أحدث الأخبار
  • 12:42 . مطالبات لمجموعة الفطيم بفسخ جميع عقودها مع "كارفور" الداعمة للاحتلال... المزيد
  • 10:20 . نتنياهو يقيل غالانت من وزارة الدفاع... المزيد
  • 09:34 . قطر.. إغلاق صناديق الاقتراع في الاستفتاء الدستوري... المزيد
  • 08:47 . الإعلان رسمياً عن موعد انعقاد "أديبك 2025"... المزيد
  • 07:31 . الولايات المتحدة تختار رئيسها الـ47... المزيد
  • 07:13 . عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على غزة... المزيد
  • 11:50 . "المصرف المركزي" يُضيف 97 مليار درهم إلى ميزانيته في سبعة أشهر... المزيد
  • 11:43 . ارتفاع الودائع المصرفية بالدولة بنسبة 8.5% في سبعة أشهر... المزيد
  • 11:33 . اليوم.. شباب الأهلي في مواجهة الكويت الكويتي في دوري أبطال آسيا 2... المزيد
  • 11:28 . مساء اليوم.. العين يتحدّى النصر السعودي في أبطال آسيا... المزيد
  • 11:21 . طلاب وأوليا أمور يشيدون بإلغاء امتحانات "الإمسات": يتيح فرصاً تعليمية... المزيد
  • 11:17 . أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بوقف بيع الأسلحة ونقلها إلى "إسرائيل"... المزيد
  • 11:12 . ولي عهد أبوظبي يصل إلى أديس أبابا للمشاركة في مؤتمر "عالم بلا جوع"... المزيد
  • 08:11 . توظيف 274 مواطناً في الشارقة خلال الشهرين الماضيين... المزيد
  • 01:04 . تعادل بطعم الخسارة بين الوصل وضيفه السد القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة... المزيد
  • 12:51 . جيش الاحتلال يقر بنجاح حماس في هجمات سيبرانية استهدفته طوال عامين قبل 7 أكتوبر... المزيد

الثقافة والإعلام .. المواءمة والتضاد

الكـاتب : أحمد عبد الملك
تاريخ الخبر: 30-11--0001

أحمد عبد الملك


لن أنقل نص الورقة هنا، ولكن سأتعرض لجوانب تبدو مؤثرة في عملية البث الفضائي للمواد الثقافية، و«الحالة الملتبسة» بين المثقف ووسائل الإعلام نتيجة حتميات تاريخية «تقليدية» متعلقة بموقع المثقف في هذا الإعلام، وبالموضوعية التي تبدو دائماً متوارية في العديد من الخطط التلفزيونية.

ولعل أول ما يسبب التضاد بين الإعلاميين والمثقفين هو تغلغل الأيدويولوجيا في الإعلام وإحكام السلطة قبضتها على هذا الإعلام، على الأقل في الحقبة التقليدية للإعلام، أي ما بعد استقلال الدول، وحتى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت. فليس من الضرورة أن يؤمن المثقف بكل طروحات السلطة أو يقوم بالترويج لها، كما يفعل «المثقفون تحت الطلب»! والذين تُشرّع لهم الأبواب الإعلامية، ويظهرون كالأبطال المُنتصرين في المعارك. لذا – كما قال أحد المتداخلين في الندوة – «عندما تُدخل الدولة المثقفَ في معيتها، لا يراعي الحق والمجتمع ، ولكنه عندما يمارس حركة احتجاج عقلانية، أعتقد أنه يعي حقوق المجتمع». وبذلك يتم تحويل الثقافة من كونها حرفة إلى مهنة، وتفقد بذلك نبضها الحقيقي ودورها في عملية التنمية! وفي واقع الأمر، فإن العمل الثقافي أصبح مهنة من لا مهنة له، وصار المتنفذون المحيطون بصاحب القرار الثقافي هم الذين يُشكلون ويُقولبون اتجاهات الثقافة وإنْ كانت تلك الاتجاهات بعيدة عن نبل الثقافة، لأن تلك الأشكال والقوالب تأتي حسب رؤية هؤلاء بحكم طبيعة عملهم الوظيفية، وليس حسب حرفتهم الثقافية غير الموجودة. وبذلك يتم «إقصاء» المثقفين الحقيقيين عن الساحة، لأنهم لديهم قضية يدافعون عنها حسب المفاهيم الثقافية السامية، ولا ينخرطون في «البهرج الثقافي» الذي لا يخدم المجتمع ولا يصبّ في معين الخطط الثقافية للتنمية . فيحدث أن تطفو على السطح النماذج الهشة للثقافة، والرؤى «الاستعراضية»، أو جماعة «الجوقة الرسمية» التي تداوم عند باب «سعادته» تلك الرؤى التي لا تؤسس لتنمية ثقافية تصب في الرؤية الشاملة للتنمية.

