صدرت العديد من المواقف الخليجية والعربية والدولية من التدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي يستهدف "جميع من يعارض نظام بشار الأسد"، وإن كانت بين مؤيد علني وآخر رافض لهذا التدخل، إلا أن اللافت للأنظار هو غياب الموقف الإماراتي من هذا التدخل، بالاستناد إلى عدم توقيعها على أول بيان صدر من قبل بعض دول التحالف الدولي والعربي، رغم أنها عنصر فاعل في التحالف العربي بقيادة السعودية في الحرب على الحوثيين باليمن.
الموقف الخليجي عموماً كان يدعم، بصورة غير مباشرة، الثوار في سوريا على الأرض، وإن لم يكن دعماً فإن المواقف السياسية في معظمها كانت تشدد على عدم بقاء بشار الأسد على سدة الحكم، إلا أن التدخل الروسي أحدث خللاً في المعادلة الدولية، وأصبح الجميع يعيد حساباته، بالاستناد إلى العلاقة هذه المرة مع دولة كبيرة مثل روسيا، لا سيما في حال وجود علاقات متنوعة وكبيرة.
فقد شهدت العلاقات الإماراتية الروسية في الآونة الأخيرة تقاربا كبيرا في الرؤى و"المصالح" والمواقف السياسية ما دفع بالطرفين لتعزيزها استراتيجيا، لاسيما في المسار الاقتصاديِ عبر إبرام عدد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية والسياحية.
وقد وصل الحجم الإجماليِ للتجارة البينية بين البلدين قبل عامين إلى مليار ونصف المليار دولار، وارتفعت التجارة غير النفطية بين الدولتين بمقدار 7.5 % عام 2013 وشكلت 897 مليون دولار.
وأنشأ رجال الأعمال الروس والاماراتيون أكثر من 350 مشروعا مشتركا في الإمارات، حيث افتتحت أكثر من 40 شركة روسية مكاتب لممثليها في الامارات، مع توقعات أن تستمر كل هذه الأرقام بتسجيل نمو مطرد في المستقبل القريب.
يرى مراقبون أن ما تشهده العلاقات الإماراتية الروسية من تطورات شملت العديد من المجالات الاقتصادية، يمثل أداة ضغط على قرار الدولة فيما يتعلق بالحالة السورية على وجه الخصوص، لا سيما وأن العلاقات التي تعززت ليست اقتصادية، على أهميتها، ولكنها تتضمن تعاوناً استراتيجياً وعسكرياً في العديد من القضايا.
أمر تعزيز العلاقات في كل الاتجاهات أكده سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي في مايو الماضي، حيث أوضح أن العلاقات بين دولة الإمارات وروسيا تنمو بشكل قوي في السنوات الأخيرة تدفعها رغبة البلدين في تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
هذا التصريح في حينه جاء بعد زيارة وصفت بالمهمة قام بها الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لموسكو والتي أعلن رسمياً أنها "أسفرت عن تعزيز العلاقة النامية بين البلدين وزادتها متانة".
بل إن سلطان بن سعيد المنصوري ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال إن روسيا شريك رئيس فيما يتعلق بدعم دولة الإمارات في استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية وهناك الكثير من الفرص التي تهيئ لروسيا المساعدة في نقل المعرفة بما في ذلك الصناعات الخفيفة والثقيلة والاتصالات والبترول وتكنولوجيا الفضاء ويمكن لروسيا أن تصبح شريكا في صناعة البتروكيماويات والطاقة.
أما عن تفسير الصمت الإماراتي تجاه التدخل الروسي، فقد رأى فيه المفكر الكويتي عبد الله النفيسي أنه تأييد واضح للتدخل الروسي العسكري في سوريا "لحماية نظام الأسد ومحاربة الجماعات الإسلامية".
واللافت في موقف النفيسي، الذي أورده في تغريدة له على "تويتر" أنه ربط بين الإمارات والأردن ومصر في دعم التدخل العسكري الروسي، وخصه كما يبدو بـ "محاربة الجماعات الإسلامية"، وهي مصلحة مشتركة، كما يراه كثير من المحللين بالاستناد إلى المواقف الرسمية والمعلنة من قبل الدول الثلاث.
يبقى السؤال، هل يمكن أن يؤثر الموقف الإماراتي على التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، لا سيما وأن السعودية تعارض بشدة التدخل الروسي، بل هناك من يرى أن روسيا فعلياً تستفز الرياض بقصفها قوات المعارضة التي تقوم بدعمها؟