توعدت إيران بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي رداً على الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة فجر الأحد على منشآتها النووية، لكن القرار مرهون بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.

وقال البرلماني والقائد في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل كوثري لنادي الصحفيين الشباب اليوم الأحد إن إغلاق المضيق مطروح "وسيتخذ القرار إذا اقتضى الأمر"، في حين نقلت تقارير عن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي قوله إن "تعطيل إيران لحركة الملاحة في المضيق سيكون انتحارا بالنسبة لها".

وفجر الأحد، دخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر الحرب الإسرائيلية على إيران بإعلان الرئيس دونالد ترامب تنفيذ هجوم استهدف 3 من أبرز المواقع النووية الإيرانية، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.

وعقب ذلك، أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة اتصالات هاتفية مع عدد من قادة الخليج لبحث تداعيات الهجمات الأمريكية على إيران.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أنه بحث، خلال الاتصال، مع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وتداعياتها الخطيرة على الأمن والسلم الإقليميين.

لكن.. ما تداعيات إغلاق مضيق هرمز على الخليج والإمارات تحديداً؟

وتمثل الاستراتيجية الإيرانية لإغلاق المضيق أكبر خطر على دول الخليج، حيث ستفرض حصاراً بحرياً على جميع دول الخليج، بما في ذلك ناقلات النفط والغاز، عبر ألغام بحرية، أو ألغام لاصقة تُنشر بواسطة زوارق سريعة، أو مزيج من هذه الأساليب.

ورغم انتشار قوات بحرية متعددة الجنسيات في المضيق لضمان حرية الملاحة، إلا أنه لا يبدو أن إيران ستتراجع عن إغلاقه في حال تم اعتماد قرار ذلك من أعلى سلطة في البلاد.

ويعد هرمز أهم مضيق نفطي عالمي، ويمر عبره يومياً حوالي 17 إلى 20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يمثل حوالي 20% من إجمالي التجارة العالمية للنفط المنقول بحراً، وبالتالي فإن مجرد التوتر حوله سيؤدي لتأثير مباشر على أسعار النفط العالمية، وعلى حركة التجارة الدولية من وإلى الدولة وصادرات النفط الإماراتية ودول الخليج عموماً، خصوصاً تلك التي تعتمد عليه بشكل رئيسي في حركة التجارة النفطية وغير النفطية، كالكويت وقطر والبحرين.

ويمر عبر المضيق صادرات النفط من الإمارات والسعودية والكويت والعراق وإيران، في حين تصدر قطر وحدها تُصدر عبر المضيق حوالي 77 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يمثل أكثر من 20% من تجارة العالم الغاز المسال.

إضافة لذلك، تُستخدم الموانئ الخليجية (مثل جبل علي في دبي، وميناء الدوحة...) كنقاط ترانزيت رئيسية، للآلاف من سفن التجارة العالمية، خصوصاً تلك القادمة من دو شرق آسيا إلى أوروبا أو العكس، وبالتالي فإن أي أزمة حول المضيق ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وتوترات في الأسواق المالية، وارتفاع تكاليف التأمين والشحن.

خطوط الإمارات البديلة

تملك الإمارات خطاً بديلاً لنقل النفط يمكن من خلاله تجاوز مضيق هرمز، هو خط أنابيب أبوظبي – الفجيرة، المعروف باسم "خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام"، والذي بدأ إنشاؤه في 2008، وتم تشغيله رسمياً في 2012، بهدف تأمين تصدير النفط الإماراتي في حالات الأزمات أو الإغلاق المؤقت للمضيق إضافة إلى دعم ميناء الفجيرة كمركز عالمي لتخزين وتصدير النفط.

يبدأ الخط من حقل حبشان (غرب أبوظبي) في منطقة الظفرة، وينتهي في ميناء الفجيرة على الساحل الشرقي للإمارات، على خليج عمان، بعيداً عن مضيق هرمز، يمر عبر أراضي صحراوية جبلية بطول حوالي 370 كيلومتر.

تبلغ الطاقة القصوى للخط حوالي 1.5 مليون برميل يومياً، ويتم التحكم بتدفق النفط عبر 3 محطات ضخ رئيسية، مزوّدة بأنظمة تحكم ومراقبة حديثة، إضافة إلى ذلك فإن الخط مدفون تحت الأرض بالكامل لأسباب أمنية وبيئية.

أهمية ميناء الفجيرة

يُعتبر من أهم الموانئ الاستراتيجية في الإمارات، ليس فقط على مستوى الدولة، بل على مستوى العالم، خصوصاً في تجارة النفط والتموين البحري، إذ تزداد أهميته بسبب موقعه الفريد خارج مضيق هرمز، ما يمنحه بعدا جيوسياسيا واقتصاديا بالغ الأهمية.

كما يُعد أحد أهم موانئ العالم من حيث التزود بالوقود وتخزين النفط، ويوفر مرافق لتحميل الناقلات العملاقة، ويخدم صادرات النفط عبر بحر العرب مباشرة. وفي 2021، أصبحت الفجيرة واحدة من أكبر ثلاث مراكز في العالم لتخزين الوقود، إلى جانب سنغافورة وروتردام.

وعزز وجود ميناء الفجيرة من الاستقلالية الاستراتيجية للإمارات في تصدير النفط، وزاد من أهمية الفجيرة كمركز للطاقة وتخزين النفط عالمياً، ويُعتبر نموذجاً لباقي دول الخليج في محاولة إيجاد بدائل لمضيق هرمز.

إضافة إلى ذلك، فهناك طرق سريعة حديثة تربط الفجيرة بإمارات أبوظبي ودبي والشارقة، ما يُسهل النقل البري للبضائع والنفط والسلع القادمة من الداخل إلى الميناء والعكس، رغم ارتفاع تكاليفها.

ورغم هذه النقطة التي تتميز بها الإمارات، فإن تكاليف الشحن والتأمين سترتفع بشكل كبير بسبب زيادة المخاطر في المنطقة، مما يؤثر على تنافسية المنتجات الإماراتية، كما أن خط نفط "أبوظبي - الفجيرة" لا يكفي لكل الصادرات النفطية.

ولم تقم إيران بإغلاق مضيق هرمز بالكامل مطلقاً، لكنها هددت بالقيام بذلك عدة مرات رداً على التوترات الجيوسياسية، لكن تعرض نظامها للخطر يشير إلى أنها ستقوم بهذا العمل لدفع العالم للتحرك؛ حتى لا يرتفع برميل النفط لأكثر من 120$.

وسبق أن أدى التوتر في المنطقة عام 2019م إلى تعرض أربع سفن تجارية لعمليات تخريبية قبالة سواحل إمارة الفجيرة، ووجهت أصابع الاتهام لإيران، ما يشير إلى أن التهديدات الإيرانية قد تطال ميناء الفجيرة أيضاً.

اقرأ أيضاً:

الإمارات في عين العاصفة.. تأثيرات وتحديات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية

أبوظبي قلقة من تصاعد المواجهة العسكرية في المنطقة

إيران تستعد لإغلاق مضيق هرمز رداً على الضربات الأمريكية