إن الثقافة لا يمكن أن تتحقق أهدافها إذا لم تمارس التحفيز، ومغايرة العادة، وتحريك العقول. كما أن تعويد الجمهور على «استدرار» مشاهد التاريخ – بدعوى الأصالة – لا يمكن أن يساهم في تحقق المعاصرة الثقافية، بل «ترهن» العقول تحت عباءة التاريخ، ولا تسمح لها بالتحليق في الفضاءات الرحبة من الإبداع وإثراء العقل.

وإذا كان هذا هو واقع الثقافة في العديد من البلدان العربية، فإن واقع الإعلام الثقافي – الذي يسير باتجاه الثقافة «المُبتسرة» أو «المُقددة» منذ فجر التاريخ، يبدو أكثر قتامة، بل إن الإحصائيات العلمية التي وضعها متخصصون في الشأن الثقافي والإعلامي – بما في ذلك المؤسسات الخليجية، أثبت تدنياً رقمياً (المضمون والحجم) في حضور / وجود المواد الثقافية في الفضائيات العربية، مقارنة بالفئات الأخرى! كما أن القوالب التي تم نقلها من الفصل الدراسي إلى الشاشة – على هيئة مقدم للبرامج وخلفه مجموعة من الكتب منذ السبعينيات- لم تؤسس لمفاهيم أو معايير ثقافية للبث الفضائي، إلا في حيّز محدود! كما أن اختيار أوقات بث البرامج الثقافية كان أسوأ من البرامج ذاتها، إذ يتم «حشر» المادة الثقافية في أوقات «ميتة» في العرف الإعلامي، من ساعات البث الطويلة!

ومن الملاحظات المهمة في إعداد وتقديم البرامج الثقافية عدم توافر ميزانيات «رحبة» كما هو الحال في البرامج الغنائية والفنية، ناهيك عن تقليدية ورتابة التقديم، وسوء تكوين الديكور، وعدم استخدام المؤثرات البصرية والسمعية التكنولوجية، التي لها دور في «الإبهار» الذي يجتذب المشاهد، كما أن سوء اختيار الضيوف المتحدثين له دور في تواضع مثل تلك البرامج. وإذا أضفنا تلك الماحظات إلى تقديم القافة بصورة «رسمية» وليست «شعبية»، فإننا نخرج باستنتاجات عجبية حول نوع الخبر الثقافي وطريقة صياغته في مكتب المسؤول، ونوع الصورة التي تخرج على الفضاء!

فالموجود في الصورة هم الساسة، والذي « يحتل» النص هو المسؤول الذي افتتح الفعالية، لا الفنان أو الأديب المبدع الذي قام بها، وتلك إشكالية لم يستطع الإعلام العربي التخلص منها حتى هذا اليوم! وهذه «السُنّة» جعلت التغطيات الإعلامية والإذاعية غير متعمقة في الحدث الثقافي، لأنها تركز حول جولات المسؤول. وما يساهم في هذا الاتجاه أيضاً، إصرار بعض القائمين على الصفحات الثقافية في الجرائد العربية على تأصيل مفهوم «الدعاية» وتهميش مفهوم «الخبر».

كما تغيب عن كثير من البرامج الثقافية – على الشاشات العربية – ملامح الذوق الفني والجمالي، والمذيع المثقف، ونوعية أماكن التصوير، وموضوع (اكتشاف الضيف) الذي يجهله كثيرون ممن نشاهدهم على الشاشات العربية، وأيضاً التضمينات التكنولوجية التي تحرّك الصورة الثابتة في الأستوديو. وأخيراً‏‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬للحرية‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬البرامج‭ ‬الثقافية‭ ‬وزيادة‭ ‬جرعة‭ ‬الإبداع‭ ‬فيها‭‬، ‬وبما‭ ‬لا يخدش‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع.‭ ‬والمثقف‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يمارس‭ ‬حريته‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬،‭‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭‬.