أردوغان: ليست لدينا أجندة سرية مع قطر وتعاوننا مهم لمستقبل المنطقة
وكالات
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
16-02-2017
في أول حوار مع صحيفة عربية، فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل ملفات المنطقة، متحدثا إلى صحيفة «العرب» القطرية أثناء زيارته للدوحة.
في حديث الرئيس التركي عن العلاقات بين بلاده وقطر، شدد على أن التعاون الوثيق بين أنقرة والدوحة «أمر في غاية الأهمية لمستقبل المنطقة»، وأرسل رسالة اطمئنان للمتخوفين من التقارب الكبير بين الجانبين: «أقولها بكل وضوح: ليس لدينا جدول أعمال سري أو أجندة سرية، ولا نملك وجهة نظر أخرى مغايرة لما أعلنا عنها أمام الرأي العام»، وزاد: «أناشد جميع بلدان المنطقة مرة أخرى لتوسيع نطاق التعاون فيما بيننا».
وعرفاناً بالموقف القطري أثناء محاولة الانقلاب «الإرهابية» الفاشلة في تركيا، قال الرئيس أردوغان بكلمات موجزة ومعبرة: «لن ننسى تضامن دولة قطر ودعمها لنا أثناء تعرض بلدنا لمحاولة الانقلاب وما بعدها».
اللقاء مليء بالتفاصيل التي تستحق التوقف أمامها بشأن رؤية الرئيس أردوغان حول أحداث الشرق الأوسط، فإلى نص الحوار، وفق ما نشرته الصحيفة القطرية:
ما هو تقييم فخامتكم لمسار العلاقات التركية- القطرية، خاصة بعد إنشاء مجلس أعلى للتعاون الاستراتيجي بين البلدين؟ وما الملفات التي ستبحثونها مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى خلال زيارتكم للدوحة؟
- مثلما تعلمون.. العلاقات التركية- القطرية تشهد تطوراً سريعاً في المجالات كافة، ولا سيما في السنوات الأخيرة، حيث وصلنا إلى مستوى ممتاز في هذه العلاقات. وهناك علاقات قوية بالفعل تستند إلى الروابط التاريخية بين بلدينا، ونحن نثق في بعضنا البعض، كما يحظى كلا البلدين بذات الإرادة السياسية القوية من أجل المضي قدماً في تطوير هذه العلاقات نحو الأفضل.
وآلت الثقة المتبادلة بين البلدين إلى مستوى استراتيجي في العلاقات. وكما تعلمون، فإن تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات بشكل تدريجي أثمر نتائج إيجابية، حيث زار سمو الأمير الشيخ تميم بلدنا في ديسمبر 2014، واتفقنا خلال الزيارة على تأسيس آلية للتعاون والاستشارة تحت اسم اللجنــة الاستراتيجية العليا، وتعتبر هذه الخطوة في غاية الأهمية.
هل تمخضت عنها اتفاقيات جديدة فيما بعد؟
- بالطبع، منذ ذلك التاريخ شهدنا تطورات في غاية الأهمية، حيث تعزز تعاوننا ومودتنا يوماً بعد آخر، وآتت اللجنة الاستراتيجية العليا ثمارها في فترة قصيرة، وقد أبرمنا 30 اتفاقية في الاجتماعين الأول بالدوحة، والثاني في طرابزون، وهذه خطوات جادة بالفعل، وأعلنا عن بيانات مشتركة تعكس أفكارنا ومواقفنا المتطابقة تجاه المسائل الإقليمية، وبالنسبة لنا فإن التعاون الوثيق لهذه الدرجة بين تركيا وقطر أمر في غاية الأهمية لمستقبل المنطقة، وأنا واثق بأن الاجتماع المقبل للجنة الاستراتيجية العليا -الذي سيعقد في الدوحة هذه السنة- سيصب في مصلحة كلا البلدين، فكل لقاء يجمعنا يعزز الروابط الفكرية والعاطفية بيننا، ونحن لن ننسى تضامن دولة قطر ودعمها لنا أثناء تعرض بلدنا لمحاولة الانقلاب في الخامس عشر من يوليو الماضي وما بعدها، فقد أثبتت قطر أنها الدولة الصديقة الحقيقية التي وقفت معنا ودعمتنا في الأيام الصعبة، وأنا واثق بأننا مع أخي الشيخ تميم سنتكاتف يداً بيـد، وسنحقق العديد من الإنجازات، من أجل أن تنعم منطقتنا بالأمن والسلام.
إلى أي مدى يمكن أن يصل التعاون بين الجانبين، لا سيما بعد قرار إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر؟ وما أهداف هذه القاعدة لجهة بسط الاستقرار في الخليج العربي؟
- لا بد من توضيح هذه النقطة كالآتي: إن الحفاظ على مستوى العلاقات السياسية الممتازة والعمل على تطويرها مرتبط بتحقيق التعاون الوثيق في المجالات العسكرية والدفاعية أيضاً، ونحن نريد أن نفعل ذلك. لاحظوا، وكما ترون، أن المستوى الذي وصلت إليه قواتنا المسلحة معروف لدى الجميع، وجيشنا يحتل مركزاً متقدماً في العالم. إلى جانب ذلك، من الواضح أن التطور المشهود في صناعاتنا الدفاعية، والاستثمارات التي قمنا بها في تطوير أسلحتنا الوطنية، وتحقيقنا المنتجات العسكرية المهمة وكل هذه الأمور تدفع البلدين إلى التعاون في المجال العسكري دون تردد. ولقد خطونا خطوتنا في هذا الشأن، وسنستمر في اتخاذ خطوات جديدة.
تتحدثون عن الاتفاقية المبرمة في عام 2014؟
- نعم.. وقّعت الجمهورية التركية مع حكومة دولة قطر اتفاقية تعاون بتاريخ 19 ديسمبر، بشأن التدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، فضلاً عن تمركز القوات المسلحة التركية على الأراضي القطرية، حيث توجد مجموعة من أفراد القوات المسلحة التركية على الأراضي القطرية منذ أكتوبر 2015 وحتى يومنا هذا. بإذن الله تعالى، سوف نتعاون في العديد من المجالات بدءاً من التدريب العسكري وصولاً إلى إجراء مناورات عسكرية مشتركة، وكذلك في جميع خدمات البنية التحتية. إن تركيا وقطر تدعمان السلام الإقليمي، كما أننا نرغب بوضع حد للإرهاب ولجميع أنواع التهديدات والمخاطر الأمنية، وكلا البلدين يقوم بواجبه في هذا الصدد.
من هذا المنطلق أود أن أناشد البلدان الأخرى في المنطقة، وأقول: تعالوا نعمل على توسيع هذا التعاون كدول شقيقة، ونتصدى معاً للإرهاب والتهديدات الأمنية.
بماذا تردّون على مخاوف البعض من التقارب والتنسيق التركي- القطري في مختلف القضايا والملفات؟
- لا ينبغي لأحد أن يشعر بالقلق حيال التقارب التركي- القطري القائم على أساس الأخوة. ماذا قلنا؟ نحن نرغب بتوسيع هذا التعاون ليشمل كافة البلدان في المنطقة. الأمر المهم هنا، هو تمكين جميع إخواننا وأخواتنا في المنطقة من العيش بسلام وأمن، ليست لدينا ولا يمكن أن تكون لدينا أية أهداف أو غايات أخرى، علاوة عن ذلك.
اتفاقياتنا شفافة، ولقاءاتنا تتم على مرأى ومسمع الجميع، وكل ما نتمناه هو تعزيز هذا التعاون بشكل مطرد. الذين على علم بشخصيتي يعرفون جيداً أنني مع الصدق، وأحب أن أتحدث بصراحة، والوقوف إلى جانب الحقيقة.
لاحظوا أنني أقولها بكل وضوح: ليس لدينا جدول أعمال سري أو أجندة سرية، ولا نملك وجهة نظر أخرى مغايرة لما أعلنا عنها أمام الرأي العام. هنا أناشد جميع بلدان المنطقة مرة أخرى لتوسيع نطاق التعاون فيما بيننا.
ما تقييم فخامتكم للدور القطري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة دور الوساطة الذي تلعبه الدوحة بين مختلف الفرقاء في كثير من بؤر التوتر؟
- في هذه النقطة يتعين علينا إضفاء مكانة خاصة لقطر، كونها تتبع سياسة خارجية ديناميكية ومعقولة للغاية وفي منتهى القوة، حيث ترون دولة قطر وهي تسعى إلى إيجاد حلول للأزمات، وتلعب دور الوساطة، وتقترح حلولاً حقيقية وجدية من خلال الأخذ بزمام المبادرات. ومما لا شك فيه أن كل هذه الأمور تجعل من قطر دولة فعالة تحظى بكل الاحترام والتقدير.
كما أن دولة قطر قادرة أيضاً على استخدام قوتها الاقتصادية بشكل فعّال وفي محلها، أنا على اعتقاد تام بأن الأطراف الفعالة على المستوى الإقليمي والعالمي ستمنح قطر دوراً فعالاً، فضلاً عن المسؤوليات الكبرى التي تتحملها لإدارة الأزمات في الشرق الأوسط وأفغانستان وإفريقيا، وإيجاد حلول لها.
وأنا أؤمن من صميم قلبي بأن قطر ستطور سياسات جديدة من أجل حقن الدماء، والحيلولة دون وقوع المآسي وإنهاء الأزمات والصراعات.
ما تفسيركم فخامة الرئيس لازدواجية بعض الدول الغربية التي تحكمها قيادات منتخبة ديمقراطياً، لكنها تنتقد الإجراءات التركية في مواجهة الانقلابيين على السلطة المنتخبة في أنقرة؟
- أنت على حق بشأن ازدواجية الغرب في المواقف. مع الأسف الشديد كانت المحاولة الانقلابية في الخامس عشر من يوليو اختباراً للغرب والدول الغربية التي لم تتعاطَ مع المسألة بجدارة، عليهم أن يعترفوا بهذه الحقيقة. لقد عجزوا حتى عن مواساتنا في هذا السياق، فلم يتبادر إلى ذهنهم تقديم التعازي لنا إلّا بعد مرور أيام على الحادث.
وهذا مؤشر على أن الغرب رسب في اختبار تركيا في الخامس عشر من يوليو، من حيث التمسك بالديمقراطية والحريات، نحن كنا الطرف الذي يمثل الديمقراطية، وشعبنا تمسك بالديمقراطية والحريات، فالبعض من أفراد الشعب تعرّض إلى إطلاق النار، وهناك من سُحِق تحت الدبابات، ومن تعرّض لقصف الطائرات والمروحيات. إن المدنيين هم من خرجوا من بيوتهم في تلك الساعات، لكن الغرب لم يرَ ذلك، بل لم يكن يريد أن يرى هذه الحقيقة.
هل يمكنك أن تتخيل أن البرلمان الذي يعد مقراً أساسياً للديمقراطية والإرادة الوطنية يتعرّض للقصف، لكننا لم نتلقَ أو لم نجد رسالة دعم قوية ضد المحاولة الانقلابية من قبل الغرب. وعلى الدول الغربية مساءلة نفسها بشكل جدي بهذا الشأن.
كما يتعين على الدول الغربية أن تفكر مرة أخرى قبل أن تحاول تلقين الشعوب الأخرى دروساً في الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات، وسيادة القانون. يتوجب عليهم تقييم تصرفاتهم في الخامس عشر من يوليو. كما ينبغي على الغرب الخضوع لمحاسبة ذاتية جادة بشأن التمسك بالقيم العالمية التي يدعي أنه من أشد المدافعين عنها.
البعض يقول إنّ هناك تراجعاً في الحريات في تركيا بعد قرار السلطات إغلاق بعض القنوات التلفزيونية والصحف، ما ردّكم على هؤلاء؟
- إن الادعاء بتراجع مستوى الحريات في تركيا لا يمت للحقيقة بصلة، لكن هناك نوعاً من هذا التراجع الذي ذكرته في الدول الأوروبية التي لم تستطع أن تظهر موقفاً حازماً ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة. بإمكان أحزاب المعارضة في تركيا، فضلاً عن وجودها في البرلمان التركي، توجيه أشد الانتقادات للحكومة، وذلك من خلال قنواتها التلفزيونية وصحفها المتعددة. إغلاق بعض وسائل الإعلام هو نتيجة لقرارات صادرة عن المحاكم.
