يصادف اليوم السادس من مايو الذكرى السنوية الـ42 لتوحيد قواتنا المسلحة منذ عام 1976. وقد تزامنت هذه الذكرى الوطنية مع ما أظهرته تقارير دولية بشأن ترتيب قواتنا المسلحة على مستوى العالم، وبعد نحو 3 أيام فقط من اندلاع أزمة سقطرى التي لا تزال فصولها تتوالى تطورات ومستجدات مع تصاعد وتصعيد من الأطراف كافة.
تراجع الترتيب عالميا
سبق ذكرى توحيد القوات المسلحة بأيام قليلة فقط، صدور المؤشر العالمي لأقوى جيوش العالم لعام 2018 الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير»، والذي يتضمن ترتيب جيوش 136 دولة وفقًا لعدة معايير. وقد كان صادما للإماراتيين من جهة، ومنافيا لما يتم الإعلان عنه من تطور قواتنا من جهة ثانية، ما كشفه المؤشر من تراجع قواتنا المسلحة 5 مرتبات عالمية مقارنة مع العام الماضي.
واحتل الجيش الإماراتي المرتبة الـ65 عالميا، بعد أن كان في المرتبة الـ60 في مؤشر 2017، في تراجع آخر أيضا، كونه كان في المرتبة الـ58 لعام 2016.
وجاء هذا التراجع، رغم عدد من الصفقات الأمريكية والبريطانية والروسية والأوروبية بعشرات مليارات الدراهم، وما تؤكده قيادة القوات المسلحة من امتلاكها أحدث التقنيات العسكرية المتطورة في العالم من معدات عسكرية وذخائر ومعدات اتصال وتدريب ومناورات.
وقد تجاهل الشيخ محمد بن زايد هذا المؤشر، وقال السبت (5|5) وقبل يوم واحد من الذكرى الـ24 لتوحيد القوات المسلحة:" دولة الإمارات حريصة على امتلاك قوات مسلحة قوية وعصرية، وتوفير كل ما من شأنه دعم هذه القوات وتطويرها، سواء على مستوى التسليح أو الصناعات العسكرية أو التدريب أو التعليم والبحث العلمي".
أزمة سقطرى
في (3|5) دخلت قوات إماراتية بصورة مفاجئة، وبدون تنسيق، مع قوات الحكومة الشرعية اليمنية جزيرة سقطرى اليمنية، رغم أن التواجد الإماراتي المدني قائم في الجزيرة منذ 3 سنوات، بحسب مصادر يمنية.
غير أن زيارة رئيس وزراء اليمن وعدد من وزرائه للجزيرة، قبل عدة أيام، يبدو أنه أثار حفيظة أبوظبي والتي بدورها أرسلت نحو 100 جندي وعدة آليات مدرعة، وقامت، بحسب الرواية اليمنية، بالسيطرة على المطار والميناء بعد طرد القوات اليمنية من هذه المرافق، ورغم أن الرياض أرسلت الجمعة (4|5) وفدا إلى سقطرى لفض النزاع، إلا أن أبوظبي عززت قواتها، والوساطة السعودية لم تثمر عن أية نتائج.
كيف يرى اليمنيون الأزمة
حتى صباح (6|5) كان الموقف اليمني الرسمي غائبا، مع اشتعال الموقف الشعبي والحزبي اليمني، كما سنرى بعد قليل. ولكن بيانا صدر عن حكومة ابن دغر الأحد، اعتبر أن الإجراء العسكري الذي قامت به القوات الإماراتية مؤخراً في جزيرة سقطرى، "أمراً غير مبرر"، على حد تعبيره.
و وصّف بيان "ابن دغر" الأزمة على أنها تدور "حول السيادة الوطنية ومن يحق له ممارستها، وغياب مستوى متين من التنسيق المشترك الذي بدا مفقوداً في الفترة الأخيرة".
وأشار البيان إلى أن "أول ما قامت به القوة الإماراتية هو السيطرة على منافذ مطار سقطرى وإبلاغ جنود الحماية في المطار والأمن القومي والسياسي وموظفي الجمارك والضرائب، بانتهاء مهمتهم حتى إشعار آخر، وقاموا بذات الشيء بعد ذلك في ميناء سقطرى الوحيد".
وأكد البيان "أن الحالة في الجزيرة اليوم بعد السيطرة على المطار والميناء هي في الواقع انعكاس لحالة الخلاف بين الشرعية والأشقاء بالإمارات"
مواقف شعبية وحزبية يمنية
ولئن تأخر رد فعل الحكومة اليمنية الرسمي، بضعة أيام، فقد سبقه ردود فعل شعبية وحزبية اقتربت من رد الفعل "الخشن" كثيرا لمواجهة التواجد الإماراتي في سقطرى.
ففي أول رد فعل حكومي غير رسمي، ما قاله مسؤول يمني كبير السبت (5|5) لوكالة "أسوشيتد برس": إن تحالف اليمن الرسمي مع الامارات قد يقترب من نهايته بعد أن نشرت قواتها في جزيرة سقطرى،
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة اليمنية تعتبر إجراءات الإمارات شكل من أشكال الاحتلال، قال: "ماذا يمكن أن نسمي ذلك؟"، على حد تعبيره.
وقال المسؤول إن هناك مقترح لم يتحمس له الرئيس هادي، وهو مخاطبة الأمم المتحدة لاستبعاد الإمارات من التحالف العربي في اليمن.
وشعبيا، شهدت جزيرة سقطرى مظاهرة نسائية مناهضة للإمارات، حملت فيها المتظاهرات صور الرئيس هادي وعلم اليمن وسط ارتفاع الأصوات ” بالروح بالدم نفديك يا يمن”.
أما على مستوى فعاليات المقاومة والمقربين من حزب الإصلاح اليمني، فقد أكد وزير الشباب والرياضة اليمني ومحافظ عدن السابق نايف البكري، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: إن اليمنيين "سيصونون أرضهم وجزرهم وسواحلهم في حدقات العيون ولن يفرطوا بذرة تراب واحدة"، على حد قوله.
أما الناشطة توكل كرمان، فقد كانت أكثر حدة من البكري، وقالت: "القوات الإماراتية بمطار سقطرى ترفض السماح للحكومة اليمنية بالمغادرة، تمعن هذه الدويلة الزجاجية في إهانة اليمن العظيم ولامحيص من تعليمها الأدب، وإنهاء تواجدها في اليمن"، على حد تصريحاتها اللاذعة.
ومن جهته، قال مروان عبد الله عبد الوهاب نعمان، وهو مستشار لوزير الخارجية اليمني وسفير سابق، على صفحته في فيسبوك :" إن على الإماراتيين الغوص في التاريخ لوضع الأمور في نصابها"، وأضاف "راجعوا التاريخ السياسي لليمن وستعلمون أشياء كثيرة، تجعلكم تعيدون التفكير مرارا قبل مس أي ذرة من تراب اليمن"، على حد تعبيره. وقد اعتبر مراقبون هذه التصريحات بمثابة "تهديدات مبطنة" للإمارات.
كيف ترى أبوظبي الأزمة
بصورة عامة، في ذات مناسبة الذكرى الـ42 لتوحيد القوات المسلحة، قال محمد بن زايد: "قواتنا المسلحة هي قوة سلام واستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، ولم تكن قط في أي مرحلة من تاريخها، قوة عدوان أو بغي".
ومرة أخرى، تجاهل محمد بن زايد أزمة سقطرى، ولكنه تحدث عن دور القوات المسلحة في اليمن قائلا:" "إن الدور البطولي الذي قامت وتقوم به قواتنا المسلحة الباسلة في اليمن الشقيق، منذ بدء عملية استعادة الشرعية"، " إنما يؤكد بجلاء، ما تتميز به هذه القوات من قيم البطولة والتضحية والفداء، وما وصلت إليه من تطور وكفاءة واحترافية، ويعكس القيم الأصيلة لدولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها الوفي، في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة، والدفاع عن أمن المنطقة وتعزيز مرتكزاته، ومساندة الشعوب العربية في مواجهة ما تتعرض له من محن وأزمات".
ورسميا، سبقه وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش، قائلا عن أزمة سقطرى تحديدا: " اكتشف البعض جزيرة سقطرى مؤخرا ومن باب الطعن في التحالف العربي والإمارات، لنا علاقات تاريخية وأسرية مع سقطرى وأهلها"، على حد قوله، وقد أثار توصيف "العلاقات التاريخية" تساؤلات المراقبين.
أما عبدالخالق عبد الله، فقال في تغريدة السبت، “استيقظوا على سقطرى متأخرين، الأمر محسوم منذ زمن بعيد يا سادة يا كرام”، على حد تعبيره. وقد قابل ناشطون هذه التغريدة بالاستهجان، معتبرين أنها تدخل في الشأن اليمني.
رواية مستقلة
وبعد نشوب أزمة سقطرى بساعات، قالت صحيفة "الإندبندنت"، في تحقيق مستقل ومطول: أبوظبي قامت بضم سقطرى تحت السيادة الاماراتية وأنشأت قاعدة عسكرية وشبكة من الاتصالات وقامت بعملية إحصاء للسكان ودعت سكان الجزيرة إلى أبو ظبي بالطائرات من أجل الحصول على العناية الصحية وأذونات العمل. ويقول النقاد إن الإمارات تحاول تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية دائمة.
ونقلت الصحيفة عن فارع المسلمي الزميل في تشاتام هاوس “فاجأ الإماراتيون الجميع وأنفسهم بما حققوه عسكرياً في اليمن وكانت لديهم الحرية المطلقة للسيطرة، وأوجدوا حضوراً لهم في أي مكان يريدونه في البلد بما فيها الموانئ”.
وعليه، بحسب الصحيفة البريطانية، تجمع الإمارات بين المصالح التجارية والعسكرية في "احتلالها" لسقطرى، إذ أصبحت الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية ثالث أكبر مستورد للسلاح في العالم وواحدة من 11 دولة تحتفظ بقواعد عسكرية خارج أراضيها.
وتقول الصحيفة: بعد عامين ونصف عام لا يزال الإماراتيون في الجزيرة ولا نية لهم بالمغادرة قريباً. وتنقل "الإندبندنت" عن أحد سكان الجزيرة، عبدالوهاب الأميري، تساؤله: “لا يوجد حوثيون يمكن مشاهدتهم في الجزيرة” فـ”لماذا هم هنا؟”.
وتضيف الصحيفة: هناك شائعات تتردد في الجزيرة أن أبوظبي تخطط لعقد استفتاء على انفصال سقطرى عن اليمن وتصبح جزءاً من الإمارات، أي استفتاء على غرار ما نظمه بوتين في شبه جزيرة القرم، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية.
وعليه، تخلص الصحيفة، فإن ما وصفته بـ"احتلال" سقطرى إلى جانب تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي يسيرباتجاه تشكيل “الإمارة الثامنة التابعة”، على حد قولها.