أرجع تقرير أصدره المجلس قلة معدلات التوطين في قطاع الاتصالات، إلى البيئة التعليمية في الدولة، وتفضيل الطلبة الالتحاق بالتخصصات الأدبية، على العلمية، مشيراً إلى أن نسبة التحاق الطلاب المواطنين بالتخصص الأدبي بلغت 88%، بينما وصلت النسبة بين الطالبات إلى 72%، وذلك وفق دراسة كانت أعدتها وزارة الموارد البشرية والتوطين (وزارة العمل سابقاً) في عام 2013، ما أثر سلباً في توفير الأعداد اللازمة لإمكانية الالتحاق بقطاع الاتصالات، في ضوء قلة أعداد الملتحقين بالقسم العلمي.
ولاحظ التقرير عزوف الطلبة المواطنين عن الالتحاق بكليات تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي ينعكس سلباً على نسبة التوطين في الوظائف التخصصية في قطاع الاتصالات، إذ تبين بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم (قطاع التعليم العالي)، أن عدد الطلبة الخريجين في كليات تكنولوجيا المعلومات خلال العام الدراسي الماضي بلغ 248 خريجاً، مرجعاً أسباب تدني الأعداد إلى غياب إطار مرجعي لإدارة عمليات الإرشاد والتوجيه المهني في الوزارة، إضافة إلى ضعف أوجه التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية في تطوير حزمة برامج الإرشاد المهني لطلبة المدارس.
وفي ردها على التقرير، أشارت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، إلى أن الخطة التدريبية للهيئة يجري تطويرها من قبل قسم إدارة المواهب، بالتنسيق مع مديري الإدارات للنظر في احتياجات التدريب وتوفيرها للموظفين، من خلال مراكز تدريب ذات خبرة سواء داخل الدولة أو خارجها.
ولفتت إلى قيام صندوق الاتصالات بفتح الباب للجهات التعليمية بالدولة لتمويل متطلبات عدة في البنى التحتية لتلك الجهات في التخصصات ذات الصلة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، من مختبرات وأجهزة تستخدم في العملية التعليمية والجهود البحثية.
من جانبه، دعا حمد أحمد الرحومي، وزارة التربية إلى الإعداد النفسي والعلمي للطالب، من خلال ربط تعليمه بمتطلبات سوق العمل، محدداً ثلاثة عناصر لحل مشكلة التوطين في القطاعات التكنولوجية الجديدة، أولها يتمثل في الطالب واهتماماته وتطلعاته وطموحه، والثاني في سوق العمل واحتياجاته الحالية والمتوقعة، بينما الأخير متعلق بالمؤسسة التعليمية التي يجب أن تكون القاطرة للمستقبل، وفق وصفه.
وقال الرحومي لصحيفة «الإمارات اليوم» المحلية: إن «المؤسسة التعليمية يجب أن تكتشف التخصص لدى الطلبة منذ المرحلة الابتدائية، وتعمل على تحفيزهم وتنمية مواهبهم وتوجيه إمكاناتهم طوال مراحل الدراسة، لاستخدامها بشكل أمثل في سوق العمل بعد التخرج، ولذلك لابد من وجود تواصل وتكامل ثلاثي بين وزارات الاقتصاد، والموارد البشرية والتوطين، والتربية، تستشرف فيه الأولى مستقبل التطورات التكنولوجية، وتحدد الثانية المتطلبات التي تلبي احتياجات سوق العمل من المواطنين المؤهلين للتعامل مع التخصصات الحديثة، فيما تقوم الأخيرة بتجهيز وإعداد مناهج وأنظمة تعليم تستشرف المستقبل كل 10 سنوات، لتخريج الطالب الذي يحتاج إليه سوق العمل فعلاً».
وأضاف أن «المجتمع تطور وظهرت وظائف وتخصصات جديدة، وتوطين هذه الوظائف لن يأتي إلّا من خلال تخريج طلاب مؤهلين، وعلى علم تام بكل كبيرة وصغيرة في هذه التخصصات. ونحن مازلنا نعاني مشكلتين، الأولى هي وجود مواطنين متخصصين في مجالات بالغة الصعوبة، لكنّهم لا يعملون في تخصصاتهم، والثانية أن نظام التعليم قائم على المناهج المضغوطة، وغير قادر على توجيه الطلبة والتعامل مع إمكانات كل منهم على حدة»، مطالباً المؤسسات التعليمية بالعمل على معرفة إمكانات الطالب في سن مبكرة، ثم تحفيزه وتوجيهه لكي يبدع في ما يحب.
وتابع الرحومي: «هذه المسؤولية تقع على عاتق المعلم، إذ يجب أن يكون مستكشفاً وليس ملقناً، بحيث يتابع الطالب ويقف على نقاط تفوقه في أي مجال، ويبدأ في محاولات تطويع هذا التفوق في تخصص عملي، ويحفز الطالب على الاستمرار في التفوق، ويصدر تقريراً مع نهاية كل مرحلة تعليمية بشأن قدرات الطالب وأي المجالات التي تناسب تفوقه».
واعتبر أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، هو خير مثال على استشراف المستقبل علمياً ووظيفياً، داعياً إلى تعميم الفكرة التي قام عليها هذا المشروع في بقية التخصصات، لأن أي تخصص جديد يجب أن يقابله وجود قوى عاملة مواطنة جاهزة علمياً وفنياً لشغله.