لا تبدو الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها الخليجيون ضد تنظيم الدولة الإسلامية حربًا من طرف ضد طرف بحيث يلعب أحد الطرفين دور المهاجم دائمًا، ويلعب الطرف الآخر دور المدافع بشكل دائم، فالتنظيم الذي كان صعوده الحدث الأبرز في هذا العام قد بدأ يناوش الخليجيين في عقر دارهم. وعلى الرغم من تشديد القبضة الأمنية في هذا الدول،
إلا أن المناوشات الداعشية قد بدأت تظهر في دول الخليج وإن كانت ما زالت تتخذ مظاهر أقل وضوحًا وعلى استحياء.
المتتبع لأسلوب عمل التنظيم يلحظ أنه يتبع قواعد أقل مركزية وصرامة فيما يتلق بأنشطته خارج المناطق التي تقع تحت نفوذه في سوريا والعراق، ففي حالات معينة يقوم التنظيم بدعم الجماعات المسلحة التي تتبنى رؤى مشابهة لرؤية التنظيم في المواجهات المسلحة ضد السلطات الحاكمة أو ضد المصالح الأجنبية في بلادها، كما يتلقى البغدادي بيعة هذه التنظيمات له أيًّا كان موقعها كما حدث من أنصار بيت المقدس في مصر وحركة شباب المجاهدين في الصومال وجماعة بوكو حرام في نيجيريا.
هناك حالات أخرى أقل تطورًا في الدول التي لا تسمح ظروفها الأمنية بإنشاء هيكل تنظيمي واضح، حيث يكون أنصار داعش فيها متفرقين بحيث لا يجمعهم رباط تنظيمي أو أي مرجعية قيادية محددة، هنا يكون الأداء أكثر عشوائية ولا مركزية، ويمكن فهمه ببساطة من خلال دعوة زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي” أنصاره في وقت سابق إلى “الجهاد” في كل مكان بما في ذلك السعودية، التي تهكم على حكامها واصفًا إياهم بـ”آل سلول”، حيث دعا البغدادي إلى الجهاد ضد الدول العربية والإسلامية المشاركة في التحالف الذي تشنه الولايات المتحدة ضد التنظيم.
يبدو واضحًا أيضًا من أسلوب عمل التنظيم خارج سوريا والعراق أنه يركز بشكل كبير على اختراق الأجهزة الأمنية على المستويات الوسيطة وفوق الوسيطة، لم يكن من قبيل المصادفة أن يظهر تأييد بعض عناصر الأمن في كل من السعودية والبحرين والإمارات للتنظيم، ربما يمكن رؤية الصورة بوضوح أكثر إذا التقطنا صورة على الجانب المصري خصوصًا لعملية اختطاف “اللنش” الشهر الماضي قرب ميناء دمياط والتي تأكد تورط أحد ضباط الجيش المنضمين للتنظيم في تدبيرها، كذا عملية كمين كرم القواديش التي يأتي على رأس المتهمين فيها أحد ضباط الجيش السابقين.
لن تسمح التدابير الأمنية التي تزداد تعقيدًا في الخليج للتنظيم بممارسة عمل تنظيمي ممنهج ربما في المدى القصير، لكن سياسة الاستهداف العشوائي من قبل الأنصار، وبعض العمليات التي يتم تدبيرها عبر اختراقات في الأجهزة الأمنية تؤكد أن “داعش” ربما صار بمقدورها استهداف الأنظمة الخليجية في عقر دارها.