منذ تحرير عدن في يوليو الماضي وتبذل الإمارات جهودا كبيرة واستثنائية وأحيانا بصورة منفردة لبسط السيطرة الأمنية وتعزيز حالة الأمن في المدينة ومديرياتها الثمان معلنة عن تطبيق خطة أمنية إماراتية إلى جانب توليها إغاثة مليون يمني في عدن وإجراء تعداد سكاني وغيرها من الخطوات السيادية ولكن شهدت المدينة عمليات اغتيال متصاعدة وتفجيرات إرهابية طالت مقر قواتنا الإماراتية ذاتها ارتقى فيها 4 شهداء إماراتيين.
كل هذه الحوادث الأمنية كانت إعلانا واضحا بتعثر الخطة الأمنية الإماراتية حتى الآن على الأقل. وبعد هذه الحوادث أصدر الرئيس اليمني هادي الذي يزور أبوظبي حاليا قرارات رئاسية بتشكيل لواء متخصص في مكافحة الإرهاب بالتزامن مع وصول المزيد من قواتنا الإماراتية المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب وفق مجلة السياسة الكويتية المعروفة. كما عين الرئيس هادي محافظا جديدا لعدن خلفا للمحافظ السابق الذي طالبت الإمارات بإقصائه وفق مصادر يمنية نظرا لخلفيته الإسلامية.
وفي هذا السياق، أصدر مؤخرا مركز مسارات للبحوث الإستراتيجية ومقره عدن دراسة مفصلة عن الأوضاع الأمنية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والإغاثية التي تعانيها المدينة كاشفا عن تدهور كبير في جميع المجالات السابقة، وهي من بين المعوقات التي لم تراعيها القوات الإماراتية في عدن على ما يبدو ما أدى إلى تعثر خطتها الأمنية، وفق تصريحات إماراتية رسمية يرد ذكرها بعد قليل.
اجتماع أمني بحضور إماراتي
صحيفة الاتحاد الإماراتية المحلية، نشرت تقريرا اليوم الجمعة (16|10) أشارت إلى وجود "خطة عاجلة بإشراف إماراتي لتطبيع الحياة في عدن". فما هي هذه الخطة؟ وهل هي خطة جديدة بعد فشل الخطة الأمنية المعلنة، أم هي تطوير للخطة المعلنة لإنقاذها من الانهيار وإنقاذ سمعة الأمن الإماراتي التي غدت على المحك من الانهيار؟
قالت "الاتحاد"، توافقت قيادات محلية وعسكرية، وأخرى في المقاومة الشعبية الجنوبية بمدينة عدن، جنوب اليمن، على البدء بتنفيذ خطة متكاملة لتحقيق الأمن والاستقرار، وتفعيل كافة أجهزة الدولة المدنية، بما يساعد على رفع معاناة المواطنين، على أن يتم البدء بها خلال الأسبوع القادم تحت إشراف من الإدارة الإماراتية المتواجدة في المدينة منذ تحريرها من سيطرة المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح في منتصف يوليو الماضي".
وما يلاحظ هنا أن الخطة الأمنية الإماراتية كانت تتصرف مع الأمن والاستقرار في عدن من ناحية أمنية كإجراءات وسلطات وليس كحالة أمن تشمل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والجريمة، ولكن خطة الأمن الإماراتية كانت عبارة عن استنساخ تجربة جهاز أمن الدولة الإماراتي في مطاردة الناشطين الحقوقيين والسياسيين متجاهلا السياق العام لظروف مدينة كانت تحت الاحتلال وبحاجة إلى عمل أكبر مما تصورته هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي أجرت التعداد السكاني.
وتابعت "الاتحاد"، وفي اجتماع موسع عقد الخميس(15|10) بين قيادات عسكرية وأمنية، وأخرى في السلطة المحلية وشارك فيه ممثلون عن دولة الإمارات تم الاتفاق على تنفيذ خطة مدنية تشمل جميع مكاتب الوزارات والمرافق الحيوية في المدينة بهدف تطبيع الحياة بشكل متكامل، على أن يتم البدء في الخطة الأسبوع القادم".
ليس هذا هو الإعلان الأول عن بدء تطبيق خطة أمنية أو غيرها "الأسبوع القادم" فالخطة الإماراتية الأمنية أعلن عن تطبيقها كل أسبوع في الأسابيع الأخيرة، ويرى ناشطون أن الإعلان الجديد وكأن الهدف منه محاولة إنقاذ الخطة الأمنية الإماراتية كونها لم تتضمن جديدا سوى إشراك مكونات مؤسسات الدولة والمجتمع فيها، وتبرئة ساحة الخطة من الفلتان السابق.
ونقلت "الاتحاد" ما قاله مبارك الجابري "المندوب الإماراتي في اليمن"، والذي حضر الاجتماع تشديده على أهمية أن يتم التوافق بين جميع الأطراف، سواء الأمنية والعسكرية والمدنية في المدينة لتحقيق الأمن والاستقرار، مضيفا أن المساعدات الإماراتية ورغم حجمها إلا أنها تحتاج إلى تضافر الجهود الحكومية في عدن والمسؤولين في كافة القطاعات الأمنية والخدماتية، وبما يحقق للمواطن الأمان.
ويرى ناشطون أن القوات الإمارات الموجودة في عدن ورغم تزايدها إلا أنها بدأت تقف على صعوبات أن تحكم شعبا آخر على حد وصف صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية التي وصفت الإمارات بأنها الحاكم الفعلي في اليمن، وصعوبات أن تعيل الدولة شعبا آخر بحجم الشعب الإماراتي بأكمله الذي يناهز المليون نسمة.
وعرضت "الاتحاد" توصيات الاجتماع الأمني الذي حضره مندوب الإمارات، قائلة،"وضع المشاركون، وهم يمثلون أكثر من 15 جهة عسكرية وأمنية ومدنية مقترحات عاجلة قبل البدء بتنفيذ الخطة المدنية في القطاعات العامة والخاصة، تضمنت تفعيل دور أجهزة الأمن ودمج المقاومة الشعبية إنهاء المظاهر المسلحة عبر حملة متكاملة، وسحب الأسلحة المنتشرة في أوساط المجتمع وإعادتها للمقرات العسكرية والأمنية، وتحسين الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي ونظافة".
ويرى ناشطون أن الإسهاب في عرض هذه التحديات وغيرها، وتصريحات المندوب الإماراتي إنما لتبرير إخفاق الخطة الأمنية عن تحقيق أهدافها لأنها قفزت على حقائق كثيرة معتقدة أن مجرد الإعلان عن تطبيق خطة امنية سوف يوفر الأمن ذاتيا في المدينة.
هل هادي "شماعة" لتعثر الأمن
وكشفت "الاتحاد" أن قيادات أمنية وعسكرية بارزة، وأخرى من المقاومة الشعبية في عدن عقدت الأربعاء(14|10) اجتماعاً "تحت إشراف قيادات عسكرية من قوات التحالف العربي" على حد وصفها، وتم مناقشة خطة الإمارات الأمنية.
وأضافت "الاتحاد"، أن الاجتماع تطرق إلى دمج المقاومة الشعبية في أجهزة الأمن والجيش، وتأخر قرار هادي بهذا الشأن عن التنفيذ، وأن المجتمعين أكدوا أهمية هذه الخطوة في تنفيذ الخطة الأمنية"، ويرى محللون سياسيون أن قوات التحالف العربي تبحث عن أي مبرر لتأخر الاستقرار الموعود في عدن على الأقل، مرجحين أن زيارة هادي الحالية لأبوظبي تتناول هذا القرار بعد انسحاب نائب الرئيس اليمني وخالد بحاح من المدينة بدون إذن الرئيس وبمساعدة القوات الإماراتية، فسمعة الأمن الإماراتي باتت رهن تحقيق الأمن في عدن، وليس من السهولة أن يفرط أمن الإمارات في سمعته، يرى ناشطون، ولو على حساب حقوق الإنسان.