قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، إنه في حال ثبت تدبير السعودية عملية خطف الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، فإن ذلك سيكون كارثة على ولي العهد السعودي ومأساة لبلاده ودول الخليج العربي.
وتابع فريدمان، في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز "، أنه "في السابع من نوفمبر الماضي، كتبتُ عموداً عن ولي العهد محمد بن سلمان، وختمته بالقول: أبلغني صحفي سعودي مخضرم أن هذا الرجل أنقذ السعودية من الموت البطيء، لكنه يحتاج إلى توسيع قاعدته، من الجيد أنه حرَّر بيت آل سعود من تأثير رجال الدين، لكنه أيضاً لا يسمح بأي رأي ثانٍ في قراراته السياسية والاقتصادية".
وقال: "هذا الصحفي الذي أبلغني تلك العبارات لم يكن سوى صديقي خاشقجي، الذي لا أعتقد أنه سيمانع أن أكشف اسمه الآن".
ويضيف الكاتب: "جاء جمال إلى مكتبي قبل بضعة أيام؛ لإجراء حديث طويل عن السعودية وبن سلمان.. أراد أن يعرف المزيد عن آرائي الشخصية، التي كان لجمال تأثير كبير عليها، فهو كان داخل الحكومة، ويحب بلاده، ويريد أن يراها ناجحة".
وكان خاشقجي يعتقد أن بن سلمان يمكن أن يُحدث هزة في المجتمع السعودي ويقود الإصلاحات الجذرية اللازمة، لكنه كان يعتقد أيضاً أنه يحتاج إلى الكثير من التدريب؛ لأن لديه جانباً مظلماً ومعزولاً داخل دائرة العائلة الحاكمة الصغيرة، وفق ما نقله الكاتب عنه.
ويتابع: "بعد مرور عام، عرف خاشقجي جيداً الجانب المظلم في شخصية بن سلمان، لقد أبلغني خلال لقاء بأحد شوارع واشنطن في أغسطس الماضي، أنه سيتزوج امرأة تركية، وأنه لن يتمكن من العودة إلى السعودية في الوقت الحالي، وطلب مني أن أدق ناقوس الخطر حول حملات بن سلمان القمعية والقاسية والاعتقالات التي شملت الكثيرين من اليسار واليمين والوسط".
بعد ذلك، يقول فريدمان، كتبت مقالاً في الرابع من سبتمبر الماضي، قلت فيه إنني لا أشكُّ في أن بن سلمان هو الوحيد بين عائلته الذي يمكن أن يبدأ الإصلاحات الاجتماعية والبيئية والدينية والاقتصادية الحيوية، التي تجرّأ على القيام بها دفعة واحدة، فهو الوحيد من أسرة آل سعود الذي قام بمثل هذه المبادرات السياسية القوية، وهذا نصف الواقع.
وتابع أن "النصف الآخر هو أن مهمتنا تتمثل في مساعدة بن سلمان على كبح دوافعه السيئة وتشجيع جهوده الطيبة"، ويضيف: "لم أكن أتوقع أن يعمل ولي العهد على تشكيل دولة ديمقراطية على غرار الدنمارك مثلاً، ولكن كنت أرى أن الإصلاحات الاجتماعية والدينية والاقتصادية التي يقوم بها أكثر أهمية من الديمقراطية، وكان هذا هو الأهم بالنسبة لي".
وقال الكاتب الأمريكي: "كنت مصدوماً، ولم أكن مندهشاً أيضاً، عندما التقطت الصحيفة لأقرأ أن السعودية متهمة بإخفاء خاشقجي أو قتله، في أثناء مراجعته القنصلية السعودية في إسطنبول للحصول على بعض الأوراق الرسمية. ما زلنا بحاجة إلى أدلة دامغة على صحة هذه المزاعم. آمل حقاً ألا يحدث له شيء، ولكن ما يفوح من رائحة سيئة يجعل الأمر يزداد سوءاً".
ويرى فريدمان أن مسألة إخفاء خاشقجي أو قتله على يد عملاء الحكومة السعودية ستكون كارثة على بن سلمان والمملكة وجميع دول الخليج العربي، فهذا الأمر سيمثل خرقاً عميقاً لمعايير الإنسانية.
لقد تمنى دائماً، كما يقول فريدمان، أن تنجح إصلاحات بن سلمان؛ "لأنها لو تحققت فسيكون له أهمية كبيرة واستراتيجية لمستقبل العالم العربي والإسلامي بأَسره، ولكن لو ظهر الجانب السلبي في هذا الشخص، فإنه سيشكل تهديداً للتحول المطلوب بالسعودية وليس محركاً له؛ لذلك أنا أُصلي من أجل جمال، فكل بلد يحتاج إلى ناقدين بنّائين".