زعمت صحيفة "القدس العربي" ظهور مؤشرات متسارعة خلال اليومين الماضيين على بداية تصدع جبهة الحكومة الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، مع التدخلات الجوهرية لأبوظبي في قيادة الحكومة اليمنية والقيود المفروضة عليها من قبل الرياض والتي أصابتها بالشلل شبه التام، وأصبحت مكبلة بالقيود الخارجية التي أثرت بشكل صارخ على الوضع في الداخل.
وحسب الصحيفة اللندنية، فإن هذه التصدعات برزت بشكل واضح، مع اقتراب الذكرى الثالثة لعمليات التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية، التي تصادف بداية الأسبوع المقبل، من خلال إعلان نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية عبدالعزيز جباري، قبل يومين، عن استقالته في اجتماع رئيس الجمهوري عبدربه منصور هادي بكبار مستشاريه، حول قرارات وصفت بـ(المصيرية) لليمن، والتي تلتها أيضا إعلان وزير الدولة الصيادي عن استقالته الأربعاء.
في الوقت الذي ذكر فيه جباري أسباب تقديم استقالته بوجود (خلل) في علاقة التحالف بالحكومة الشرعية، أرجع الصيادي أسباب استقالته إلى أسباب عديدة، جميعها تصب في تدخلات دول التحالف بالقرار السياسي والسيادي اليمني.
وقال الصيادي «إن الحكومة اليمنية عُرقلت في عملها بإعادة تطبيع الحياة في المناطق المحررة، كما أُوقف الدعم عنها نهائياً منذ أكثر من عام».
وأوضح أن من بين الأسباب «انحراف بوصلة أهداف وغايات عاصفة الحزم وإعادة الأمل من قبل بعض أطراف التحالف العربي لدعم عودة الحكومة الشرعية إلى اليمن وأصبحت اليمن مهددة بالتشرذم إلى كنتونات تتحكم بها مليشيات مسلحة مدعومة بكل ما يلزم مادياً وعسكرياً في مقابل تقليص وأحياناً منع الدعم عن المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تتبع مؤسسة الدولة الشرعية»، في إشارة واضحة إلى تدخل قوات محلية غير نظامية تابعة لدولة الإمارات في المحافظات الجنوبية.
وانتقد الصيادي، وهو أحد الوزراء المحسوبين على الرئيس هادي، بشدة التدخلات الإماراتية في القرار السيادي اليمني وقال ان تأخير الحسم ضد الانقلابيين الحوثيين عبر التدخلات والعراقيل الإماراتية، جعلت المدنيين اليمنيين يتعرضون إلى ويلات ومآسي لا حصر لها اجتماعية وسياسية واقتصادية ومعيشية وصحية وتعليمية وإنسانية.
وذكر أن التحالف العربي ليس جاداً في تطبيع الأوضاع في المناطق اليمنية المحررة من الانقلابيين الحوثيين فقال «كان يفترض أن تقوم دول التحالف بكل ما يلزم من توفير الخدمات والمرتبات ومتطلبات الحياة الأساسية للشعب اليمني مادامت قررت أن تكون تلك الوصاية تحت ولاية دول التحالف العربي لدعم وإعادة الشرعية إلى اليمن وليس إلى غيرها».
وكشف أن (القرار السيادي) مسلوب من الحكومة الشرعية في اليمن، ومرهون بـ(علاقة غير متكافئة وغير طبيعية) بينها والتحالف العربي والتي وصفها بأنها (علاقة تبعية) وليست (علاقة شراكة)، كما كان اليمنيون يطمحون.
إلى ذلك أرجع جباري أسباب استقالته بالتدخلات غير المقبولة من قبل دول التحالف العربي في شئون الحكومة اليمنية وقال في مقابلة تلفزيونية حكومية ومن العاصمة السعودية الرياض ان «العلاقة بيننا وبين الاخوة في التحالف يجب ان تصحح وأن تكون علاقة شراكة وليس علاقة تابع ومتبوع».
وأضاف «لم نقبل الإهانة من الحوثي وكان بإمكاننا أن نقبلها ونحن داخل اليمن ولذا لن نقبلها من أي جهة أخرى»، في إشارة إلى قوات التحالف العربي. وذكر مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني التابع للحكومة في عدن أن العمليات المصرفية للبنك توقفت تماما، بسبب العجز في وجود السيولة المالية، واتهم دولة الإمارات بالوقوف وراء احتجاز 197 مليار يمني من الأموال المطبوعة حديثا في ميناء عدن وعدم السماح للبنك المركزي باستلامها منذ أكثر من شهرين.
وقال مصدر سياسي لـ(القدس العربي) ان «هذه الاستقالات والتصريحات النارية غير المسبوقة من قبل وزراء بارزين في الحكومة اليمنية تكشف عن انفجار الوضع، وبلوغه حالة من الانسداد السياسي بين الحكومة اليمنية ودول التحالف».
وذكر أن الثلاث السنوات التي مضت من تحركات التحالف العربي في اليمن كانت «غير منضبطة، ويتضمنها الكثير من العبث، بل والتحرك في الاتجاه المضاد، والذي أفسد مشروع إعادة الدولة في اليمن إلى خلق مشاريع مشبوهة تضرب في جذور الدولة لصالح الانقلابيين الحوثيين مع مصالح جديدة لبعض دول التحالف التي تمارس دورا يشبه دور الوصاية، اذا لم يكن دور الاحتلال».
وعقدت الحكومة اليمنية أمس اجتماعا استثنائيا، لمناقشة التصدع الذي أصابها على خلفية موجة الاستقالات التي طالها، وشددت «على ضرورة وحدة الصف الوطني خلف الشرعية الدستورية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي».