمارسون طقوسهم بالتواصل مع الأهل والأقارب".
"عيد المغترب يوم عادي لمن ليس له أقارب وأصدقاء، ومن هنا تأتي إيجابية مواقع التواصل الاجتماعي التي ساعدت كثيرا بإضفاء أجواء الفرحة للتواصل مع الأهل والأحبة ولو من وراء شاشة".