سامي الريامي
لابد من إيضاح ثلاث حقائق في موضوع وقوف الإمارات ومساندتها لمصر، فلاتزال هناك معلومات مغلوطة يروجها البعض بتعمّد مشوب بسوء نية، أو بتنظير بعيد عن الواقع الحقيقي، أو بحسن نية لنقص معلومات معينة، وفي كل هذه الأحوال ينبغي أن يعرف الجميع أن دعم مصر ومساندتها والوقوف إلى جانبها من قبل الإمارات خيار استراتيجي، وقناعة قديمة تعود إلى سنوات طويلة، لم تتغير في كل الأوقات، فمصر هي بوابة الأمن والاستقرار للمنطقة، والحفاظ على أمنها واستقرارها حفاظ على أنفسنا وأمننا واستقرارنا.
هذا الدعم الإماراتي غير مرتبط بظروف آنية، أو مرحلة وقتية، هذه هي الحقيقة الأولى، فمساندة مصر وشعبها أمر حتمي، لم يتوقف يوماً، وحتى في أشد الأوقات تدهوراً في علاقات البلدين في عهد حكم «الإخوان المسلمين» لم تتوقف المشروعات الخدمية الإماراتية، وتم تنفيذها وإنجازها حسب الخطط الموضوعة، كما أن مساندة الإمارات لمصر غير مرتبطة أيضاً بنتائج الانتخابات المقبلة، فالخطط الموضوعة والمدرجة للمشروعات ستستمر إلى حين الانتهاء منها خلال العام المقبل وما بعده ربما، فقائمة المشروعات الخدمية ثرية وضخمة، ولن تنتهي في أيام وشهور!
مساعدات الإمارات لمصر ليست على شكل مليارات من الدولارات تم تسليمها للمسؤولين هناك، دون خطة أو متابعة أو رقابة، ما قد يؤدي إلى عدم وصولها إلى مستحقيها، هذه حقيقة ثانية، فالإمارات ابتدعت نموذجاً جديداً، هو الأفضل حالياً بين جميع الدول المانحة التي تساند مصر، بشهادة وزرائها، فقد حصلت الدولة على الاحتياجات الحقيقية من مشروعات التنمية التي يحتاجها البسطاء، بالاعتماد على تقارير حكومية وشعبية، ثم حددت أولويات تلك المشروعات، وعمدت إلى دراستها وتحليلها، وشكلت فريقاً إماراتياً مقيماً في مصر، يتولى تنفيذ ومتابعة تلك المشروعات، بدءاً من مرحلة المناقصات إلى حين التسليم، وتالياً فلا مجال لأن تذهب الأموال إلى غير المستحقين.
هناك لجنة خاصة لمشروعات مصر، يديرها وزير إماراتي نشيط هو الدكتور سلطان الجابر، يقوم بزيارات أسبوعية للوقوف على كل المشروعات، وأحياناً مرتين في الأسبوع نفسه، يتحرك في كل مناطق وقرى وأرياف مصر في كل المحافظات، يشاهد بعينيه، ولا ينتظر تقارير مكتوبة، وهناك يوسف باصليب، شاب إماراتي يقيم في القاهرة منذ سبعة أشهر، وسيظل هناك إلى حين تسليم المشروعات، لا يترك شاردة أو واردة دون ماجعة ودراسة وتحلل، يعرف أين يذهب كل دولار، ولمن يذهب، ويحل كل مشكلة قد تطرأ على سير العمل، مدعوماً بفريق فني وإعلامي، ومدعوماً من الحكومة المصرية والجيش المصري، وبهذه الآلية تنجز المشروعات بشكل مذهل لم يخطر يوماً ببال أي مسؤول مصري، فلم يحدث في مصر يوماً أن انتهى بناء 50 ألف شقة سكنية في عام واحد تقريباً، إنه ضرب من خيال في بلد ينوء بالبيروقراطية والتراجع الإداري!
حقيقة ثالثة، يجب أن تكون واضحة، فالإمارات تعمل في مسارين واضحين، المسار الأول هو مساندة الشعب المصري، والوصول بالمشروعات الخدمية إلى بسطاء وفقراء مصر، الذين تأثروا بشدة من الوضع الاقتصادي السيئ، والمسار الثاني هو تنشيط قطاعات معينة في الدورة الاقتصادية، لتساعدها على التماسك، لتتجاوز الأزمة، لكنها لن تقوم بكل شيء طوال الوقت، فمن الصعب جداً أن تعتمد دولة محورية بحجم مصر على المساعدات، مخطئ من يعتقد ذلك، فهي مرحلة مؤقتة، تسببت فيها ظروف الأوضاع الأمنية والسياسية، وسرعان ما ستنتهي بانتهاء الأسباب، عندها سيعتمد الاقتصاد المصري على تطوير قوانين جذب الاستثمارات، وتنشيطها، وتطوير قطاعات الإنتاج، ما يقوي الاقتصاد والسياحة، وتعود مصر ــ بفضل مواردها وشعبها ــ قوية كما كانت.