شن السفير الفلسطيني في باريس، هجوماً لاذعاً على ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، متحدياً أن يذهب إلى الأمم المتحدة، ويعلن أن القدس أرض محتلة، واصفا محمد بن زايد بأنه "مجرد دكتاتور صغير باحث عن الشهرة، ويلعب بالنار".
وقالت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية إن السفير سلمان الهرفي لم يتستر وراء العبارات الدبلوماسية، وهو يصف ما سماه إضفاء نظامي الإمارات والبحرين الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي، وتحديهما للقانون الدولي، وهو ما ينم، حسب المجلة، عن قلق لدى السلطة الفلسطينية في وقت تعثرت فيه المفاوضات مع إسرائيل، وتباعد أمل إقامة الدولة المفترضة.
وبعد حوالي شهر من التوقيع في واشنطن على اتفاقيات "العار" بين إسرائيل والإمارات والبحرين، قال الهرفي إن ما حدث لم يكن بالأمر المفاجئ، وإن لدى الفلسطينيين معلومات محددة للغاية عن الاتصالات، التي كانت قائمة بين الإمارات من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، مشيراً إلى وجود تعاون عسكري وأمني واقتصادي وثيق بين تل أبيب وأبوظبي منذ فترة.
والجديد في الأمر، حسب الهرفي، هو إضفاء الطابع الرسمي على هذه العلاقة، و"أنا أشكر الإمارات على إظهار وجهها الحقيقي؛ لأنها لم تكن قط إلى جانب الفلسطينيين، فقد جمدت مساعداتها لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1985، بعد الغزو الإسرائيلي للبنان، وقطعتها تماما بعد حرب الخليج 1990″ حسب قوله.
اتفاق التطبيع انتهاك لكل المواثيق
وفي المقابلة التي أجراها أرمين عريفي، قال السفير إن الإمارات والبحرين، بهذا الاتفاق، تنتهكان ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والمبادرة العربية لعام 2002 وقرارات قمم جامعة الدول العربية، مستنتجا أن هذين البلدين أصبحا إسرائيليين أكثر من الإسرائيليين، وإن كان على ثقة تامة أن شعوبهما لن تقبل هذا لفترة طويلة.
وعند تذكير الصحفي بأن فلسطين فشلت في إقناع جامعة الدول العربية بإدانة اتفاقيات السلام هذه، قال السفير إن ضغوطا اقتصادية مورست على بعض الدول، وذكر بأن كل الدول لم توافق على رئاسة جلسة جامعة الدول العربية بعد أن رفضت فلسطين ذلك، وفسر ذلك بأن الفلسطينيين تمكنوا من شلّ الجامعة العربية.
وعند تنبيهه إلى أن الإماراتيين لم يعارضوا اتفاق السلام هذا، قال الهرفي غاضبا "عن أي سلام تتحدث؟ هل الدبابات الإماراتية في تل أبيب؟" وأوضح أن إسرائيل لا تحتل الإمارات ولا البحرين؛ بل فلسطين، "وقد قاومنا لمدة قرن ونحن مستعدون للمقاومة 100 عام أخرى".
أما مسألة وقف ضم الضفة الغربية -كما يقول السفير- فتلك نتيجة لمقاومة من الشعب الفلسطيني والضغط الدولي، حيث أدى الاتحاد الأوروبي هناك دورا أهم بكثير من الإمارات، التي لم تعمل أبدا ضد الضم؛ بل إن ما فعلته هو تشريع المستوطنات والاحتلال الإسرائيلي للقدس والأراضي الفلسطينية.
وقال السفير إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حاول تسويق هذه الخطة في مجلس الأمن؛ ولكنه فشل، وبالتالي كان عليه أن يجد "معتوها" (في إشارة إلى محمد بن زايد حسب المحرر) ليوافق له عليها، وأشار إلى أن الخطة لن تنجح، وأكد أن الإسرائيليين يعرفون أنهم لن يحصلوا على سلام بلي ذراع الفلسطينيين.
وأضاف السفير أنه لا ترامب وإدارته ولا أموال الإمارات تستطيع تغيير الوضع على الأرض، وإذا كان بإمكان "صفقة القرن" أن تنقذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حكم ينتظره بالفساد، وأن تمنح ترامب بعض الأصوات في زمن الانتخابات الرئاسية، أو أن تسمح لمحمد بن زايد وأسرته بالتجول في شوارع تل أبيب، فإنها لن تجلب السلام أو الأمن إلى العالم.
وختم الحرفي بالقول إن العالم كله تعامل مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ومع ذلك لم يدم، وختم بأن الفلسطينيين لن يبقوا مكتوفي الأيدي، رغم أنهم لا يمتلكون طائرات من طراز "إف-35" (F-35)، ولا أسلحة أو دبابات نووية؛ ولكنهم يملكون إرادة المقاومة الشعبية السلمية، وجذورهم راسخة في أرضهم.
قرقاش يرد
وفي أول تعليق على تصريحات السفر الفلسطيني، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إنه لم يتفاجأ بتصريحات السفير الفلسطيني في العاصمة الفرنسية، باريس، والتي انتقد فيها الإمارات بسبب اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
وقال قرقاش عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: " لم يفاجأني حديث السفير الفلسطيني لدى باريس وتناوله الجاحد للإمارات، تعودنا قلة الوفاء ونكران العرفان، ونمضي واثقين نحو المستقبل بخطواتنا وقناعاتنا".