لاحق جنرالات مصر ودول الخليج الإخوان المسلمين، وأجبروهم على المنفى، وضغطوا على دولة قطر لترحيل عدد من قادة الإخوان؛ ثمناً لإعادة السفراء إلى الدوحة. وتعلق المجلة في تقريرها، " بسبب الضغط الكبير، تراجعت قطر، الدولة الصغيرة والثرية جداً، عن سياستها الخارجية، التي اعتبرها جيرانها ليست مزعجة لهم فقط، بل تخريبية" على حد وصف المجلة.
ويجد التقرير أنه "في الواقع فاز الإخوان المسلمون ومن ينتمون لفكرهم، بعد الربيع العربي عام 2011، بالانتخابات في مصر وتونس، وأسهموا بدور قيادي في كل من اليمن وليبيا والثورة الدموية في سوريا، فيما تبنى الفرع الفلسطيني في غزة، حركة حماس، خيار السلاح منذ التسعينيات من القرن الماضي. وبدت تركيا التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية بقيادة طيب رجب أردوغان نموذجاً اقتصادياً وديمقراطياً للحكم الإسلامي، حيث أدت دور الأخ الأكبر والدولة الحديثة الأضخم.
وتقول المجلة إنه رغم هذا كله فقد "تداعى حلم الإخوان المسلمين بسرعة كبيرة، بدءاً من الانقلاب العسكري المدعوم شعبياً، الذي أطاح بحكم الرئيس محمد مرسي في منتصف عام 2013، حيث عانى نموذج الإخوان عن الإسلام السياسي سلسلة من النكسات المؤلمة. وفي تونس توجه الناخبون التونسيون مرة أخرى نحو العلمانيين. وتترك خسارة قطر الواضحة، كونها راعية للإسلاميين، أردوغان داعماُ لهم، لكن أسلوبه الاستبدادي في الحكم لم يترك له سوى قلة من الأصدقاء".
وتعتقد المجلة أن الإخوان المسلمين هم الملامون بالدرجة الأولى، "فخطاب الجماعة الحاد المعادي للإمبريالية تحول بعد خروج القوى الاستعمارية إلى معارضة عامة ضد الأنظمة القمعية، التي اعتبرت أداة في يد القوى الغربية. ومع أن بعض فروع الحركة جنحت نحو العنف، إلا أن التيار الرئيسي تبنى سياسة صبورة لتحقيق التغيير من الداخل، وأصبح (الإسلام هو الحل) شعاره الغامض، على حد تعبير المجلة.
ويبين التقرير أن "هذا الأسلوب آتى أكله بعد الربيع العربي، ولكن الإخوان أخطأوا في مناطق مثل تونس ومصر في قراءة فوزهم الانتخابي، حيث اعتبروا الفوز مصادقة على مشروعهم الإسلامي، خاصة أن الانتخابات عكست بشكل مساو ضعف القوى السياسية الأخرى بعد عقود من الديكتاتورية.
وتقول المجلة أن بعض الدول العربية تعاملت معهم على أنهم تهديد قاتل، وهذا هو اعتقاد (الدولة العميقة) في مصر، وقامت مصر بالضغط على حماس، وخنقت المعابر الشرعية وغير الشرعية إلى غزة".
ويتابع التقرير أنه "بطريقة هادئة قامت دول الخليج الثرية بالتحرك والقضاء على الإخوان المسلمين. وبدافع من العداء انضمت كل من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مصر، وقامتا بحظر الجماعة وتصنيفها جماعة إرهابية، ولم تكتف دول الخليج بإغراق مصر بالأموال في مرحلة ما بعد الانقلاب، بل مارست الضغوط على قطر، وهددتها بالمقاطعة من خلال سحب السفراء، وقامت هذه الدول في مناطق مثل ليبيا وسوريا بدعم الجماعات المعارضة للإخوان، حتى إن الإمارات العربية قامت بغارات لم تعلن مسؤوليتها عنها ضد مواقع تابعة للإسلاميين في ليبيا".
وتؤكد المجلة أن "هذه الضغوط نجحت، واضطرت قطر لترحيل عدد من قادة الإخوان المسلمين البارزين بهدوء، ومنعت التغطية الإعلامية المؤيدة لهم. وفي الأردن، التي يعد الإخوان من أقوى أحزاب المعارضة فيها، اعتقل عدد من أعضاء الحركة بينهم نائب المراقب العام للجماعة واتهم بتوجيه الإهانة لدولة عربية وتعكير صفو العلاقات معها. وفي نكسة غير مرتبطة بما يجري في مصر والأردن تعرض الإخوان المسلمون لنكسة في اليمن، عندما قام حزب شيعي بالسيطرة على العاصمة صنعاء، وقام بحملة من التحرشات والمضايقات ضد حزب الإصلاح المرتبط بالإخوان.
وتخلص المجلة إلى أنه من هنا، لم يجد الإخوان مكاناً لهم في الدول العربية فرحلوا لتركيا. والسؤال هل نجحت سياسة القمع ضدهم؟