ثم أي وسائل إعلام تم إغلاقها؟! لقد تم إغلاق بعض وسائل الإعلام التي لها علاقة بالإرهاب وتقوم ببث الدعاية له. كانت محاولة الانقلاب في 15 يوليو من صُنع أعضاء منظمة غولن (فيتو) الإرهابية. اسمحوا لي أن أشرح ذلك لكم في مثال بسيط: ماذا كان سيحدث لو تم إثبات علاقة بين تنظيم القاعدة، سواء كانت مادية أو معنوية أو من باب المحتوى، وبين إحدى محطات التلفزيون أو صحيفة في الدول الغربية؟ هل من الممكن عدم اتخاذ أي إجراء قانوني بحق أنصار أو مؤيدي أو أعضاء تنظيم القاعدة، وذلك باسم حرية الصحافة؟ لم يتم إلقاء القبض على بعض الأشخاص في تركيا بسبب آرائهم أو أنشطتهم الصحافية، ولكن تمّ ذلك لأسباب أخرى، مثل: اختراق القانون، وارتكاب جرائم مختلفة من نوعها الجنائي العادي، حتى الانتماء إلى منظمة إرهابية. لا يمكن لأية دولة تحكم بالقانون السماح بارتكاب أية جريمة تحت غمد الصحافة. شيء من هذا القبيل لا يتفق بالفعل مع أخلاقيات الصحافة. باختصار، ليست لدينا مشكلة مع حرية وسائل الإعلام.
لذلك تقولون إن هناك حرية إعلامية في تركيا؟
- بالطبع.. بل أكثر من دول غربية عديدة. تحدث في هذه الفترة انفجارات إرهابية في مختلف المدن الأوروبية. هل تقوم وسائل الإعلام هناك بنشر صور الجرحى والقتلى على وسائل الإعلام الاجتماعية؟ بالطبع لا، لأنه ليس من الأخلاق فعل ذلك. ولكن الوضع في تركيا مختلف، حيث يقوم بعضهم على الفور بنشر مثل هذه الصور على مختلف وسائل الإعلام. لذلك تقوم دولة تركيا بمواجهة مثل هذه الأفعال غير الأخلاقية، وعندما تفعل ذلك تواجه بعدها ضجة إعلامية بحجة حرية الصحافة. على سبيل المثال، كيف يمكننا وصف كل من شارك في الانقلاب أو دعمه أو قام بدعاية إرهابية بأنهم صحافيون؟ هذه هي المشكلة. لا يمكن تعريف الإرهاب أو محاولة الانقلاب وكأنها حق وحرية تعبير. التنوع في وسائل الإعلام وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي ضمان الديمقراطية. وجود وسائل الإعلام المتحدثة باسم الاتجاهات السياسية المختلفة والأحزاب السياسية المتعددة في تركيا مؤشر ملموس على عدم وجود أية مشكلة من حيث حرية الصحافة في تركيا. ووسائل الإعلام التي تنقل إلى الشعب أخباراً صحيحة وسريعة وآمنة تنال منا كل الترحيب.
لكم مقولة معبرة مؤخراً: «نريد جيشاً يحمي الشعب.. لا أن يقتل الشعب».. فكيف تحققون ذلك من خلال معادلة تقتصر فيها مهمّة الجيش على حماية حدود وأمن البلاد، لا التدخل في السياسة، في بلد يحمل إرثاً كبيراً من الانقلابات العسكرية؟
- كما تعلمون، فإن تاريخ العلاقات العسكرية والمدنية في تركيا له خلفيات عميقة الجذور وتطورات طويلة المدى، ولكن نجحت حكومات حزب العدالة والتنمية في صهر الشعب والدولة، وسير العلاقات العسكرية والسياسية في مجراها الطبيعي. بالطبع برزت من وقت لآخر اتجاهات مختلفة، ولكننا بالحكمة والوقار وبقوة الإرادة الوطنية تمكّنا من تحديها ووضعها في الإطار الصحيح. المسألة الأساسية في هذه القضية هي التخلّص من كافة المخاوف بشأن المبادئ الأساسية لدولتنا. نريد أن نقوم بتنظيم قيم دولتنا التأسيسية من جديد وفقاً للحضارة المعاصرة والتطورات الإقليمية والعالمية بفهم أكثر تقدماً وازدهاراً. بالتأكيد هناك أيضاً مهام جادة تقع على عاتق قواتنا المسلحة. والمسؤوليات الملقاة على عاتق السياسة ثقيلة جداً. على الرغم من صعوبة المرحلة، سنعمل جاهدين وننفذ واجباتنا ومهماتنا على نحو كافٍ من أجل الوصول بوطننا إلى مستوى الدول المتقدمة.
هل يستطيع التنسيق التركي مع كل من قطر والسعودية بشأن الملف السوري إحداث تغيير على الأرض لصالح المعارضة السورية؟
- أولاً وقبل كل شيء أرغب في ذكر هذه الحقيقة، نعمل منذ بدء الأحداث في سوريا عام 2011 وبشكل وثيق مع كل من المملكة العربية السعودية وقطر بتنسيق وتعاون مباشرين، من أجل أمن وسلام الشعب السوري. نريد أن توقف الدماء المسكوبة في سوريا، وألا يقتل أو يصاب أي من الأطفال والمسنين والمظلومين هناك. لقد دُمرت المدن السورية، وانهارت بنياتها التحتية، فنحن نعمل دوماً من أجل ضمان سلام دائم في أقرب وقت ممكن. جولتنا في المنطقة التي شملت البحرين والمملكة العربية السعودية وقطر ستكون فرصة ذهبية لتوثيق العلاقات الثنائية من حيث تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية السورية. وأؤمن كل الإيمان بأننا سنقوم معاً باتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الاستقرار الإقليمي.
ما أفق التنسيق التركي الروسي الإيراني بشأن الملف السوري؟ وهل يمكن أن تصل أنقرة بهذا التعاون الثلاثي إلى وضع حد نهائي للمأساة هناك؟
- دعونا نتحدث عن هذه القضية آخذين بعين الاعتبار ثلاث نقاط مهمة. تتواجد روسيا بشكل عسكري داخل سوريا منذ سبتمبر 2015، وإيران لها تأثير على الميليشيات الشيعية المدعومة من قبل النظام السوري. لدينا حدود طويلة مع سوريا، ونستضيف في أراضينا أكثر من 3 ملايين سوري، لذلك نحمل نحن العبء الأكبر في هذه المسألة. لهذه البلاد أدوار مهمة جداً للوصول إلى حل متعدد الأطراف في سوريا. السلام في سوريا هو لصالح السوريين في المقام الأول ومن ثم لصالح هذه الدول الثلاث. وقف إطلاق النار في حلب ومحادثات «أستانا» هي بلا شك خطوات مهمة جداً. نرى أخيراً بصيصاً من النور في نهاية النفق. علينا ألا نقتل هذا الضوء، بل نساهم في توسيعه من أجل الخروج من هذا النفق وتلك المعضلة، لذا فإن مباحثات «جنيف» التي ستعقد في العشرين من فبراير الحالي مهمة في سبيل تحقيق هذه الغاية. وأعتقد أنه إلى جانب موقف الولايات المتحدة الأميركية بعد انتخاب السيد ترمب، فإن جهود دول المنطقة -مثل المملكة العربية السعودية وقطر- ستساهم بشكل فعّال في حل القضية السورية.
فخامة الرئيس.. مصر في كل أحوالها تبقى دولة مؤثرة في المنطقة. كيف ترون حل الأزمة فيها بما يعود بالنفع على الجميع.. (شعبها والاستقرار الإقليمي)..؟ وهل المشكلة مع القاهرة تتلخص في شخص السيسي؟
- مصر من بين أكثر الدول تأثيراً في المنطقة. لدينا علاقات تاريخية مع مصر متينة وقوية وعميقة. والشعب المصري من أقدم الشعوب الصديقة لنا، وليست لدينا أية مشكلة مع إخواننا المصريين، ولا يمكن أن يكون. لكن علاقاتنا الدبلوماسية مع الحكومة المصرية حالياً في مستوى القائم بالأعمال في السفارة. أما العلاقات في مجالات العولمة والاقتصاد والتجارة فهي مستمرة. لقد قام الطرف المصري بدعوة رجال الأعمال الأتراك إلى القاهرة بقيادة الاتحاد التركي للغرف والبورصات. هذه خطوات مهمة وضرورية. إذا سألتم هل من الممكن أن تنعكس هذه التطورات على العلاقات السياسية؟ فإن الأمر يتوقف على التطورات في الفترة المقبلة. بشكل شخصي أرى أن اتخاذ أية خطوات إيجابية من قبل مصر، وخاصة العفو عن السجناء السياسيين هناك، لن يساهم فحسب في إحلال السلم الاجتماعي في مصر، بل سينشئ بيئة صحية على صعيد العلاقات مع الدول الخارجية.